ابن عمي يتحرش بي

منذ 2 أسابيع 30

ابن عمي يتحرش بي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/12/2024 ميلادي - 6/6/1446 هجري

الزيارات: 38


السؤال:

الملخص:

فتاة في سن المراهقة، يتحرش بها ابن عمها منذ أن كانت في العاشرة من عمرها، لكنها لما كبرت رفضته ومنعته من فعله القبيح، وهي تريد أن تتعافى من هذا الأمر، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، تحرش بي ابن عمي الذي يكبُرني بسبع سنوات منذ أن كنت في العاشرة من عمري، بصورة متكررة، والحمد لله لم أفقد عذريتي، كان يهددني بأني إن أخبرت أحدًا فسوف يقتلونني أو يطردونني من المنزل، وكنت أصدقه، وأسكت، كنت أعاني مشاكل في النوم والتبول منذ صغري؛ لكن أحدًا لم يلَحظ؛ لأن أمي متوفاة، وزوجة أبي لا يعنيها أمري، ولما كبرت، رفضت الذهاب إلى بيت عمي، فكان يأتي عندنا، وكنت أتوسل إليه باكية أن يتركني وسوف أنسى كل شيء، لكنه لم يكن يكترث، ثم مرت مدة، ومات عمي، وذهب الجميع إلى بيتهم، وكنت وحدي في البيت، وكنت يومئذٍ في الصف الثاني الإعدادي، فجاء ليفعل نفس الشيء، لكني دفعت الباب كي أمنعه من الدخول، فعلِم أنه لا أمل من دخوله، فرحل عني، ثم جاءني مرة وأنا في الصف الثاني الثانوي فدفعته إلى خارج، وضربته بالحذاء، وهددته بأني سأُخبر والدي، فخاف، ورحل، ثم عاد هذا العام يعتذر، ويهددني بأني إن أخبرتُ أبي فسوف ينكر، وسأظهر أنا بمظهر الكاذبة؛ وما فعل ذلك إلا خوفًا من أن أبوح بالأمر؛ الأمر يؤرقني، وإذا رأيت ابن عمي أموت خوفًا، أريد أن أعرف ما الذي عليَّ فعله؟ وكيف أتعافى من هذا الأمر؟ وكيف أتوقف عن احتقار نفسي ورؤيتها مذنبة؟ وهل إذا تزوجت أُخبر زوجي بما كان؟ وماذا لو عاد يهددني بعد خطبتي أو زواجي؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص رسالتكِ هو:

1- تحرش ابن عمكِ بكِ عدة مرات، منذ أن كان عمركِ عشر سنوات وإلى الآن.

2- خوفكِ منه من تكرار تحرشاته.

3- جاء هذا العام معتذرًا ومهددًا بأنه إن أخبرتِ والدكِ بأنه سوف ينكر، وسيدعي أنكِ تكذبين عليه.

4- وتسألين: ماذا يجب أن تفعلي هل تسكتين أم تشتكينه لوالدك؟ وكيف تتعافين من صدمات التحرشات؟

5- وتسألين: هل يجب عليكِ إخبار زوجكِ بعد زواجكِ بما حصل لك؟

6- وماذا تفعلين إن عاد يهددكِ بعد الخِطبة أو الزواج بأن يفضحكِ؟

7- وتسألين: كيف تتوقفين عن احتقار نفسكِ وكرهها؛ لأنكِ تَرَين نفسكِ مذنبة؟

8- وتقولين: إنكِ تفكرين في هذا الموضوع كثيرًا، وإذا رأيتِ ابن عمكِ تموتين خوفًا منه، ولكن لا تظهرين ذلك لأي إنسان، فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: لا شكَّ أنكِ أخطأتِ بعدم ذكر ما حصل منه لوالدكِ، خاصة مع تكرره منه، ولعل هذا هو الذي جرأه على تكرار تحرشاته، أو أنكِ بسبب الحياء سكتِّ على مضضٍ، ففهم أنكِ متجاوبة معه.

ثانيًا: أما الآن وقد مضت كل هذه السنوات وأنتِ ساكتة، ثم اعتذر في النهاية، فأرى أن تعطيه مهلة ليثبت صدقه، لكن لو عاد للتحرشات، فلا بد من اتخاذ موقف صارم معه بالتصريح لوالدكِ بما حصل منه بالتفصيل؛ حتى لا يستطيع الإنكار، واطمئني؛ والدكِ بمشيئة الله سيصدقكِ، ويتخذ ما يلزم لحماية عرضكِ، وقبل إخبار والدكِ اعملي أقوى سبب للحماية؛ وهو الدعاء بحمايتكِ من شروره، الدعاء بتوفيق والدكِ لتصديقكِ وللوقوف معكِ؛ وتذكري قوله سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، وقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].

