استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 26/2/2024 ميلادي - 16/8/1445 هجري
الزيارات: 18
♦ الملخص:
شابٌّ يشكو ما يأتيه من وساوس وأحاديث نفس سيئة، تجعله قلِقًا خائفًا من أن تصبح واقعًا، ويسأل: هل تتحقق مثل هذه الوساوس؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ في منتصف العشرينيات، تأتيني وساوس وأحاديثُ نفسٍ، ولديَّ خوف بأن تتحقق، على سبيل المثال: عندما فحصت نظري، كانت النتيجة سليمة، والحمد لله، وفي الوقت نفسه يأتيني حديث النفس، وكأنه يقول: لماذا النتيجة سليمة؟ ويبدأ قلبي يخفِق عند ظهور هذه الأفكار، ثم تأتيني مخاوف بأنني لم أشكر الله، وأفكِّر كثيرًا بهذه المسألة، فهل هذه مجرد أفكار ووساوس؟ وهل تتحقق؟ وماذا أفعل بخصوص هذه الأحاديث؟
أخي السائل، تذكر بعض الدراسات أن معدل الأفكار لدى الإنسان العادي الذي تمر به في اليوم أكثر من أربعة آلاف فكرة، وفي بعض الدراسات أنها أكثر من ذلك، وهذا يُبيِّن أن كثرة الأفكار ليست مشكلة؛ لأنها حدث طبيعي يمر به جميع الناس، لكن يكمن الفارق بين الناس في نوعية الأفكار، فما الذي يحدد نوعية الأفكار؟
إذا شبَّهنا العقل من باب التوضيح بجهاز الحاسب الآلي لدراسة الأفكار التي تمر به، فإننا سنجدها تدور حول الأمور التي يتعامل معها المرء بشكل يومي؛ بمعنى أن ما تغذَّي به عقلك وفكرك، وما تمارسه من سلوك هو ما سيسيطر على أفكارك ويصبُغُها.
فالمخرجات ستكون من نوع المدخلات؛ لذا فإن الذي يفكر في التجارة ستكثر أفكاره وسيغلب على حديث نفسه التجارة.
والذي ينشغل بالرياضة ومتابعتها، ستستولي على معظم أفكاره الرياضة التي ينشغل بها ويتابعها.
ومن ينشغل بالعلم وفروعه، فستكون معظم أفكاره متعلقة بما ينشغل به قراءة ودراسة ومسائل متعلقة بالعلوم التي يهتم بها، وهكذا مع جميع الناس، ستكون معظم أفكارهم وأحاديث نفوسهم نابعة من اهتماماتهم وأنشطتهم اليومية، وذكرياتهم التي كانت يومًا ما نشاطهم اليومي.
ولابن القيم رحمه الله تشبيه بليغ لِما يدور في النفس من حديث، وما يشغلها من أفكار؛ حيث يشبهها بالرَّحى فيقول: من وضع فيها حبًّا، أخرجت له طحين الحبوب، ومن وضع فيها حصى، أخرجت له من جنس ما أدخله فيها.
لهذا ينبغي للإنسان أن يعتني بما يغذي نفسه بشكل جيد ومناسب من فكر وسلوك.
وهنا أمور ينبغي عليك مراعاتها لتساعدك على تجاوز مشكلتك:
1- الأفكار التي ترِدُ على الإنسان كثيرة، وهي تأتي بشكل تلقائي، وستذهب بشكل تلقائي، ما لم تستوقفها وتضخِّمها، فَدَعْها تذهب كما جاءت.
2- حديث النفس لا يُؤاخَذ به الإنسان ما لم يتكلم به أو يعمل به؛ كما بيَّن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ لِأُمَّتي عَمَّا وسْوَسَتْ، أوْ حَدَّثَتْ به أنْفُسَها، ما لَمْ تَعْمَلْ به أوْ تَكَلَّمْ))؛ [صحيح البخاري].
3- تجنب الفراغ والوحدة، فعندها تكثُر أفكار الإنسان، التي تتولد منها كثير من الأفكار السلبية.
4- عليك أن تجعل لك أهدافًا مناسبة لوضعك وواقعك؛ لتنشغل بتحقيقها، فذلك أدعى لأن تجمع أفكارك حول أهداف تنفعك، وتتحول إلى سلوكٍ عمليٍّ.
5- اتَّبع نظامَ حياةٍ صحيًّا، في النوم ليلًا والغذاء الصحي، وممارسة رياضة خفيفة مناسبة، وهذا مهم لكل إنسان، وهو مما يساعد على تجاوز كثير من المشكلات.
6- إذا كان لديك مشكلة صحية، أو تتناول أدوية، فربما تحتاج إلى مراجعة طبيبك للتأكد من عدم تسببها فيما تعانيه.
7- محافظتك على الصلاة في وقتها، والأذكار اليومية، والإكثار من الدعاء سيكون لها أكبر الأثر في مساعدتك.
نسأل الله لك العافية والطمأنينة.