أكره العلاقات الاجتماعية وأحب العزلة

منذ 5 أيام 23

أكره العلاقات الاجتماعية وأحب العزلة


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/4/2025 ميلادي - 11/10/1446 هجري

الزيارات: 23


السؤال:

الملخص:

فتاة جامعية، تحب العزلة، وتكره العلاقات الاجتماعية، فليس ثمة علاقة بينها وبين أحد إلا أسرتها، تكره الزواج، وتكوين الصداقات، مع أنها بشوشة، ومبتسمة، وملتزمة بعباداتها، وتسأل: هل يُعَدُّ هذا مرضًا نفسيًّا؟

التفاصيل:

أنا طالبة في كلية الطب، ملتزمة بعباداتي، بشوشة ولا تفارقني الابتسامة، علاقتي بأبي وأمي جيدة جدًّا؛ فأنا البنت الكبرى، وأحب أسرتي، مشكلتي أنني أحب العزلة ولا أحب تكوين العلاقات الاجتماعية؛ من صداقة وزواج ومثل ذلك؛ تقدَّم إليَّ الكثيرون، ورفضتهم، وعلى مدى سنوات دراستي لم تكن لديَّ صديقة مقربة؛ فلا أحب شيئًا إلا الدراسة، وقد ركزت فيها ودخلت كلية الطب، لا أحس بالسعادة إلا في بيتي، أحب السفر لكن وحدي، هاتفي المحمول لا يحتوي أي تطبيق للتواصل، وليس في جهات الاتصال غير أبي وأمي، أكره الزواج وأكره الصداقة، ومشروعي أن أبقى وحيدة دائمًا، ما جعلني أُرسل إليكم أن ابنة عمي قالت لي في موقف حدث بيني وبينها: "إذا ظللتِ على هذه الحال من التكبُّر والاستعلاء، فستموتين وحيدة، ولن تجدي أحدًا يقرأ عليكِ الفاتحة"، أعتذر لكم؛ فرسالتي طويلة، وأشعر أنها غير مفهومة؛ لتداخل الأفكار، سؤالي: هل ما أنا فيه يُعَد من قبيل المرض النفسي، علمًا بأن صحتي النفسي والعقلية جيدة؟

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فإن سؤالكِ مفهوم، وسردكِ للأفكار مرتَّب ومنظَّم، وقد وصفتِ حالك وصفًا دقيقًا يُعينني على الإجابة وفق احتياجك بإذن الله تعالى.

أختي الكريمة: أهنئكِ على هذا المستوى من الوعي والإدراك والإقبال على شؤونكِ ومصالحكِ، وأهنئك على همتك ونشاطك ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وأهنئك كذلك على تركيزك في طريق تحقيق طموحك حتى يسره الله لك فأصبحتِ طبيبة متقنة لعملك، مقبلة على مصالحك، مُعرضة عن سفاسف الأمور.

العزلة والرغبة في الانطواء وعدم تكوين علاقات ليس بالضرورة أن تكون بسبب اضطراب نفسي، أو خلل في القدرات العقلية، بل هي نمط من أنماط الشخصية، ورغبة داخلية في طريقة التعايش مع المحيط الخارجي، وهي التي أعانتك على التركيز والانكباب على مصالحك وفقًا لشخصيتك، وإني أحثك على القراءة في أنماط الشخصيات أو الاطلاع عليها في مقاطع اليوتيوب، حتى تتعرفي على نمط شخصيتك، إيجابياته وسلبياته، ونقاط القوة، ونقاط الضعف، وكيف يمكن تحسينه.

شخصيتك تتغذى طاقتها من العزلة والبعد عن الضجيج، شخصيتك لا تحب الاختلاط بالعقول البسيطة، شخصيتك ليس فيها كِبْرٌ، وإنما عقل يدعوك إلى معالي الأمور، ويحثك على الجد والاجتهاد.

وتعايشك مع دراستك بما فيها من كوادر تعليمية وزملاء واحتكاك بالمراجعين، وكذلك علاقتك الجميلة بوالديك وأسرتك - تعكس سلامة شخصيتك ونفسك.

ولكن كما أن للعزلة فوائد فلها مضار، فهي تُغيِّبك عن معرفة التواصل المناسب أثناء السعي في مصالحك، والحياة أمامك بإذن الله، تحتاجين زوجًا وأبناء وتكوين أسرة، تحتاجين بيعًا وشراء، واستئجارًا وسفرًا وتعاملًا، تحتاجين الاختلاط بالبشر، في أفراحك وأتراحك.

شعور العزلة مريح ومناسب لشخصيتك، وهو الذي يولد لديك القدرة على العطاء وفقًا لشخصيتك، ولكنه بقدر ما يريحك بقدر ما يفوِّت عليكِ الفرص الجميلة في الحياة.

والدك بنى كيانه الأسري مع والدتك، وأديا حقوقك وحقوق إخوتك وأخواتك، ولكن هل تبقين وحدك بلا كيان أسري تبنينه مع زوج وأبناء وبنات؟!

هلا مددتِ بصرك لقادم الأيام وخططتِ لمستقبل الأيام، فجمال اللحظة الحاضرة قد يُعمي الإنسان عن احتياجه في مستقبل الأيام.

وسوف تجدين من يشبهك بإذن الله ويتناسب مع ميولك واهتمامك.

أختي الكريمة، استمري على اجتهادك، وابتعدي عن صحبة من لا يناسبك، ولكن ابحثي عمن يشبهك، ولا تقطعي التواصل بالآخرين من قرابة وجيران وزملاء فلهم حقوق، وليس بالضرورة بناء علاقة صداقة، لكن حق الصلة من تواصل بسيط وعلاقات جميلة ومتناغمة مع المحيط الخاص بك يجعلك حاضرة مع مجتمعك.

وكثير من العبادات في شريعتنا الإسلامية حثَّ الله فيها على الاجتماع والمشاركة، ولذلك يلزمك تطوير مهاراتك وكسر هذا الحاجز، والاستعانة بمصادر التعلم والتدريب المختلفة، ولذلك أوصيك بالاطلاع كذلك على مهارات الذكاء العاطفي والذكاء الاجتماعي؛ حتى تعينك على تحسين تواصلك بالآخرين.

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.