شوهت سمعتي بين أهلي

منذ 1 سنة 336

شوهت سمعتي بين أهلي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/12/2022 ميلادي - 9/5/1444 هجري

الزيارات: 34



السؤال:

الملخص:

فتاة كانت تشرَب الخمر والحشيشة بفعل صُحبة السوء، ولم تجدْ لها سندًا سوى ابن خالها، فذهبت وشرِبت معه، لكنها فوجئت بأنه فضَحها، وشوَّه سمعتها عن العائلة، وتسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أعلم أن كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوابون، قصتي بدأت بعد وفاة أمي، فقد عرفت صاحبة سوءٍ، وسكنت معها، وبدأت شرب الخمر والحشيش، في يوم شربت كثيرًا، وكنت مستاءة، وليس لي إخوة يقفون بجانبي، فقررت – بدلًا من أن أخطئَ مع شخص غريب - أن أتكلم مع ابن خالي؛ كونه كان يشرب أيضًا، وحسبته سيكون لي سندًا ومعينًا، لكني تفاجأت عندما سمعت أنه قد تكلم عني بالسوء وسط عائلتي، وذكر أني أريد خراب بيته، وكأنه ملاك، وذلك ليس صحيحًا؛ فهو بنفسه من اشترى لي المشروب يومها، وحاول التمادي معي، وأنا كنت بحاجة فقط إلى سند وشخص يفهمني، وقد تبت والحمد لله، أصلِّي وأقرأ القرآن، ولكني مؤخرًا فقط اكتشفت سبب قطيعتهم معي، وعلِمتُ ما قاله عني لهم، لا يمكنني الحديث عن الأمر؛ لأن الشخص الذي قال لي، استحلفني ألَّا أتكلم في الموضوع، أعلم أن الله وحده من يغفر الذنوب، وأنه في بعض الأحيان ليس بوسْعِ الشخص أن يغير آراء الآخرين فيه، ولكني أشعر بالظلم والحزن؛ لأنني قد تُبْتُ حقًّا، ولا أفهم لماذا وضعني الله في هذا الموقف الذي لا رجعة منه، جدتي مريضة، وتريد رؤيتي، ولكنها خائفة أن أحدًا منهم يراني عندها، وأنا لا أستطيع الذهاب أيضًا وأرى نظراتهم، وأنا على علمٍ بما قيل في سمعتي وشرفي، أرجو نصحكم، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فحل مشكلتكِ هو:

أولًا: صدق التوبة مع الله سبحانه، والتوبة الصادقة هي ما تضمنت الآتي:

الندم.

العزم.

الإقلاع.

ثانيًا: وإذا صدقت مع الله، فأبشري بالخير؛ فإن الله سبحانه وعد التائبين الصادقين بقبول توبتهم؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110].

ثالثًا: ثقي أن الناس إذا رأوا منكِ صدقًا وصلاحًا فسيخبر بعضهم بعضًا بما رأوا، وسيذكرونكِ بالخير، لكن قد يتأخر ذلك بعض الشيء؛ ابتلاءً وامتحانًا لكِ.

رابعًا: ولذا لا تيأسي، بل لازمي التوبة والاستغفار، واهجري تمامًا كل الرذائل وأصحابها، وكل ما قد يؤدي لها.

خامسًا: سمعتكِ الملطخة بمقالة السوء قد تحتاج لوقت - ربما يقصر أو يطول - لتتحسن عند الناس؛ لذا لا يكنْ همكِ الأكبر هو كسب السمعة الطيبة عند الناس، بل ليكن همكِ الأعظم هو رضا الله سبحانه عنكِ بصدقكِ وإخلاصكِ، وإذا رضي الله عنكِ، أرضى عنكِ الخلق وحبَّبكِ إليهم؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم: 96]، والود هو القبول في قلوب الناس؛ وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ((إذا أَحَبَّ اللهُ تعالى العَبْدَ، نَادَى جِبْرِيلَ: إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ فلانًا، فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يحِبُّ فلانًا، فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ القَبُولُ في الأرضِ))، وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللهَ تعالى إذا أَحَبَّ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فقال: إني أُحِبُّ فلانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثم ينادي في السَّمَاءِ، فيقول: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فلانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرضِ، وإذا أَبْغَضَ عَبْدًا دَعَا جِبْرِيلَ، فيقول: إني أُبْغِضُ فلانًا فَأَبْغِضْهُ. فَيُبْغِضُهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ ينادي في أَهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يُبْغِضُ فلانًا فَأَبْغِضُوهُ، ثُمَّ تُوضَعُ له البَغْضَاءُ في الأرضِ))؛ [صحيح، متفق عليه، الرواية الأولى لفظ البخاري، والثانية لفظ مسلم].

سادسًا: قد يبتليكِ الله بشيء من إعراض الناس عنكِ، وسوء الظن بكِ ابتلاءً وامتحانًا وتكفيرًا لخطاياكِ السابقة؛ فلا تيأسي أبدًا من رحمة الله، ولا يُصيبنَّكِ اليأس والقنوط، فتقولي: لماذا الله يفعل بي كذا وكذا؟ الله أرحم بكِ من والديكِ، ولن يخيبكِ إذا صدقتِ وأخلصتِ التوبة، وستجدين بإذن الله العاقبة الحميدة فوق ما تتصورين، فاثبتي وتذكري أن الله سبحانه يبتلي لحكمة، ويمنع لحكمة، ويرزق لحكمة، فآمني بحكمة الله عز وجل.

سابعًا: أكثري من العلاجات الشرعية المهمة جدًّا عظيمة الأثر؛ وهي:

الدعاء.

الاستغفار.

الاسترجاع.

الصدقة.

ثامنًا: قد يأتيكِ الشيطان أو شياطين الإنس (جليسات السوء) بوساوس اليأس والدعوة للعودة للمنكرات، فإياكِ إياكِ من الاستجابة لهم؛ فهي قاصمة الظهر والدين والقاضية تمامًا على سمعتكِ.

تاسعًا: أوصيكِ بالمحافظة على الصلاة في أوقاتها، والإكثار من تلاوة القرآن والذكر، خاصة أذكار الصباح والمساء؛ فهي مجتمعة مقوية للإيمان، وسدود منيعة على وساوس الشياطين؛ قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

وأعظم الذكر هو الصلاة وتلاوة القرآن.

عاشرًا: إياكِ والفراغ التام؛ فهو محزنة ومجلبة للوساوس الشيطانية، ولذا فاشغلي نفسكِ مع العبادات السابقة بعلم ينفعكِ، وبمجالسة الصالحات والالتحاق بحلقات القرآن.

حفظكِ الله، ورزقكِ توبة صادقة، وصرف عنكِ تثبيط المثبطين، ووساوس الشياطين.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.