♦ الملخص:
فتاة في منتصف العشرينيات، أدى تعلقها بشابٍّ تركته توبة لله، إلى رفضها خطيبين تقدما إليها، وهي تخشى أن يكون أحدهما نصيبها وقد أضاعته، وتسأل: هل يمكن أن أكون سببًا في عنوستي؟
♦ التفاصيل:
أنا فتاة في منتصف العشرينيات، كنت في علاقة مع شخص معين، تركته بعد أن أدركت أن وقعت في الحرام، تائبةً إلى الله تعالى، لكني متعلقة به، وبقيت مدة أدعو الله أن يزوجني إياه، وفي هذه الأثناء جاء أحدهم لخطبتي، فرفضته دون إمعان النظر في الأمر جيدًا، ومنذ مدة قصيرة تقدم إليَّ رجل في الأربعين من عمره، ورفضته أيضًا، والآن أشعر بالندم على تضييعي هاتين الفرصتين، لا سيما الأُولى منهما، فهل يمكن أن يكون الشخص الذي رفضته أولًا هو نصيبي وأنا قد ضيعته؟ وهل يمكن أن أدعو الله أن يعود إليَّ؟ أخشى أن أكون سببًا في عنوستي، فماذا أفعل؟ وهل ما زالت فرص الزواج موجودةً؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فأولًا: تعلقك بمن كانت لكِ علاقة سيئة به خطأٌ واضح، وكان عليكِ أن تقطعي كلَّ صلة لكِ به، حتى التعلق القلبيَّ، فهذا إنسان لا خير فيه، ولا يصلح زوجًا صالحًا مناسبًا لكِ، وتعلقكِ به ضَربٌ من السَّفَهِ والمراهقة، ولن تجني منه إلا العلقم المرَّ، بل هو نفسه يتلاعب بعواطفكِ، ولا يراكِ زوجة صالحة له، وإنما يتسلى بكِ فقط، وتعلقكِ به تعلق بالسراب الخادع، وتفويت للفرص الذهبية.
ثانيًا: إذا تقدَّم لكِ رجل صالح مناسب دينًا وخُلُقًا، فاستخيري فيه، ولا تترددي، واعزمي وتوكلي على الله.
ثالثًا: إن كان الخاطب الأول مناسبًا دينًا وخُلُقًا، وما زالت له رغبة فيكِ، فبإمكانكِ التلميح له بموافقتكِ عليه، وذلك عن طريق مَن تثقين به من أقاربكِ أو أقاربه.
رابعًا: نعم، التصرفات الهوجاء غير المدروسة قد تكون سببًا في تفويت الفرص الذهبية، ولكن عمومًا يبقى الأمر مُعلَّقًا بالقَدَر، فمن كتبه الله لكِ زوجًا، فسيتزوجكِ حتمًا، ومن انصرف نهائيًّا، فهو لم يُكتَب لكِ زوجًا، ولعله صرفه خيرٌ لكما؛ لقوله سبحانه: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، ولقوله تعالى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].
خامسًا: استرجعي لِما حصل من علاقاتكِ المحرمة، ولِما حصل من تفويت الفرص، وأبشري بالخير بعد ذلك، إذا استرجعتِ بقوة إيمان ويقين؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].
وللحديث عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من عبدٍ تُصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجِرْني في مصيبتي، وأخْلِف لي خيرًا منها، إلا أجَره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها، قالت: فلما تُوفِّيَ أبو سلمة، قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخلف الله لي خيرًا منه؛ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم))؛ [رواه مسلم].
حفظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا، وصلِّ اللهم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.