♦ الملخص:
فتاة في السادسة عشرة من عمرها، اغتصبها خالها في الرابعة عشرة من عمرها، ولما أخبرت أمها كانت رد فعلها سلبيًّا، فأخبرت أباها، الذي أبعده عنها تمامًا، وحذره من الاقتراب منها، لكن خالها مصرٌّ على التواصل معها، وهي تسأل: هل أخبر أبي بإصراره على التواصل معي؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا في السادسة عشرة من عمري، خالي رجلٌ مصلٍّ، ومتمسك بدينه، حاول اغتصابي وأنا في سن الرابعة عشرة، لم تكن الحادثة عرضًا ليوم واحد، بل كانت مستمرة أيامًا متواصلة، عانيت الأمرَّيْنِ، وحاولت إبعاده عني بكل ما أوتيت من قوة، لكن بلا جدوى، أخبرت أمي، لكنها لم تكن قادرة على منعه كليًّا من الاقتراب مني، كنت أراه في كل مكان، أصابني بالرعب والخوف، ولما أخبرت أمي مرة أخرى، أمرتني أن ألزم الصمت، وأنها ستقوم بما يلزم، لكنه أتانا في عيد الفطر وطلب رؤيتي، فاختبأت منه، وتحت الضغط النفسي الشديد، أخبرت والدي، ولم أخبره - تفاديًا للمشاكل - أني أخبرت أمي منذ اللحظة الأولى، فكان رد فعله أفضل من أمي، واستدعى خالي الأكبر، وأبعدوه كليًّا عني، ولم أره مدة طويلة؛ فعادت لي ثقتي بنفسي، وتحسنت حالتي النفسية، لكنه بعد عيد الأضحى أصر على التواصل معي، رغم تحذيرات أبي له، واليوم أرسل إليَّ طلب صداقة، أنا أعيش في رعب مستمر، وأعيش حيرة كبيرة؛ فهل أخبر والدي بأن خالي أرسل إليَّ طلب صداقة؟ وهل هناك طريقة لآخذ حقي منه؛ إذ إنني لم أسترد حقي عندما أخبرت والديَّ، وليس لديَّ دليل لأشكو خالي؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
أولًا: مشكلتكِ تتعلق بقضية خطيرة جدًّا؛ وهي التحرش والاعتداء على العِرض، فلا يصلح السكوت عنها ولا عنه أبدًا.
ثانيًا: وتكرر هذه الاعتداءات من هذا القريب على مدى سنوات متباعدة، برغم التحذيرات التي وُجِّهت إليه، ثم مطالبته لكِ بعلاقة الصداقة معكِ؛ كل هذه التصرفات المشينة تدل بوضوح على أنه مجرم خطير تشبع بالإجرام، وأن شهوته الخبيثة قد طَغَتْ وطفحت وسيطرت عليه تمامًا، وأنه مفتون بكِ جدًّا، ولا ينفع معه إلا كما يُقال: (لا يفِلُّ الحديد إلا الحديد).
ثالثًا: فلا بد من وقفة حازمة من أبويكِ معه، وإبعاد له تمامًا عنكِ.
رابعًا: ويجب سلوك أي طريق نظامي في بلدكِ لشكايته عند الجهات المختصة من شرطة أو غيرها؛ لإيقافه عند حده وتأديبه.
خامسًا: هذا النوع من المجرمين لا ينفع معه أبدًا أسلوب المهادنة من أجل القرابة، بل يجب فضحه والتحذير الشديد منه؛ حتى لا يتكرر فعله الشنيع مع غيركِ، وحتى لا تقع بنات الناس فريسة لشهواته العفنة ولإغراءاته النتنة.
سادسًا: وأهم من كل ما سبق الأسباب الشرعية الآتية:
1- الدعاء بصرف شرِّه عنكِ، وهو أقوى وأعظم الأسباب؛ لقوله سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
2- الحوقلة؛ أي الإكثار من قول (لا حول ولا قوة إلا بالله)، والدعاء بـ(اللهم بك أصول، وبك أجول، وبك أقاتل، اللهم إني أعوذ بك من شره، وأدرأ بك في نحره).
3- المحافظة على الصلوات في أوقاتها، وعلى أذكار الصباح والمساء؛ فهي حرز عظيم من شرور شياطين الجن والإنس.
4- الإكثار من الاستغفار ومن الاسترجاع؛ أي قول (إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها)؛ لأن ما حصل عليكِ منه مصيبة عظيمة، وللحديث الآتي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من عبدٍ يُصاب بمصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها))؛ [رواه مسلم].
سابعًا: لعلكِ فتنتِهِ بجمالكِ، فاجتهدي في تطبيق شرع الله بالحجاب الكامل عنه وعن غيره من الرجال الأجانب؛ حتى لا يُفتنوا بكِ أو يفتنوكِ؛ واعملي بقوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59]، فهذه الآية نص صريح في وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير المحارم، وحتى العلماء الذين جوَّزوا كشف الوجه اشترطوا شروطًا منها ألَّا تكون شابة تلفت الأنظار إليها.
ثامنًا: حينما يكون القريب مجرمًا قد تشبع بالإجرام، فينبغي للمرأة الحذر الشديد منه، وعدم الخلوة به، والتستر عنه، وقطع أي صلة به، والتحذير الشديد منه وفضحه.
حفظكِ الله من مكره وكيده، وأعان الله أهلكِ على الحزم معه، وستر الله عليكِ في الدنيا والآخرة.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.