أيهما أولى: التصدق أم سداد الديون؟

منذ 4 ساعة 10

 التصدق أم سداد الديون؟


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/1/2025 ميلادي - 16/7/1446 هجري

الزيارات: 21


السؤال:

الملخص:

رجل أسرف على نفسه بارتكاب المعاصي، ثم وفَّقه الله عز وجل للتوبة منها، وهو يريد أن يكفل يتيمًا ويحفر بئرًا؛ لِما سمِع من فضل الصدقة في دفع الأمراض والبلايا، لكنه مَدِين، ويسدد ديونه بانتظام شهريًّا، ويسأل: أيهما أولى: الصدقة أم سداد الدين أم هل يفعل الأمرين في الوقت نفسه؟

التفاصيل:

اقترفتُ كثيرًا من الكبائر فيما مضى، وقد وفَّقني الله تعالى للتوبة منها جميعًا، ورجائي في الله أن يتقبل توبتي، لكني في الوقت نفسه أخشى أن يبتليني الله عز وجل بالأمراض الخبيثة، أو يُوقعني في مصارع السوء؛ جزاءَ ما جَنَتْهُ يداي، وقد سمعت أذني عن فضل الصدقة سيما كفالة اليتيم وسُقيا الماء، وأنا - والحمد لله - أُديم التصدق بما أقدر عليه، لكنَّ ديونًا ركِبتني، سددت منها جزءًا كبيرًا، وبقيَ جزء ما زلت أُسدِّده؛ إذ أدفع كلَّ شهر ما أستطيع من راتبي، حتى أنتهي من سداده بإذن الله، وقد نويتُ حفرَ بئرٍ، وكفالةَ يتيم؛ إرضاء لله تعالى، ووقاية لمصارع السوء والبلايا، فأيهما أفعل أولًا؛ دفع ما بقي من الدَّين أم حفر البئر وكفالة اليتيم، أم أفعل الأمرين في الوقت نفسه؛ فأُخرج جزءًا للدائنين، وأجعل جزءًا لحفر البئر؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ أما بعد:

أيها السائل مجهول الهوية، وصلتنا استشارتك، ونحمد الله عز وجل أنك تبت إلى الله، وعُدت وأنبت إلى الله عز وجل، وندعو لك بالثبات وعدم العودة إلى تلك المعاصي، فداوِمْ على الدعاء بالثبات، فنحن لا حول ولا قوة لنا إلا بالله العلي العظيم، فعليك الإكثار من الاستغفار والحوقلة؛ ليُثبِّتك الله عز وجل على عدم العودة إلى تلك المعاصي.

أما بالنسبة للديون ونيتك لحفر بئر أو كفالة يتيم، فهذه المسالة تحتاج منك للتفصيل بالنسبة للدائنين، وقد أفتى بها ابن عثيمين رحمه الله قائلًا: "أما إذا كان الدين مُؤجَّلًا، وإذا حلَّ وعندك ما يوفِّيه، فتصدَّق ولا حرج؛ لأنك قادر"؛ [انتهى من شرح الكافي]، وإما أن يكون الدين مُعجَّلًا، أو مؤجَّلًا قد حلَّ أجله، فلا يجوز للمَدين أن يتصدق قبل الوفاء بالدَّين؛ لأن قضاء الدين واجب.

فهذا يعود إليك، فأنت أدرى بأحوالك، وأنا أنصحك بأن أبواب التقرب إلى الله عز وجل كثيرة، ولم تتوقف على كفالة يتيم أو حفر بئر.

فالأعمال الصالحة التي تتقرب إلى الله بها كثيرة؛ فلديك الأذكار وبابها مفتوح ليلَ نهارَ، وخاصة في قيام الليل، استغفر الله عز وجل.

ولديك أيضًا الصلوات النوافل، ومن المؤكد أنك لن تفعلها إلا بعد أن تكون قد صليت الفروض التي فاتتك.

وعندك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وخاصة أنك شعرت بمرارة ارتكاب الكثير من الكبائر.

عندك تلاوة القرآن وسائر أعمال البر؛ قال تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177].

فلم يتوقف البر على كفالة اليتيم أو حفر بئر، فعليك السعي لمعرفة قدرتك على تقديم المساعدات الجسدية للأرامل، وحتى الأيتام، لتكون مساعدات يحتاجون إليها، فافعل، وإن احتاج أحد لإصلاح ذات البين، فافعل مع صدق النية، والعمل الموافق لكتاب الله عز وجل، فعليك بدراسة حديث: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة...)).

تجد رابط شرح هذا الحديث ضمن شبكة الألوكة، أعانك الله على فعل الخيرات، وتقبَّلها منك؛ إنه هو السميع العليم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.