♦ الملخص:
شابٌّ تقدم لخطبة فتاة، وبعد الجلسة الأولى علِم أنها تسمع لداعية شابٍّ يرى أن لديه انحرافات كثيرة، وعلى الرغم من أن الفتاة على قدر كبير من الدين والخلق والنسب، فإن أمر الداعية يؤرقه؛ لأنه ملتزم، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ذهبت من أجل الرؤية الشرعية لإحدى الفتيات، وهي على قَدْرٍ من الجمال والدين، والحسب والنسب، وبعد الأخذ والرد، وما دار بيننا من الأسئلة؛ حتى تتضح الأفكار، ويكون الشخص على بيِّنة؛ كَوني مقيمًا في إحدى الدول الأوروبية - تبيَّن لي أنها تتابع أحد "الدعاة الجدد"، الذين عندهم بعضُ التمييع في الدين، وتُتابع أيضًا أحد الشيوخ، الذين عندهم بعض البدع والانحراف في العقيدة، والفتاة وأهلها من العوام، وأظن أن مناقشة الموضوع معهم ليست من الحكمة، وقد ناقشتني كثيرًا هي وأمها في مسائل فقهية؛ لأنني ملتحٍ، وتبدو عليَّ أمارات الالتزام، ومن هذه المسائل: طاعة الزوج والسفر بدون مَحْرَمٍ، وكان جوابي: إن الأمر ممنوع من الرسول صلى الله عليه وسلم، والضرورة تُقدَّر بقدرها، وانتشار الأمر لا يعني حِلَّه، وأظنهم ارتاحوا للجواب، وهذا ما دفعني للتردد والاستشارة، خطيبتي محجَّبة، ولا تسمع الأغاني كثيرًا، وتحفظ القرآن، وهي مستعدة للتخلي عن حُلْمِها - الدراسة والعمل – من أجل الأولاد، وعندها من الوعي بمخططات أعداء الدين ضد الفطرة والأسرة، ولا يوجد عندهم اختلاط، والأم لا تعمل، وعلاقتهم الأسرية طيبة، وهم محافظون على الصلاة، أمي تقول لي: ما داموا على خُلُقٍ ودين، فهذه الأشياء تتغير مع العشرة الطيبة، أما أنا فيؤرقني من تسمع لهم، خاصة ذلك الداعية الشاب؛ لأن عليه ملاحظات كثيرة، أسأل: هل كلام الوالدة صحيح؟ وهل هذه الاختلافات مستساغة بين الأزواج؟ وهل يجب أن أصارحهم بمخاوفي، وأن هذا الداعية لا يصح أن يستمعوا له، أو أحاول التغيير تدريجيًّا بعد الزواج؟ أفيدونا، أثابكم الله.
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى؛ أما بعد:
فحياك الله يا أخي، وأسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يرزقك زوجة وذرية صالحة، ولي معك وقفات:
• الزوجة الصالحة هي المرأة المعروفة بالأخلاق الحسنة والعَفاف، ومحافظتها على الصلاة، والحجاب، وطِيب الكلام، وجمال المظهر؛ قال تعالى: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34]، ويُقصد بالقانتات: المطيعات لأوامر الله ولأزواجهنَّ.
• قال صلى الله عليه وسلم: ((تُنكَحُ المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، ترِبَت يداك))؛ [رواه البخاري]؛ أي: إن هذه الصفات الأربعة أهم ما يبحث عنه الرجال في الزوجة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحُثُّ الرجل ألَّا يترك صاحبة الدين، ويذهب إلى غيرها.
• من أهم مقاصد الزواج بناء الأسرة المسلمة، وحفظ الفَرْجِ وغضُّ البصر؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغَضُّ للبصر، وأحصن للفَرجِ، ومن لم يستطع، فعليه بالصوم؛ فإن الصوم له وِجاءٌ))؛ [أخرجه البخاري].
• لكلٍّ من الزوج والزوجة معاييرُ في اختيار شريك الحياة، وهذه المعايير تختلف في درجتها؛ منها ما يكون مقدَّمًا، ومنها ما يمكن التنازل عنه؛ لذا عليك أن تكتب معاييرك في اختيار زوجتك، ثم ضَعْها أمامك، ثم صنِّفها إلى معاييرَ لا تتنازل عنها، ومعاييرَ يمكن معالجتها في المستقبل.
• حتى الآن أنت لا تعرف درجة تأثر الزوجة بهذا الداعية أو هذا الشيخ، وهل هذا التأثر عن قناعة، أو من قبيل الإعجاب بأسلوبه فقط؛ لأن بعض المحاضرين قد يعطيه الله مَلَكَة في الإقناع، حتى وإن كان منهجه فيه خَلَلٌ، فلا تستعجل في حكمك عليها.
• أنت أدرى بذاتك، هل أنت تملك مقومات الإقناع والصبر والتعامل مع الآخرين، بحيث تستطيع مستقبلًا، إذا اكتشفت خللًا عندها، أن تحاورها بهدوء، ثم بالصبر والمحاولات تحاول تغيير أفكارها؟
• أفضل وسيلة لتغيير الأفكار أن تملك مهارة الحب والاحترام، فإذا استطعت أن تملك قلبها، وتتعامل معها بأدب واحترام، في ظني أنك تستطيع تغييرها للأفضل.
• استعِنْ بأختك أو بمن تَثِقُ به؛ لمحاورتها ومناقشتها لمعرفة مدى اقتناعها بالأفكار، وليس بالأشخاص، فالأفكار يسهُل تغييرها، والأشخاص يمكن الاستشهاد بأقوال غيرهم ممن هم أقوى علمًا ومكانة.
• القرار بيدك، وعليك أن تتوقع كل الاحتمالات، وهنا لا بد أن تكون مستعدًّا لها نفسيًّا وفكريًّا، فإذا صادفتك مشكلة في المستقبل، فلا تقُل: يا ليت.
• إن كان ترددك يؤثر في تفكيرك ونفسيتك، فلا تستعجل في اتخاذ القرار، والبديل من النساء بإذن الله موجود، الأهم أن تتخذ قرارك وأنت مطمئنٌّ.
• لا تنسَ - يا أخي - أن المشاكل الزوجية موجودة في كل البيوت، قبل الزواج أو بعده، الأهم بعد التوكل على الله الاستعانةُ بمن تثق فيهم من المستشارين الصالحين والمتخصصين.
• لا تنسَ الدعاء الصالح، وطلب البركة والتوفيق والهداية منه سبحانه.
أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وصلى الله على سيدنا محمد.