ثالثًا: اطمئني ولا تخافي من تهديداته بالكذب عليكِ، يهددكِ لكيلا يفتضح هو، لا ليفضحكِ؛ فموقفه ضعيف جدًّا، وحبل الكذب قصير، والصادق لا بد أن ينصره الله سبحانه، ولو بعد حين، وهو الآن خائف جدًّا من فضيحتكِ له، ويتمسكِ بالقش للنجاة؛ قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38].

رابعًا: أما سؤالكِ: كيف تتخلصين من آثار وصدمات التحرش؟ فأقول: أشغلي فراغكِ بما ينفعكِ في نفسكِ علميًّا، وبما يقوِّي إيمانكِ وصبركِ، ويملؤكِ يقينًا وثباتًا، ومحبة لله سبحانه ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وعليكِ الإكثار من الصلاة، والدعاء، وتلاوة القرآن، والعلم النافع؛ لأن الفراغ مع ضعف الإيمان مَدعاة للوساوس المؤذية وللسخط والخوف.

خامسًا: لا تخافي إلا من الله سبحانه، أما الناس، فهم ضعاف جدًّا أمام قدرة الله عز وجل، وقوِّي إيمانكِ بالقدر؛ والله سبحانه قال: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].

سادسًا: أما سؤالكِ: هل إذا تزوجتِ عليكِ إخبار زوجكِ بما حصل؟ فأقول: لا تخبريه أبدًا أبدًا، ولا حتى غيره من الناس إلا والدكِ عند الضرورة فقط؛ والسبب أن الغالب على كثير من الناس رسوخ الشك والوساوس الشيطانية، عندما يسمعون مثل هذه الأخبار؛ ولذا فاجعلي هذه التحرشات سرًّا يُدفن معكِ في قبركِ.

سابعًا: وسألتِ: ماذا تفعلين لو عاد يهددكِ بعد الخِطبة أو الزواج؟ فأقول: إن شاء الله بعد الدعاء المتكرر منكِ بصدقٍ سيصرفه الله عنكِ، ولن يتجرأ على شيء؛ خوفًا على نفسه من الفضيحة، ولكن لو حصل احتمال ضعيف بأن قال فيكِ شيئًا، فهنا طبِّقي بحزم المثلَ الذي يقول: (آخر الطب الكَيُّ)، والذي يقول: (اطرد الكذاب إلى بيت أهله)، فأفصحي لوالدكِ عن كل ما حصل منه منذ البداية.

ثامنًا: سألتِ: كيف تتوقفين عن احتقار نفسكِ والشعور بالذنب؟ فأقول: ما دمتِ لم تتجاوبي معه، فلماذا تحتقرين نفسكِ؟ ولماذا تشعرين بالذنب؟ هو الذي ينبغي أن يحتقر نفسه، وأن يشعر بالذنب، ويستغفر الله كثيرًا، ولكن لعل ما يعتريكِ من الاحتقار والشعور بالذنب وساوس شيطانية ناتجة قوة الصدمات، فاطرحيها أرضًا، وأقبلي على ما يُرضي ربكِ سبحانه مما سبق ذكره لكِ.

تاسعًا: وعلى فرض أنكِ أخطأتِ بعض الأخطاء؛ تذكري قوله تعالى: ﴿ قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].

وقوله سبحانه: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [هود: 114، 115].

عاشرًا: أما قولكِ أنكِ تفكرين في هذا الأمر كثيرًا، وإذا رأيتِ ابن عمكِ تخافين منه كثيرًا، فأقول: أشغلي نفسكِ بما ينسيكِ كل ما حصل مما سبق ذكره لكِ، خاصة الصلاة والتلاوة والدعاء، أما خوفكِ منه، فأقول: الخوف المعقول الذي يؤدي للحذر والبعد عن الخلوة به، وعن التبرج أمامه وأمام غيره، فهذا مطلوب دائمًا، أما الخوف المتعدي للحدود الذي يؤدي للقلق المستمر وللرعب، فلا داعي له أبدًا.

حفِظكِ الله، وصرف عنكِ الشرور، ورزقكِ زوجًا صالحًا تقر به عينكِ.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.