خطيبتي أخفت عني أنها قد سبقت خطبتها

منذ 1 يوم 10

خطيبتي أخفت عني أنها مخطوبة


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/2/2025 ميلادي - 4/8/1446 هجري

الزيارات: 126


السؤال:

الملخص:

شابٌّ تقدم لخطبة فتاة يحبها مرتين، فرُفض، وبعد ثلاث شهور ذهبت والدته، فوافق أهلها، ثم علِم أن سبب الرفض أولًا كان خطبتها من شابٍّ لمدة شهر، فتكلم مع هذا الشاب ليعتذر له، فنقل كلامًا على لسانه عن أم خطيبته، ففسخوا الخطبة، وقد اعتذر، ووسَّط أناسًا يعتذرون عنه، لكن بلا جدوى، ويسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

تقدمت مرتين لخِطبة الفتاة التي أُحبها، ورفضني أهلها، وبعد ثلاثة أشهر، تقدمت والدتي فوافقوا، ثم إنني اكتشفت – بعد أن أُرسلتْ إليها رسالة من شابٍّ مجهول – أنها كانت على علاقة رسمية مع هذا الشاب المجهول، لكنها لم تكتمل، ثم علمت أنه كان متقدمًا إليها، واستمرت خطبتهما شهرًا، ثم كانت خِطبتي، وقد سألت أحد الشيوخ فذكر لي أنه لا ذنب عليَّ، لكن عليَّ أن أذهب إلى الخاطب الأول، وأخبره بأنني لم أكُن أعرف، ولما كلمته، أوقعني في كلام قالته أمُّ خطيبتي، ولم أتوقع غدرًا، فأخذ كلامي وزاد فيه، وأوصل لعمَّتها الكلام، ففُسخت الخِطبة، وقد اعتذرت، وأرسلت من يعتذر، فقالت أمها: ولو كان آخر رجل في الدنيا، فما الحل؟ وهل هناك أمل؟ كل المكالمات معي مسجلة، فهل أحاول في الأمر مرة أخرى، أو أسكت وأفوِّض أمري إلى الله؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين أن مَنَّ علينا بشهر الصيام؛ شهر الرحمة والمغفرة، والتوبة والعودة إلى تقوى الله عز وجل، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم؛ أما بعد:

فإن الشريعة الإسلامية لم تترك لنا صغيرة ولا كبيرة إلا بيَّنت حكمها الشرعي، ولله الحمد، خاصة في باب النكاح (الزواج) والطلاق.

ومن مقدمات النكاح الخِطبة، وهي باب القصيد؛ لذلك سأُبيِّن لك الحكم الشرعي للخطبة عمومًا، كما سأبين لك حكم الشرع في خِطبةٍ على خِطبةٍ، وأيضًا جزاء من يفعل ذلك في الدنيا.

أولًا: الفتاة التي تقدمت لخِطبتها مرتين، والمقابل لطلبك رفض الأهل، ولكن بعد ثلاثة شهور تقدمت والدتك لخطبتها وتمت الموافقة، المهم فهِمت من استشارتك أنك بعد ثلاثة شهور أيضًا تفاجأت أن خطيبتك في الأصل كانت مخطوبة لشخص قبلك، وأنك سألت شيخًا، وكان ردُّه الذهاب للخاطب الأول.

المهم تمت هنا مؤامرة عليك، وتم فسخ الخطوبة، وسؤالك: هل تعود إليها مرة ثانية، أم تفوض أمرك لله؟

بناءً على ما تقدَّم أُلاحظ أن هناك جهلًا بأحكام الخطبة عمومًا، والخطبة على الخطبة خصوصًا.

وحتى تأخذ القرار الصائب سأُبيِّن لك هذه الأحكام، وبعدها خُذِ القرار الذي تجده لصالحك في الدنيا والآخرة، فمن أجل بناء أسرة وزواج على أسس صحيحة، شرع لنا الإسلام الخِطبةَ، وأحاطها بمجموعة من الأحكام، وتعريفها: الدعوة إلى التزويج، ويأتي معنى الخطبة في اللغة، والشرع واحدًا؛ فهي لغةً وشرعًا: التماس الخاطب النكاح من جهة المخطوبة؛ [الرملي، نهاية المحتاج، ج6، 202].

