علاقة محرمة منذ البداية

منذ 1 سنة 343

علاقة محرمة منذ البداية


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/11/2022 ميلادي - 28/4/1444 هجري

الزيارات: 69



السؤال:

الملخص:

فتاة دخلت في علاقة محرمة تقترب من الزنا مع شابٍّ، ثم تمت الخِطبة، وحدثت مشاكل بينها وبين هذا الشاب، من إهانات وسباب، قرَّرت على إثرها الانفصال عنه، وهي تسأل: كيف تتوب؟

تفاصيل السؤال:

السلام عليكم.

أنا فتاة أسرفت على نفسها، في فترة الدراسة تعرفت على شابٍّ، كان أول ما أرسله لي أنه يريد الزواج مني، وقد كنت مترددة كثيرًا في الخروج معه، ولم أوافق إلا بعد أن علمت تديُّنَه، ومن هنا بدأت رحلتي الطويلة مع الحرام، صرت أكذب على أهلي كي ألتقي به، وحدثت بيننا تجاوزات سطحية أكثر من مرة، وكنا نتشاجر كثيرًا لأنني أرفض أن يختلي بي، ثم نعود للذنب مرة أخرى، وهكذا دواليك، وبعد مدة أتى أهله لخِطبتي، وحدثت مشاكل كثيرة بيننا من مشاجرات وتبادل للسباب، وتحول حبي كله إلى كره، وهو أيضًا، وقد كانت اعتذاراته لي كفيلة بأن ترجعني إليه، وكان إصراره عليَّ كي أرسل إليه صورًا لي بحجة أنه مشتاق إليَّ ثم ضعف إيماني - قد جعلاني أرسل إليه صوري، ومنذ شهر تشاجرنا بسبب شكِّه فيَّ واتهامه لي بالباطل، فكرهته، وقررت الانفصال عنه، فقد أهانني كثيرًا ومن إهاناته لي إخباره إياي أنه لن يتزوجني إلا لأنه وعدني بذلك، وقال عني: إنني زانية، مع أنني لم أعرف غيره، وما حدث بيننا سطحيٌّ لكننا اقتربنا من الزنا، أنا متعبة جدًّا، فرغم أنني تخلصت منه، فإني أخشى أن تكون توبتي فقط بسبب انفصالنا، وقد كنت أكره أي فتاة تخطئ مع شابٍّ، ولم أتصور نفسي يومًا أقع في الحرام، لذا فقد فكرت جديًّا في الانتحار، أريد أن أخبر أهلي ليقتلوني ويتخلصوا من فتاة تُظهر نفسها أمام الجميع أنها بريئة، وهي في الأصل شيطان، نظرة الناس إليَّ على أنني شخص جيد، تجعلني أكره نفسي؛ فأخطائي لا تُغتفر، فهل لي من توبة؟ وكيف أتخلص من تلك الأفكار؟ وهل كان عليَّ أن أقبل به لأستر نفسي، رغم أنه شتمني بكلمات نابية، ولو أنني كنت متزوجة منه، لطلبت الطلاق من فوري، أم أن تدينه قد حجزه عن الزواج بي، فلم يرضَ له الله تعالى أن يتزوج فتاة سيئة مثلي؟ مع العلم بأنني لم أقم بأي علاقة محرمة من قبل، فقد غرني تدينه ووعده لي بالزواج، وهل يجب ألَّا أفكر في الزواج من أي شخص آخر؛ بسبب أخطائي؟ أرجو توجيهكم، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فقد قرأت مشكلتكِ، وفهمتها جيدًا، فأقول مستعينًا بالله سبحانه: جواب مشكلتكِ في الآتي:

أولًا: لا شكَّ أنكِ أخطأت جدًّا، ولكن مع ذلك لا تيأسي أبدًا من رحمة الله سبحانه، وأكثري من التوبة والاستغفار، مع قوة اليقين بقبولها من الرب الرحيم الغفور، ومما يشجعكِ على ذلك أن تتأملي كثيرًا قوله سبحانه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

وقوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].

وتأملي كثيرًا قوله عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ﴾ [الفرقان: 68 - 71].

وكيف أن الله سبحانه وعد فيها التائبين من المعاصي العظيمة - الشرك والقتل والزنا - بقبول توبتهم، وبأعظم من ذلك تبديل سيئاتهم إلى حسنات، فافرحي بفضل الله.

ثانيًا: احمدي ربكِ على نعمة صرفكِ عن الشاب وصرفه عنكِ، فما دام حصل بينكما ما ذكرتِ من المنكرات، وزيادة على ذلك يسبكِ ويهينكِ، فهو رجلُ سوءٍ، وإن كان ظاهره الصلاح، فاسجدي شكرًا لله على هذه النعمة.

ثالثًا: خذي لكِ درسًا مستقبليًّا بعدم إقامة أي علاقة مع الرجال الأجانب، والخاطب الجاد سيطرق بيت أهلكِ، بل إن كثيرًا من الشباب يحتقرون من تقيم معهم علاقات قبل الزواج، ولا يرونها زوجة صالحة ولا مربية فاضلة لأبنائهم، ويخشون من علاقات لها بغيرهم.

رابعًا: استري على نفسكِ، واحذري جدًّا أن تذكري ما حصل بينكما لأي إنسان، مهما كانت ثقتكِ فيه، ولا حتى لزوجكِ المستقبل، فإنَّ مجرد ذكر ذلك يُدخل سوء الظن والوساوس الشيطانية للقلوب.

خامسًا: أكثري من الآتي:

الدعاء بالزوج الصالح.

الاستغفار.

الصدقة.

حافظي على الصلوات في أوقاتها، وأكثري من تلاوة القرآن، وحافظي على أذكار الصباح والمساء؛ فهي مجتمعة تقوي الإيمان، وتحمي من شر الأشرار.

سادسًا: أنتِ لستِ فتاة سيئة ولا شيطانة، بل فيكِ خير كثير، ربما أنكِ لا تعلمين به، ومن علاماتها ما نضحت به رسالتكِ من ألمكِ الشديد لما حصل، وأيضًا رغبتكِ في الزوج المتدين.

سابعًا: عليك بالالتزام باللباس الشرعي، وكذلك عدم الخروج خارج المنزل إلا للضرورات؛ وذلك عملًا بقوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59].

وقوله عز وجل: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33].

وهي عامة لأمهات المؤمنين ولغيرهن.

ثامنًا: احذري خواطر الشيطان التي توهمكِ أنكِ شيطانة، وأنه لا توبة لكِ، وأن الناس ينظرون لكِ نظرة تقدير لا تستحقينها، فكلها وساوس شيطانية لتحطيم نفسيتكِ، ومنعكِ من التوبة، ومن الثقة بكرم الله سبحانه ورحمته، بل إن ستر الله عليكِ هو نعمة من الله لكِ؛ فافرحي به واشكري الله، واستمري على ما أنعم به عليكِ من خير.

حفظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.