♦ الملخص:
شاب مراهق وقع في حب ابنة خاله، وهي طفلة ذات ست سنوات، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
أنا شاب في التاسعة عشرة من عمري، وقعت في حب ابنة خالي، البالغة من العمر ست سنوات، نعم، قد تبدو مشكلتي غريبة، ولكن هذا ما أنا عليه؛ حيث إنني كنت دائمَ اللعب معها على أساس أنها طفلة صغيرة، وهي كذلك تحب أن تلعب معي؛ فالأطفال يحبون من يهتم بهم، وهي لديها نقص اهتمام من والديها؛ فهي بنت وحيدة ولها أربعة إخوة، ومن خلال اللعب معها، وقعت في حبها دون أن أدري، مع العلم أنها فتاة جميلة جدًّا، وهي متعلقة بي كثيرًا، وتُكثر من الاقتراب مني؛ فهي طفلة صغيرة بريئة لا تدري شيئًا من هذه الأمور، أرجو حلًّا لمشكلتي، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فيبدو واضحًا من مشكلتك الآتي:
١- أنك تُعاني من نقص عاطفي شديد، وبحاجة ماسَّة لزوجة تُسعدك وتستعفُّ بها.
٢- أن ما وقع منك تجاه الطفلة بنت خالك ليس حبًّا حقيقيًّا، وإنما هو شهوة جنسية، ووساوس شيطانية، ثارت مع الملامسة للطفلة والخلوة بها؛ لأن الحب الحقيقي إنما ينشأ عن الرغبة في الزواج أو بعد الزواج، وهذا كله متعذر لك مع الطفلة.
٣- وأنت لن تستطيع انتظارها سنوات طويلة حتى تبلغ سن الزواج، وحتى لو انتظرتها ففي ذلك الحين قد لا توافق على الزواج منك هي أو أهلها.
ولِما سبق أقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: ما دمتَ علمتَ بما سبق ذكره لك، فاحذَر أشدَّ الحذر من استمرار ما توهمته حبًّا للطفلة، وما قد يتبعه من أعمال مخلَّة وغير جائزة لك.
ثانيًا: احذر من استدراج الشيطان لك؛ فاليوم تظن أنك تحب حبًّا بريئًا، وغدًا قد تقع فيما لا تُحمد عقباه مما يكون وبالًا عليك وعلى سمعتك، وعلى كرامتك، وتدنيس عرضك بلَوكة الكلام القبيح على ألسنة الناس، فلا يقبَلُك أحد زوجًا لابنته.
ثالثًا: أنصحك نصيحةَ محبٍّ مشفق عليك وعلى الطفلة البريئة، اقطع علاقتك بها بشكل حازم ونهائي، ولا تخلُ بها أبدًا، ولا تُطلِقِ النظر إليها حتى لا تقع الفأس في الرأس؛ فتندمَ أشد الندم حين لا ينفع الندم، وتذكر أن الله سبحانه نهى عن إطلاق البصر للحرام، وهذا يعم الطفلة والأمرد والبالغة، وبيَّن سبحانه أن ذلك أزكى وأطهر للمؤمن؛ قال سبحانه: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور:30، 31].
رابعًا: من الضروري لك جدًّا المبادرةُ بالزواج في أقرب وقت تستطيعه وعدم التسويف في ذلك؛ حتى تستعفَّ وتقطع حبائل الشيطان من الوريد؛ فقد جعل الله الزواجَ سكنًا ومودة، ورحمة واستعفافًا؛ قال سبحانه: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [سورة الروم: 21].
خامسًا: استمرارك في اللعب والملامسة للطفلة، وإظهار الحب الزائد لها فيه إفساد لفطرتها السليمة، وربما إيقاعها مستقبلًا في عشق محرم لك، ومن ثَمَّ ما قد يحصل من جريمة الزنا، وضياع شرفها، وتحطيم مستقبلها، والحمل من الزنا.
فاحذر فاحذَر فاحذر، لا تكن سببًا لتعاستها وشقائها، ودعائها ودعاء أهلها عليك؛ فتُبتلَى في ذريتك بما ابتليتَها به.
سادسًا: لاحظ أن الله سبحانه عندما نهى عن الزنا لم يقل: (ولا تزنوا)؛ وإنما قال: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [سورة الإسراء: 32]؛ ليعم النهيُ والتحريم كل ما قد يؤدي للزنا؛ من خلوة وإطلاق للنظر، وغيرهما.
فكن ورِعًا وقَّافًا عند حدود الله، ولا يتلاعب بك الشيطان، وتتلاعب بك شهوتك، فيزيِّن لك الباطل، ويهونه عليك؛ واعمل بقوله سبحانه: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
حفِظك الله، وأعاذك من الفتن كلِّها، ومن فتنة الطفلة ومن إغوائها.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.