فالخطبة كما نصَّ العلماء هي: سؤال الرجل المرأة أمرًا وشأنًا في نفسها، وهي الذكر الذي يُستدعَى به إلى عقد النكاح، فالخطبة ليست عقدًا، وإنما هو وعد بعقد الزواج.

وحكم الخطبة مما لا خلاف فيه بين الفقهاء أن الخطبة ليست واجبة، خلافًا لداود الظاهري الذي يرى وجوبها.

ومما يدل على عدم وجوب الخطبة قوله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي لم يجد خاتمًا: ((زوجتكما بما معك من القرآن)).

جاء في الموسوعة الفقهية، ج19، ص119: "بل الحكم هو الاستحباب إذا كان الزواج مستحبًّا، وهذا ما نصَّ عليه صاحب أسنى المطالب إذ يقول: وتُستحَبُّ الخِطبة لمن يُستحَب له النكاح".

ومما اختُلِفَ فيه بين الحنفية والشافعية أن حكم الخطبة تابع لحكم النكاح؛ لأنها وسيلة إليه، إن كان حرامًا فحكمها حرام، وإن كان مكروهًا فمكروه، وإن كان مباحًا فمباح.

أما حكم الخطبة على خطبة الغير، فليس فيها خلاف بين الحنفية والشافعية في حرمة الخطبة على خطبة الغير إذا كانت المرأة أو وليها قد اتفقوا على الخطوبة، وكذلك لا خلاف بينهما في جواز الخطبة في الحالات الآتية:

1- إذا صرح للخاطب الأول بالرفض.

2- إذا أذِن الخاطب الأول للخاطب الثاني بالتقدُّم لخطبة الفتاة.

3- إذا لم يعلم الخاطب الثاني بأن المرأة مخطوبة للغير ولم تخبره المرأة بذلك؛ [ينظر: الإمام الكاساني، بدائع الصنائع، ج3، ص233، الإمام السرخسي، المبسوط، ج15، ص76-77، أبو جعفر الطحاوي، شرح معاني الآثار، ج3، ص6، الشافعي، الأم، ج5، ص42].

ففي الحديث عن مالك، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه))؛ [الموطأ رقم: 1635].

ودلالة: (لا يخطب على خطبة أخيه) النفيُ الذي هو بمعنى النهي على المنع، وهو أبلغ من صريح النهي.

ففي حال التراضي والاتفاق على صَداقٍ واحد معلوم، وقد تمَّ التراضي في الخطبة الأولى، فهو المنهي عن خطبة الغير، على عكس إذا كانت لا تفكر وتقدم لخطبتها آخر؛ لذا عليك أن تسأل: هل تمت خطبتها بهذه الشروط؟ فيكون النهي عن خطبتك لها، فهنا إن أردت الاستفسار عن هذا الأمر؛ فقد جاء في حديث رواه البخاري عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر: ((حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذَن له الخاطب الأول))؛ [رواه البخاري: 5142، كتاب النكاح، باب: لا يخطب على خطبة أخيه حتى ينكِحَ أو يَدَعَ].

وبناء عليه إذا تقدَّم الخاطب الأول، ورَكَنَتْ إليه بأن تراضيا أو اتفقا على صَداقٍ، واشترطا، فإن ذلك يمنع الخطبة على هذه الخطبة.

أما إذا لم يركنا، ولم يتوافقا على صداق، فلا مانع من خطبتك لها مع خطبته هو لها أولًا.

وتأكد من جميع هذه الأمور أولًا.

ثم أُقدِّم لك نصيحة اللجوء إلى الاستخارة، والاعتماد عليها في اتخاذ القرار.

استخِرِ الله عز وجل، وعُدْ وتعلَّم أحكام الشرع في أحكام الخطبة، وتأكد من أحكام النكاح، واعرف أيضًا هدفك من الزواج، وضَعْ جميع هذه الأمور نُصْبَ عينيك، مع الدعاء لله عز وجل في قيام الليل، والاستخارة هي باب القصيد؛ فالله وحده عالم الغيب والشهادة والعالِم بحالك، وتأكَّد أنه لو كُتبت لك هذه المخطوبة كزوجة لك، فستتم الخطبة، ولكن عليك بالصبر والتأنِّي وحل الخلافات، ثم توكل على الله، وفي الختام: ما قدَّره الله لك سيكون.

وفَّقك الله لِما يحب ويرضى، مع أهمية إصلاح أمرك مع ولي الأمر، ففي حكمه أيضًا مصلحة للمخطوبة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.