أشعر بنفور شديد تجاه خطيبي

منذ 3 أيام 23

أشعر بنفور شديد تجاه خطيبي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/2/2025 ميلادي - 17/8/1446 هجري

الزيارات: 19


السؤال:

الملخص:

فتاة خُطبت لشخص ذي خلق، يزعم أهلها أنه مثالي، لكنها لا تُكِنُّ له أي مشاعر، بل تشعر تجاهه بنفور شديد، وهي لا تريد أن تظلمه، وتسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا مخطوبة منذ خمسة أشهر، خطيبي شخص طيب وعلى خُلق، لكني لا أشعر تجاهه بأي مشاعر، بل أشعر تجاهه بنفور شديد، ولا أتقبله كزوج، مع أنه يخبرني دائمًا أنه يحبني، ويأتيني بهدايا كثيرة، وهذا النفور جعلني أركِّز في سلبياته، وسلبني القدرة على التواصل الجيد معه، أشعر أنه أناني؛ لأنه لا يسألني عن مشاعري تجاهه، أهلي يرون أنه فرصة العمر؛ لأنه شخص مثالي، وقد لا أجد مثله، أو قد يأتي إليَّ من أحبه، ولا يحبني، أنا في حيرة من أمري، ولا أريد أن أظلمه معي، وقد دخلت في حالة من الاكتئاب بسبب تلك الخطبة، فهناك شيء داخلي يرفضه، فماذا أفعل؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ أما بعد:

فحالكِ كحال الكثير من الفتيات اللائي يتقدم لخطبتهن الزوج الصالح، ويُظهِر لها من الحبِّ والوُدِّ ما يناسب رغبة الفتاة، ولكنها تبادله النقيض التام؛ فلا تقبله نفسها وعواطفها، مع أن العقل يراه الأفضل.

كما علمتُ من معلوماتكِ أن لديكِ مستوًى جامعيًّا ممتازًا، وبناءً عليه أيضًا تعملين كمدرسة.

قبل أن أبدأ بالإجابة عن استشارتكِ، أوَدُّ معرفة شيء عن خطبتكِ: هل تعرفين ولو القليل عن أحكام الخطبة؟

أنتِ قلتِ: إنكِ استعنتِ بالاستخارة مرات عديدة، ومع ذلك لم تستطيعي تقبُّله بشكل عام.

لا بدَّ لكِ أولًا - بُنَيَّتي - من معرفة دور الأهل، وحرصهم على حياة الأبناء والبنات، وعلى مستقبلهم، ولا بد من معرفة خبرتهم في الحياة، ونظرتهم الثاقبة، لمعرفة الصالح من الطالح من الأشخاص، ومن ثَمَّ إرشاد الأبناء لِما يصلح لهم.

هنا عليكِ الإثبات لنفسكِ أن والدتكِ تنصحكِ لحرصها على سعادتكِ أولًا وأخيرًا؛ لذلك لا بد من الأخذ الجاد لاهتماماتهم بعين الاعتبار.

أما ما هو سبب نفوركِ منه، فالواجب عليكِ أن تبحثي عن السبب: هل هو بسبب عدم التوافق الفكري، ولا بد لكِ هنا من الاستعانة بربٍّ كريم جبار قوي، كما لا بد لكِ من الدعاء في قيام الليل، وإعادة الاستخارة مرة أخرى مع اليقين بجدوى الاستخارة، مع تفويض الأمر لله بالأمر والتسليم لِما سيحدث، فإن استمرَّ هذا الرفض وعدم القبول بعد الاستخارة والدعاء، فهذا يعني أنه لن يكون استمرار لهذه الخطبة، وإلا سيفتح الله لكِ ساحات كبيرة من القبول.

وأيضًا يمكنكِ الاستعانة برقية شرعية تُعين على بيان سبب هذا النفور.

سؤال أيضًا: هل الخاطب صاحب دينٍ، فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا خُطِبَ إليكم مَن ترضَون دينه وخُلُقه، فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكُنْ فتنة في الأرض، وفساد عريض))؛ [رواه الترمذي: 1084].

والشاهد من الحديث هو (من ترضون دينه وخلقه)، فهل اختبرتِ هاتين الخَصلتين فيه، وتعرفتِ إلى أخلاقه، التي لا يمكن معرفتها إلا عن طريق الاختبار في مواضع معينة؟ هل اختبرتِ دينه في صلاته وباقي الأركان؟ هل سألتم عنه في محيطه العائلي والعملي؟ فعليكِ هنا - بُنيتي - الموازنة بين حسناته وسيئاته من خلال تصرفاته؛ فقد تجدين من خلال هذه الدراسة أمورًا قد غابت عنكِ، ومن الممكن أن تكون مفتاحًا يفتح باب القبول لديكِ.

أنتِ ما زلتِ بعمر يمكنكِ من الزواج المبنيِّ على أسس صحيحة، تستطيعينها من خلال كل المساعدات التي ستقومين بها أنتِ بنفسكِ.

طبعًا القرار الأول والأخير لكِ، وما قدَّره لكِ الله عز وجل مسطورٌ باللوح المحفوظ، فما عليكِ إلا تقوى الله عز وجل والدعاء المتكرر، وكوني على يقين تامٍّ أن الخير دائمًا إنما يكون فيما يقدره الله تعالى من بعد الاستخارة.

فالاستخارة ما هي إلا طلب الدليل إلى الخير ممن بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

واعلمي - ابنتي - أن الزوج الصالح رزقٌ من الله، وفضل من عنده يؤتيه من يشاء من عباده، واعلمي أن الهناء في العيش إنما يكون مع ما يرزقه الله لكِ، بل ذلك فضل من الله يؤتيه من يشاء، فتقرَّبي إلى الله إلى أن يُتِمَّ عليكِ نعمته بالزوج الصالح الذي يصونكِ، ويعرف حقكِ؛ قال تعالى: ﴿ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 32].

يا بنتي، انظري من حولكِ، فانظري ما آلَتْ إليه أحوال النساء، فحين تأخذين القرار النهائيَّ - وهو يعود إليكِ - راجعي جميع المعطيات.

وفقكِ الله لِما يحبه ويرضاه، وأعانكِ الله على اختيار القرار الصائب الذي يصلح لكِ في دنياكِ وآخرتكِ، وفي النهاية الأرواح جنود مُجنَّدة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف.

أعود وأكرر: ضَعِي في حساباتكِ جميع المعطيات، مع الاستخارة والاستشارة عن خُلُقِهِ ودينه، وهداكِ الله لِما يحبه ويرضاه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.