كثرة الكلام عن انتشار الشذوذ في المجتمع اصابتني بالوساوس

منذ 1 سنة 231

كثرة الكلام عن انتشار الشذوذ في المجتمع اصابتني بالوساوس


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/6/2023 ميلادي - 8/12/1444 هجري

الزيارات: 21



السؤال:

الملخص:

فتاة تسأل عن علاقتها بصديقة مقربة لها، تحب احتضانها كلما رأتها، وسرُّ سؤالها أن الشذوذ قد انتشر في المجتمع، والناس يعتبرون أيَّ علاقة متينة شذوذًا.

التفاصيل:

كثر الكلام عن الشذوذ في المجتمع، وأصبح المجتمع يعتبر أي علاقة متينة شذوذًا، وهذا الأمر يصيبني بالوسواس؛ فإن لي صديقة مقربة جدًّا، وأحب احتضانها، فهل يعتبر ذلك شذوذًا؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

المشكلة كما روتها السائلة:

كثر الكلام عن الشذوذ في المجتمع، وأصبحت أي علاقة متينة يعتبرونها شذوذًا، وأصبحت الوساوس تأتيني كثيرًا، لي صديقه مقربة جدًّا، وأحب احتضانها، فهل هذا يعتبر شذوذًا؟

مناقشة الحل:

يتبادر للذهن من طرح المشكلة أن القصد هو الشذوذ الجنسي.

1- مفهوم الشذوذ هو البعد عن الوضع الطبيعي؛ وذلك بالانحراف عن القاعدة أو الشكل، أو النظام أو العادات المتعارف عليها في السلوك، والشذوذ الجنسي هو الانحراف عن السلوك الجنسي الطبيعي.

2- ليست على الإطلاق كل علاقة صداقة متينة بين اثنين تعتبر شذوذًا، كما يتصور لك، لكن العلاقة الاجتماعية بين الأفراد، لها حدودها، وآدابها، وضوابطها، فمثلًا العلاقة بين الرجل وأمه وأخته وبنته ليست مثل علاقته بزوجته، فكل له مساره وحدوده.

كذلك الأصدقاء بينهم، والصديقات بينهن، هناك حدود وآداب تربط هذه العلاقة، إذا زادت عن حدِّها، وعُرْفِها، وخاصة في الميل العاطفي والتعلق، والإعجاب، تنقلب تلك العلاقة إلى أمر لا تُحمَد عُقباه، مهما وُضع له المبررات أو التجاهلات السلوكية؛ لأن الميل العاطفي مع كثرته وتطوره بين المعنيين، والتعلق والالتصاق أحيانًا، تجعل النفس تألَفه، وتحبه، وتشتاق لمعاودته، والارتياح والشوق لتكراره، حتى يصبح عادة سلوكية شاذة لا تصبر عنها النفس، ولو فقدَتْها، لأصبحت في قلق وحزن واضطراب.

3- لا يمنع من اتخاذك صديقة تثقين بها، وتأمنينها على سرِّك، وتكون لك ناصحة ومُعِينة على طاعة الله، وطاعة رسوله، وهذا ما ورد بيانه في القرآن الكريم: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67]، وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء؛ كحامل المسك، ونافخ الكِير؛ فحامل المسك إما أن يُحذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير إما أن يحرِقَ ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا منتنةً))؛ [متفق عليه].

4- ومهما كانت الصداقة بين شخصيتين، فلا بد أن يكون لها حدود في المساحة والخصوصية والأسرار، فليس من المنطق أن تكون الصديقة مثل الأخت في الخصوصية، وكشف الأسرار، بل كل لها حدودها وإطارها المحدد.

5- العلاقات والصداقات بين الأفراد متنوعة؛ فهناك صداقة وعلاقة زمالة دراسة مثلًا، حدودها الدراسة والمذاكرة والمراجعة، وهناك صداقة وزمالة بين الفتيات تصل إلى التعلق، وبوح الأسرار الخاصة بينهن، بل ربما يصل الأمر إلى حدٍّ من التوتر والاضطراب النفسي، والشعور بالخوف، وعدم الأمان، في حالة ابتعاد صديقتها عنها، أو هجرها لأي سبب من الأسباب، كما أن هناك الغيرة الشديدة فتعتَبِر الفتاة أن صديقتها ملكية خاصة لها، وتُصاب بالغَيرة إذا ظهر شيء في حياة الأخرى كصديقة أخرى أو سفر، أو ارتباطها بزواج، أو مرض، وغير ذلك، وهنا يجب على الأم، أو المربية، أن تنتبه لهذه القضية، وذلك بتثقيف البنات وخاصة المراهقات، بأن أي علاقة صداقة في المسار الحياتي تكون لهدف معين، سرعان ما تتغير الأحوال، وتتبدل الأوضاع لأي سبب من الأسباب، فلا بد أن تكون مستعدة لأي طارئ يحصل؛ كفراق الصديقة بسفر أو موت، أو تغير في السلوك والأخلاق، أو غيرها.

6- يبقى مناقشة أنكِ تشتاقين إلى احتضان صديقتكِ، هناك توجيه نبوي وآداب للعناق والتقبيل، بين الأصدقاء والإخوان والأخلَّاء؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: ((كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقَوا تصافحوا، وإذا قدِموا من سفر تعانقوا))؛ [حسنه الألباني].

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أيضًا قال: ((قال رجل: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه، أينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبِّله؟ قال: لا، قال: أفيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم))؛ [الحديث حسنه الألباني في "صحيح سنن الترمذي"]، النقطة المهمة في المعانقة والضم سواء أكانت بعد سفر، أم غياب قصير، أم حتى بدافع الشوق والحنين، ألَّا تكون مؤديةً إلى تحريك الشهوة، أو تلذذ، أو شوق لالتصاق الجسد بالجسد.

7- أبعدي عنكِ وساوس الشيطان، والزمي صداقتكِ مع تلك الصديقة، إذا كانت أهلًا للصداقة التي تتوفر فيها مبادئ ومقومات الصداقة الحسنة، التي تعين على الطاعة، وتطبق آداب الأخلاق الرفيعة، مع تطبيق الْهَدْيِ النبوي حال الالتقاء بالصديقة، باستمرار تكفي المصافحة، بعد طول غياب وسفر، لا مانع من المعانقة.

أسأل الله أن يديم عليكم النعمة والفضل، ويجعلكم ممن يطبق هدي رسوله صلى الله عليه وسلم في شؤون حياته، وتعامله مع الناس.