أبي لا يوقر العلماء

منذ 1 يوم 22

أبي لا يوقر العلماء


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/4/2025 ميلادي - 16/10/1446 هجري

الزيارات: 84


السؤال:

الملخص:

طالب علم يشكو أباه الذي لا يوقِّر العلماء، وهو يعلم أن فساد الآباء ينتج عنه فساد الأبناء، ويسأل: ماذا جَنَت يداه كيلا ينتفعَ بعلمه بسبب أبيه؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد قرأت في بعض الصفحات أن صلاح الآباء يؤثر في صلاح الأبناء، وفساد الآباء ينتج عنه فساد الأبناء، سؤالي: ماذا يفعل طالب العلم الذي يوقِّر العلماء، إن ابتُلِيَ بوالد لا يوقِّرهم، فهل سيؤثر ذلك في علم الابن، حتى إن كان يكره ذلك من أبيه، لكن لا طاقة له به؟ فما ذنب هذا الابن إن لم ينتفع بعلمه؛ من أجل أفعال أبيه؟ أليس يقول الله تعالى: ﴿ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ[غافر: 31]؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، نبي الرحمة، خير خلق الله أجمعين؛ أما بعد ابني الطيب:

فقد قال ربك الحق: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ﴾ [الكهف: 82]، فهنا حفِظ الله الكَنزَ إكرامًا لصلاح الوالد، فصلاح الوالد ينفع الابن، نعم لا شك، ولكن فساد الوالد – مثلًا - هل يضر الابن؟

بالطبع لا؛ لأن سيف الله المسلول خالدَ بن الوليد أبوه رأس الكفر، الوليد بن المغيرة؛ الذي قال الله عنه: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾ [المدثر: 26]، فمهما كان والدك من العوام لا يعرف حق العلماء، فلا أثر لذلك عليك، بل عليك الصبر عليه والدعاء له، وفي الواقع ليس عليه ذلك؛ لأنه لم يتلقَّ على أيديهم، ومن غير الضروري أن يمجِّدهم كما يفعل الطلاب، ونصيحة لا تمجد عامة، احترمه وادعُ له، لكن لا تمجِّده، فذاك نبي الرحمة نسميه عبدالله ورسوله، والحي لا يأمن الفتنة، كن معتدلًا في كل أمور حياتك.

فذنب والدك لا شأن لك به؛ قال جل وعز: ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164]، وقال سبحانه: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]، انجُ بنفسك، وادعُ لوالديك، ولا تتوقع منها شرًّا أبدًا.

أما عن معاملتك لوالدك، وشأنك معه، فقد فرض الله عليك ذلك؛ قال تبارك اسمه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴾ [الإسراء: 23]، فمن وقَّر العلماء، واستصغر والديه، فلا خير فيه، كبِّرهم في عينك وقلبك، واعلم أن رضاهما هو الأصل، فالعالم مجرد قدوة لا ينفق عليك، وأمثاله كُثُرٌ، أما والدك فلا مثيل له.

فلا تتعالَ بعلمك وتوقيرك للعلماء على أبيك، فإنَّ الله قد جعله سببًا لوجودك، ولولا دعمه ما عرفت العلم ولا العلماء.

واحفظ هذه الآية تعلَمْ قدر والديك؛ فقد ذكر الله برَّهما بعد توحيده مباشرة؛ لبيان عظيم قدرهما: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15].

تحلَّ بالصبر والتأمل، ورُدَّ كل قول لكتاب الله وسنة نبيه، قبل أن تتأثر به نفسيًّا، وأقلع عن كل من يدَّعي العلم حولك، واتبع العلماء الربانيين الذين ينقلون عن الله ورسوله، وهضموا السنة ومعانيها ودلالتها، ولهم قدرة على الإسقاط على الواقع.

هدى الله قلبك، ورزقك برَّ والديك، وامتنَّ عليك برضاهم، قبِّل قدم والديك، وإن كانا مشركين كل صباح، تَنْقَدْ لك الدنيا، ويتسع صدرك، ويفتح الله عليك أبواب العلم الصحيح، وكل أبواب الخير الأخرى.