خطيبي كان على علاقة بفتاة أخرى

منذ 1 سنة 435

خطيبي كان على علاقة بفتاة أخرى


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/12/2022 ميلادي - 17/5/1444 هجري

الزيارات: 24



السؤال:

الملخص:

فتاة خُطبت لشخص مشهور بسمعته الطيبة وأخلاقه الحسنة، لكنها علِمت أنه كان على علاقة بفتاة أخرى وخرَجَا معًا، فلما واجهته أنكر، هو متمسك بها، وقطع علاقته بالأخرى قطعًا باتًّا، لكنها فقدت ثقتها فيه، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا فتاة في التاسعة والعشرين من عمري، درست الطب، الحمد لله أحفظ القرآن الكريم، ودرست علوم السيرة والحديث، ولديَّ مكانة في مجال العمل الخيري والمجتمعي، وكنت أدعو الله أن أرتبط بشابٍّ يتقي الله فقط؛ لأحقق حلمي بتكوين أسرة وأطفال، تقدَّم إليَّ شاب طبيب، شهِد كل من في محيطه بسمعته الممتازة، وأخلاقه العالية، لكني لاحظت أنه غير متدين، فأحرجته بموضوع الصلاة، وفعلًا صار يصلي - على حد قوله - وقال لي: إنه ليس لديه علاقات سابقة؛ لذلك سيجد صعوبة في التعبير عن مشاعره لي، صليت الاستخارة بصورة يومية، وكنت أشعر بالانقباض بين الفينة والأخرى، لكن حسب ما قرأت لا قيمة لذلك، واعتمدت على معارفنا وسؤالنا عنه، وكانت الردود كلها إيجابية، وعلى اعتبار حسن خُلُقِه وظاهر التزامه، تجاوزت عن شكله الذي أجده عاديًّا جدًّا، وكذلك عن وضعه المادي الضعيف جدًّا؛ كما يقولون: "نشتري رجلًا"؛ فقبِلت به، ثم إنني كنت أذكر لصديقة لي أن خِطبتي قريبة، وسألتني عمن خطبني، فسميتُه، فأخبرتني أنه على علاقة بصديقتها منذ ثلاث سنوات، على سبيل التسلية لا الجدية، وأنهما يخرجان معًا؛ فما كان مني إلا أنْ طلبتُ لقاءه وواجهته، لكنه أنكر وكذب مرارًا، حتى أتيته بإثبات أعطتني إياه صديقتي، فاعترف أنه التقاها مرة واحدة، وأنه لم يدعُها قط، إنما هي من كانت تدعوه، لكن ما رأيته وسمعته من إثباتات كان غير ذلك؛ حيث كان هو من يدعوها، ويبادر بالكلام، وطلبت إليه مرارًا أن يصدُقَني القول؛ حتى أستطيع أن أسامحه، لكنه غضب؛ لأنني كذَّبتُه، وتعلل بأنه كان يظن أن كلامه عندي ثقةٌ، والآن يعتذر دون أن يقول الصدق، ويقول: إنه لا يحتمل أن يخسرني، وقد يقتل نفسه أو يخرج من البلاد إن أنا تركتُهُ، وأنا أجد صعوبة شديدة في أخذ قرار الانفصال، رغم أن الجميع نصحني بذلك، ولديَّ أمل بأن يهتديَ ويتغير، لكن لا أدري إن كان ما أؤمل صحيحًا أم وهمًا، عرفت يقينًا أنه قطع علاقته بتلك الفتاة، لكن لا أعرف كيف أصدقه في أمور أخرى، أتعبتُ نفسي وأهلي بحيرتي، ولا أستطيع أن أحسم قراري، أخشى إن انفصلت عنه أن أكون قد أضعتُ فرصة الارتباط بشخص في نفس عمري ومجالي، وراغب بي، وأخشى إن بقيتُ معه أن أجِدَ من خُلُقه ما لا أعرفه، فلا أتحمل، ويؤول الأمر إلى الانفصال؛ فأكون قد ظلمت نفسي، أصلي الاستخارة كل يوم ومع ذلك لا أجد في نفسي دافعًا أو قوة، لا للقبول ولا للرفض، فهل حقًّا كل الخطاب كاذبون؟ كيف نعرف حقيقتهم؟ أرجو منكم النصيحة أو أن تذكروا لي دعاءً معينًا يخلصني من حيرتي، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

١- تقدم لكِ شاب يُثنى عليه.

٢- وجدتِه لا يصلي، فنصحتِه بالصلاة، فقال: إنه حافَظَ عليها.

