♦ الملخص:
شاب متزوج، علِم أن زوجته كانت على صلة بشابٍّ آخر في أثناء الخِطبة، وقد سافرت معه خمسة أيام، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
كانت زوجتي على علاقة بغيري في أثناء مدة الخِطبة، وقبل زواجنا بشهر سافرت معه خمسة أيام، وكذب أهلها عليَّ وقالوا لي: إنها خُطفت على يد عصابة؛ تريد المال، وبعد الزواج، لم يطمئن قلبي، ولما بحثت في الأمر، علمت أنها تحب شخصًا آخر، لكنها تقول: إنها تابت إلى الله، وإن كل ابن آدم خطَّاء، أنا غير سعيد، فكلما تذكرت كذبها وكذب أهلها، غضِبتُ، أشيروا عليَّ، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص رسالتك هو:
١- خطبت فتاة كانت تُحب شابًّا آخر، وتكلمه أثناء فترة الخطبة، ولم تكن تعلم بذلك.
٢- قبل الزواج بشهر ذهبت مع هذا الشاب إلى مدينة أخرى لمدة خمسة أيام، وادَّعت هي وأهلها أنها مخطوفة من عصابة بداعي طلب المال.
٣- وبعد التحري من قِبلك ثبت كذبها وكذب أهلها عليك، وأنها ذهبت مع هذا الرجل برغبة منهما.
٤- وبررت موقفها بأنه ليس هناك من لا يخطئ، وأنها تابت من فعلها هذا.
٥- تقول: إنك تزوجتها منذ عام مضى، ولكنك غير سعيد، وكلما تذكرت كذبها وكذب أهلها عليك، تغضب.
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: لا شك أنها أخطأت هي وأهلها مرتين:
الخطأ الأول: ذهابها مع رجل أجنبي عنها لمدة خمسة أيام، وهذا أمر محرم عليها من جهة الخلوة بالرجل الأجنبي، ومن جهة السفر بغير مَحْرَمٍ، وخلوتها برجل أجنبي عنها ليست أي خلوة، بل أشدها؛ ففيها سفر مع غير محرم ونوم معه؛ والنبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى قال: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم))؛ [متفق على صحته]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم))؛ [متفق على صحته].
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن الشيطان ثالثهما))؛ [خرجه الإمام أحمد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه بإسناد صحيح].
الخطأ الثاني: الكذب بادعاء اختطافها؛ ولذا عليهم جميعًا التوبة الصادقة من هذه المنكرات التي وقعوا فيها، ومن غشِّهم لخطيب ابنتهم.
ثانيًا: تقول: إنها بررت فعلها بأنه ليس هناك من لا يُخطئ، وأنها تابت، أقول: خطؤها عظيم ومنكر، والكذب عليك منكر آخر، ومع ذلك أقول: مسألة قبول اعتذارها أو عدم قبوله ترجع لك أنت على وَفق معرفتك لمدى صدقها من عدمه.
ثالثًا: تقول: إنك لست سعيدًا، وكلما تذكرت كذبها وكذب أهلها، تغضب، فأقول: أمرك عجيب جدًّا جدًّا؛ فالأولَى أن تغضب أشد لفعلها المشين المحرم شرعًا، وليس لمجرد الكذب عليك، فكأنك بغضبك هذا تنتقم لنفسك فقط، ولا تغار على زوجتك، ولا تهتم بما قد يكون حصل بينها وبين رجل أجنبي عنها.
رابعًا: المؤمن مطالب بتعظيم شعائر الله وتعظيم حرماته؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30]، وكما قال عز وجل: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].
خامسًا: النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغضب لنفسه، بل يشتد غضبه إذا انتُهكت حرمات الله تعالى.
سادسًا: لا أقول لك: لماذا تغضب من كذبهم عليك؟ فلك الحق في ذلك وهم آثمون، ولكن أقول: ليكن غضبك لانتهاك حرمات الله تعالى أشد من غضبك لنفسك.
حفِظك الله، ووفَّقك لكل خير، ورزقك تعظيم شعائر الله سبحانه وتعظيم حرماته.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.