♦ الملخص:
امرأة تشكو زوجها الذي أصبح يتعاطى الحشيش؛ فأهمل بيته وأولاده، وصلاته، وأثَّر ذلك في صحته، وتسأل: ماذا أفعل؟
♦ التفاصيل:
كانت أموري مع زوجي على خير حال، غير أنه منذ أربعة أشهر تغير حاله؛ إذ أصبح يدخن الحشيش؛ فأهمل صلاته، وأهملني، وأهمل الأطفال، وأصبح سريعَ الغضب، يقضي أغلب أوقاته خارج البيت، وتكون ضربات قلبه غير منتظمة، وأصبح ضغطه مرتفعًا، وهو لا يعلم أني على علمٍ بتدخينه الحشيش، فماذا أفعل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فمشكلتكِ واضحة جدًّا؛ ولذا أقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: أعظم علاج لوضع زوجكِ هو الدعاء بإلحاح، خاصة في أوقات الإجابة؛ مثل: آخر الليل، ووقت السجود، وبين الأذان والإقامة، وآخر الصلاة؛ فالله سبحانه طلب منا الدعاء، ووعدنا بالإجابة؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].
وقال تعالى: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].
وقال: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
فكم بالدعاء الصادق هُدِيَ من إنسان! وكم فرجت من كربة كانت مستعصية على أهلها!
لكن نحتاج أثناء الدعاء قوةَ الإيمان واليقين بعظمة الله سبحانه، وقدرته على كل شيء.
ثانيًا: الاسترجاع علاج عظيم الأثر، ويدل لعظمة الاسترجاع وأثره الناجع الأدلة الآتية:
قول الله سبحانه: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].
وفي الحديث قالت أم سلمة رضي الله عنها: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله: ﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156]، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم))؛ [رواه مسلم].
ثالثًا: أكثري من الاستغفار؛ فهو علاج عظيم، وسبب قوي لتفريج الكرب والرزق؛ كما قال سبحانه: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].
رابعًا: ادعي ربكِ كثيرًا أن يعينكِ على حسن مناصحته بالحكمة واللين، وأن يعينه على القبول، ثم اجلسي معه جلسة مصارحة، ومناصحة برفق وحكمة، وأظهري له القول بأنكِ تحبينه جدًّا، وتحبين له الخير، وأَثْني على ما فيه من صفات طيبة، ثم انصحيه بهدوء، وذكِّريه بحرمة تعاطي المخدِّرات، وبآثارها المدمِّرة للدين وللعقل والمال.
خامسًا: اعلمي يقينًا أن السبب الرئيس لولوج زوجكِ عالمَ المخدرات والتساهل بالصلاة هو جلساء السوء؛ ولذا فابذلي ما تستطيعين لصرفه عنهم، وصرفهم عنه، وأعظمها الدعاء له، ثم محاولة تعريفه على الجلساء الناصحين، وإبعاده عن جلساء السوء، وقد تحتاجين في ذلك لمساعدة إخوانكِ، أو إخوانه، أو زملائه في العمل، إن كانوا مستقيمين.
سادسًا: ابحثي في المواقع الموثوقة في الإنترنت؛ ففيها إرشادات لمعالجة المدمنين؛ لعلكِ تستفيدين منها.
سابعًا: إن كان في بلدكم جهات رسمية تقوم بالمعالجة من الإدمان، فلعل من المستحسن مراجعته لهم.
ثامنًا: ما ذكرتِهِ من عصبيته نتيجةٌ طبيعية لشرِّ التعاطي، وللتساهل بالصلاة أو تركها؛ ولذا فلا بد من مزيد عناية بنصحه بالمحافظة على الصلاة، ويُبيَّن له حكمها؛ ويُذكَّر بقول النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي سفيان، قال: سمعت جابرًا يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن بين الرجل وبين الشرك والكفر تركَ الصلاة))؛ [رواه مسلم].
وبالحديث عن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر))؛ [صحيح، رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد].
تاسعًا: قد تقومين بتصويره وهو يتصرف بتصرفات غير لائقة، ثم تطلعينه عليها وقت صحوته من تأثير المخدِّر؛ ليعلم مدى جنايته على نفسه وبيته.
عاشرًا: قد ترسلين له مقاطع يوتيوب توثِّق الحالة المزرية للمتعاطين، وتوثق الآثار المدمرة للتعاطي على العقل.
حادي عشر: قد ترسلين له التقارير الطبية الصادرة من جهات طبية عالمية عن تأثيرات المخدرات على الصحة والعقل.
ثاني عشر: فإنْ بعد هذه الجهود كلها وجدتِ منه قبولًا وتحسنًا، فالحمد لله، وإن وجدت صدودًا وعنادًا، فيمكن استعمال سلاح آخر؛ وهو الذهاب لأهلكِ والتظاهر بطلب الطلاق، إن لم يحافظ على الصلاة، ويترك الإدمان، ولا ترجعي بيتكِ إلا بشروط تُكتب ويُوقع عليها، ويشهد عليها شهود من أقاربه، ومن أقاربكِ، ومنها محافظته على الصلاة، وتوبته من الإدمان.
حفظكما الله، وهدى الله زوجكِ، وشفاه، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.