٣- اكتشفتِ أن له علاقة بإحدى البنات، وأنكر ذلك، ثم اعترف بعد مواجهته بالإثباتات.

٤- استخرتِ في الزواج منه، وبعد الاستخارة شعرتِ بالانقباض منه، وقرأتِ أنه لا قيمة لانقباضك.

٥- في البداية تقولين: إن الجميع أثنَوا عليه، وفي آخر رسالتكِ تقولين: إن الجميع نصحوكِ بتركه، وهذا تناقض عجيب، فما الذي غيَّرهم، هل بلغهم عنه سوء؛ فتغيرت نظرتهم له؟

٦- تقولين: لديكِ أمل بأن تصلح حاله ويهتدي، ولكنكِ لا تعرفين هل أملكِ صحيح أم أوهام.

٧- تقولين: إنكِ تخشين إن تركتِهِ أن تكوني أضعت فرصة ثمينة، وإن قبلتِ به أن تجدي من أخلاقه ما لا تعرفينه؛ فيؤول الأمر إلى الطلاق.

٨- وتقولين: إنكِ تستخيرين فيه، فلا تجدين دافعًا للقبول، ولا دافعًا للرفض.

٩- وتسألين: هل حقًّا كل الخطاب كذابون؟ وكيف تعرفين حقيقتهم؟

١٠- وأخيرًا تسألين عن نصيحة معينة، أو دعاءٍ يساعدكِ على حل مشكلتك.

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: يوجد عبارات متناقضة في رسالتكِ منها أنه يُثنى عليه، ثم بعدها وجدتِه لا يصلي، ثم بعدها نصحتِه بالصلاة، فأخبركِ بمحافظته عليها، ثم بعدها وصفتِهِ بأنه ملتزم، ثم بعدها وجدتِهِ على علاقة بفتاة أخرى، ثم بعدها نصحكِ مَن كانوا يثنون عليه ويحثونكِ على القبول به - نصحوكِ بتركه...

هذه التناقضات بمجموعها تثير العديد من التساؤلات، وبالأصح من التوجُّسات؛ ولذا أنصحكِ ألَّا تقدمي على الموافقة، إلا بعد التثبت من استقامته وحسن وخلقه، وبعد الارتياح في الاستخارة.

ثانيًا: ما وجدتِهِ بعد الاستخارة من الانقباض والتردد له اعتباره؛ فالاستخارة ما شُرعت عبثًا، وإنما شُرعت لِحِكَمٍ عظيمة، وما قرأتِهِ من أنه لا قيمةَ لِما يجده الإنسان من الانقباض بعد الاستخارة غير صحيح؛ فالاستخارة توحيد ودعاء وتوكل على الله سبحانه، ومن لجأ لله بصدق لا يخيبه؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186].

ثالثًا: المستخير يكون بأحد الأحوال الآتية، بشرط أن يستخير بتجرد كامل، وتفويض كامل للأمور لله سبحانه؛ وهذه الأحوال هي:

١- أن يستخير ويرتاح ويقدم ويتيسر الأمر، فهذه في الغالب خير للمؤمن.

٢- أن يستخير ويرتاح، ولكن الله سبحانه يصرف عنه ما يريد، فيكون الارتياح ابتلاء وامتحانًا، وعدم التيسير هو الخير.

٣- أن يستخير ولا يرتاح، وهذا أيضًا في الغالب خيرٌ، فعلى المستخير الانصراف.

رابعًا: لا يمكن أن يُعلِّم النبي صلى الله عليه وسلم صحابته الاستخارة، وهي عبث أو لا قيمة لنتيجتها، هذا محال؛ فعنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يَقُولُ: ((إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكِ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكِ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكِ مِنْ فَضْلِكِ العَظِيمِ، فَإِنَّكِ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكِ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي به، قَالَ: وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ)).

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء:

"ويشرع بعد ذلك – أي الاستخارة - أن تستشير من تثق به من أهل النصح والخبرة، ومتى انشرح صدركِ لأحد الأمرين، فذلك هو علامة أن الله اختار لك ذلك الشيء".

خامسًا: الأمل الذي لديكِ بأن يصلح حاله مع تخوفاتكِ من عدم صلاح حاله، كلها محتملة؛ ولذا فوضي أمركِ لله بكثرة الدعاء والاستخارة، ولن يردَّكِ سبحانه خائبة، بشرط الصدق والإخلاص واليقين.

حفظكِ الله، وألهمكِ رشدكِ.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.