♦ الملخص:
شابٌّ جامعي يحب تخصصه الجامعي، لكنه يظن أن أباه أجبره على هذا الاختيار، ويرى في ذلك استعبادًا له؛ ما أدى إلى رسوبه، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
أعاني ممارسة أبي استعباده عليَّ، فقد أجبرني على اختيار تخصصي الجامعي، ورغم حبي لهذا التخصص، فإنه سوء معاملته لي جعلني أرسب فيه، وهو يعدني بتجهيز بيتي للزواج، إذا ما حصلت على الشهادة الجامعية، فإن أردت أن أُكمل الجامعة، دون أن أشعر أنني مستعبَد، فبِمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فحياكم الله أخي الكريم، أسأل الله أن يشرح صدرك لكل خير، وأن يهيئ لك من أمرك رشدًا.
أريدك أن تهوِّنَ على نفسك؛ فالأمر يسير إن شاء الله، وطبيعة الآباء النصح الدائم، والتوجيه لأولادهم، وهذا لا بد منه، وطبعًا لا بد من حرية الاختيار للأولاد فيما يخصهم؛ كالتخصص الجامعي، واختيار شريك الحياة، وغير ذلك.
لكن لعل الوالد نصحك بهذا التخصص؛ لأنه يرى أن فيه الخيرَ، ولأنه يعلم قدراتك، ويعلم أنك مؤهل لذلك، وبالفعل أنت ذكرتَ أنك تحب هذا التخصص، إذًا فالوالد لم يفرض عليك ما لا تريده، إنما وافق اختيارُه ما تحب.
إذًا لماذا رسبت فيه؟ ولماذا كرهته؟
ليس بسبب الإجبار، إنما لتوهُّمك بأن الوالد أجبرك على هذا، أو لأن الوالد بين الفينة والأخرى يردد بعض العبارات التي لربما قصد بها التشجيع: أكمل دراستك حتى نجهز لك شقة الزواج وغير ذلك من العبارات.
فأنت من هنا رأيت أنه يجبرك، وأنه لن يساعدك في أمر زواجك، إلا إذا أنهيت هذا التخصص بعينه، وكنت أود أن أعرف: هل الوالد يتناقش معكم عمومًا، ويسمع آراءكم؟ هل الوالد متسلط في كل شيء وفي كل ما يخصكم؟ هل هو متسلط مع الجميع أم معك وحدك؟ كل هذه أسئلة كان لا بد أن تُفصِحَ عنها؛ حتى يتضح الأمر أكثر، فأنت فقط ذكرت ما يخص التخصص الدراسي.
وعلى أي حال، وعلى حسب ما ذكرت، أرى أنك هولت الأمر كثيرًا، ولربما وساوس الشيطان ساعدت في ذلك، فاستغفر الله، واستعذ من الشيطان، وذكِّر نفسك بفضائل أبيك ومواقفه الطيبة معك، وإن كان أخطأ في شيء، فهذا الخطأ مغفور في بحار حسناته، وفي يوم من الأيام أنت ستصير أبًا إن شاء الله، فما وقع فيه الوالد الآن، حاول أن تتفاداه أنت مع أولادك فيما بعد.
فكرة أن الوالد أجبرك على هذا التخصص أزِلْها من تفكيرك؛ فالوالد اختار لك ما تحبه بالفعل، واستسلامك لهذه الفكرة، ولأنك في سن تحب أن تشعر فيها بالاستقلال - أدى إلى تقصيرك وكرهك لهذا المجال؛ ما ترتب عليه رسوبك.
استعن بالله ولا تعجز، واجتهد قدر استطاعتك، واعلم أن أي تخصص لا بد فيه من بعض الصعوبات والعقبات، ومَن جدَّ وَجَدَ.
وأخيرًا إن وجدت في نفسك تمامًا الإعراض عن إتمام هذا التخصص، تكلم مع الوالد بهدوء، وناقِشْهُ في تغيير هذا التخصص، أسأل الله أن ييسر أمرك لما فيه الخير.