اجتماع الرياء والكبر

منذ 1 سنة 187

اجتماع الرياء والكبر


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/11/2023 ميلادي - 20/4/1445 هجري

الزيارات: 20



السؤال:

الملخص:

فتاة ترى أعمالها كلها ممزوجة بالرياء والكبر، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

أعاني الإحساسَ بالرياء والكِبْرِ في كل عمل أعْمَلُه، وأخاف الخزيَ يوم القيامة، فماذا عليَّ فعله؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

أولًا: تقولين: إنكِ تُعانين الإحساس بالرياء والكِبْرِ في كل عمل، وتخافين الخزي يوم القيامة، فأقول: يبدو من كلماتكِ أنه قد لا يكون عندكِ رياء، ولا كِبْرٌ حقيقي، ولكن لعل شدة خوفكِ منهما، مع بعض النقص العلمي، أورثتكِ هذا الشعور المزعج المثبِّط.

ثانيًا: أخشى إن استمرَّ معكِ ذلك أن يتحول لنوعٍ من الوسواس الذي يُفسِد عليكِ مقاصدكِ الصحيحة، ويُثْنِيكِ عن الإقدام على العبادات الجليلة، وهذه حيلة شيطانية خبيثة؛ لصرف بعض المجتهدين عن العبادة.

ثالثًا: أو لعلكِ حمَّلتِ نفسكِ أكثر مما تتحمل من الجهد الشاقِّ في العبادات، فأصابكِ شيء من الفتور مع بعض الوساوس المُزعجة المثبِّطة.

رابعًا: أو لعلكِ قرأتِ وسمعتِ كثيرًا من المواعظ عن الإخلاص والرياء والكبر، ممن يتَسَمَّون بالدعاة في بعض المواقع، وهم ينقصهم كثيرٌ من العلم والحكمة، ويركزون على الترهيب كثيرًا، فينشأ عن ذلك في نفس المهتدي الجديد نوعٌ من الوساوس والتخوُّفات المبالغ فيها.

خامسًا: وقد وصلتني شكايات ممن دخلوا مثل هذه المواقع، وأصابهم نوع من الوسواس في الإخلاص والرياء، وعدم قبول أعمالهم، وشيءٌ من اليأس.

سادسًا: وهذه فرصة لأذكِّرَ إخواني الدعاة بالاقتصاد والتوسُّط في باب الوعظ والتحذير من الرياء وغيره؛ حتى لا يُصاب بعض من يريد الاستفادة منهم بالأمراض المعنوية المستعصية، أو الانتكاسات.

سابعًا: مما يدفع عنكِ هذه المشاعر أن تعلمي أن الأصل الشرعي هو أن المؤمن لا يقوم بالعبادات إلا طاعةً لله سبحانه، وابتغاءَ الأجر العظيم منه سبحانه؛ كما قال عز وجل: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

والعمل الصالح هو الخالص لوجه الله سبحانه، الصواب على سُنَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يضر ذلك ما قد يطرأ على القلب من وساوس تخذيلية؛ لأن الأصل باقٍ؛ وهو الإخلاص.

ثامنًا: كلما أصابتكِ الوساوس، فاستعيذي بالله منها، واستمري في أعمالكِ؛ فهي لا تنقص من أجركِ شيئًا.

ثامنًا: ومما يُطمئن قلبكِ الحديث عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تـجاوز لي عن أمتي الـخطأَ والنسيانَ وما استُكْرِهوا عليه))؛ [حديث حسن، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما]، وأنتِ مستكرهة على هذه الخواطر، فلا تضركِ أبدًا.

تاسعًا: ومما يساعدكِ في دحض الوساوس عنكِ أن تجتهدي أن تكون عباداتكِ سرِيَّة بينكِ وبين الله، فلا تظهريها لأحد، لا بعملٍ ولا بكلامٍ عنها.

عاشرًا: كان السلف يستحبون أن يكون للمؤمن خبيئة من العمل، وهي العمل الصالح الذي يخفونه عن الناس كلهم؛ حتى لا يدخله شيء من الرياء والسمعة.

حادي عشر: ومما يكون سببًا عظيمًا في شفائكِ من الوساوس أو حتى الكِبْر والرياء إن وُجِدا - الأسبابُ الشرعية الآتية، وهي أقوى الأسباب وأعظمها على الإطلاق؛ وهي:

1- العلم الشرعي الصحيح من العلماء الموثوقين.

2- الدعاء.

3- الاستغفار.

4- الاسترجاع.

5- الصدقة.

6- مجاهدة النفس للتخلص من هذه الآفات، ومن الرياء والكبر إن وُجِدا حقيقة لا وسوسة.

7- عدم تصديق هذه الوساوس، ومن ثَمَّ الاستمرار في أعمال الخير.

حفِظكِ الله، وصرف عنكِ الوساوس المؤذية، ورزقكِ الإخلاص والتواضع.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.