ماذا أفعل مع خطيبي

منذ 3 أسابيع 37

ماذا أفعل مع خطيبي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/3/2025 ميلادي - 4/9/1446 هجري

الزيارات: 35


السؤال:

الملخص:

فتاة تقدم إليها شابٌّ حسبته ملتزمًا، ففرحت به، لكنه لم تلبث أن اطلعت على حقيقة أفكاره؛ فهو يتبع المذهب الصوفي، ويشكك في أحاديث للبخاري، ويرى أن الدين لا يكمن في المظاهر، ويستحل سماع الأغاني، ويرى أنه لا حاجة لتعلم العلم الشرعي، وقد صلت الاستخارة، لكنها لا تدري ماذا تصنع، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

تقدم إليَّ شاب كنت أظنه ملتزمًا، ففرِحت بدينه وخُلُقِهِ، ثم اتضح لي أنه يشكِّك في أحاديث البخاري، ويقول: إن القرآن لا يحتاج إلى تفسير؛ لأن النبي لم يفسره، واختلف معي أيضًا في تفسير آيات من القرآن، كما يرى أن سماع الأغاني ليس حرامًا، ويرى أن الدين ليس بالمظاهر؛ ومن ثَمَّ فالمتبرجة قد تكون أفضل مني أنا المحجبة في الدين، يراني متشددة، وسلفيَّة، ولما علم أني أتعلم العلم الشرعي، أخبرني أن لا حاجة لنا بتعلم العلم الشرعي؛ مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، وأبدى اعتراضه على متابعتي للشيوخ الذين على الساحة الدينية، مع أخذه العلم على يد شيخ فهمت من كلامه أنه يتبع المذهب الصوفي، صليت صلاة استخارة مرات عديدة، ولم أشعر بأي شيء، ولا أستطيع اتخاذ قرار حاسم في الأمر، بمَ تنصحونني؟ هل أقبل به زوجًا أو لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فالجواب باختصار:

أولًا: أعرضي عنه نهائيًّا، وهذا الأمر واضح لا يحتاج إلى الاستخارة؛ فلا خيرَ أبدًا في رجل يشكك في أصح الكتب بعد كتاب الله سبحانه، الذي أجمعت الأمة على صحته، ولا خير في رجل يمنع من طلب العلم الشرعي، ولا خير في رجل يرى أن المتبرجة التي عصت الله جهارًا خير من المتحجبة التي أطاعت ربها سبحانه؛ التي عملت بقوله سبحانه: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور: 31].

ثانيًا: وصدقيني إن تم الزواج فستندمين جدًّا، بل وقد تنحرفين معه في خزعبلاته؛ لأن المرأة في الغالب بطبيعتها ضعيفة وعاطفية، وتنساق لمن يسوقها، خاصة من عنده شبهات مضلة، وشهوات منحرفة.

ثالثًا: واستشهاده بالآية يدل على مدى جهله، وشدة انحرافه، فالمعنى الصحيح لها هو في جواب السؤال التالي الذي وُجِّه للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الآية الكريمة في سورة فاطر: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، وتفسير الآية في سورة البقرة: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، هل تأتي التقوى قبل العلم، أم العلم قبل التقوى؟ وكيف تكون التقوى بدون علم، بناء على ما جاء في تفسير الآية الكريمة: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾؛ أي: خافوه وراقبوه، واتبعوا أمره، واتركوا زجره، جزاكم الله خيرًا؟

الجواب:

قال الله تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، والخشية قوة الخوف من الله تبارك وتعالى؛ لكمال عظمته وسلطانه، وهذا لا يتأتى إلا من شخص عالم بالله وأسمائه وصفاته؛ ولهذا قال: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]؛ أي ما يخشاه الخشية التامة إلا العلماء، والمراد العلماء بالله وأسمائه وصفاته وأحكامه، وليس العلماء بطبقات الأرض، وأجواء السماء، وعلم الفيزياء، وما أشبه ذلك، فإن هؤلاء علومهم لا تؤثر عليهم بالنسبة لخشية الله؛ ولهذا نجد من هؤلاء العلماء الكبار الذين هم رؤوس في الكفر، والعياذ بالله، لكن المراد بالعلماء هنا العلماء بالله وأسمائه وصفاته وأحكامه، فهم الذين يخشون الله تعالى حق خشيته، والخشية مبنية على العلم، فكلما كان الإنسان أعلم بالله، كان أشد خشية لله، وأعظم محبة له تبارك وتعالى، وأما قوله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، فإن كثيرًا من الناس يظنون أن قوله: ﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ مبني على قوله: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾، وليس كذلك، بل الأمر بتقوى الله أمر مستقل، ولا يمكن تقوى الله إلا بالعلم بالله، وقد ترجم البخاري رحمه الله على هذا المعنى في قوله في صحيحه "باب العلم قبل القول والعمل"، ثم استدل لذلك بقول الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19]، وعلى هذا، فلا تعارض بين الآيتين؛ لأن قوله: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أمر مستقل بالتقوى، ولا يمكن أن يتقي الإنسان ربه إلا إذا علم ما يتقيه، أما قوله: ﴿ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ ﴾، فهي جملة مستأنفة تفيد أن العلم الذي نناله إنما هو من عند الله وحده، فلا علم لنا إلا ما علمنا الله تبارك وتعالى، وتعليم الله إيانا نوعان: غريزي، وكسبي، فالغريزي هو ما يؤتيه الله تعالى للعبد من العلم الذي لا يحتاج إلى تعلم، أرأيت الصبي تلده أمه ويهتدي كيف يتناول ثديها ليرضع منه، بدون أن يعلمه أحد، وكذلك البهائم تعلم ما ينفعها مما يضرها، دون أن يسبق لها تعليم من أحد، وأما التعليم الكسبي، فهو ما يورثه الله العبد بتعلمه بالعلم، وتعاطي أسبابه؛ حيث يتعلم على المشايخ، ومن بطون الكتب، ومن أصوات أشرطة التسجيل، وغير ذلك؛ ولهذا لما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح ما هي؟ مع أنها مادة الحياة، ولا حياة للبدن إلا بها؛ أمر الله نبيه أن يقول: ﴿ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، وهذا يتضمن توبيخهم عن السؤال عن الروح، كأنه قال: الروح من أمر الله، وما بقي عليكم أن تسألوا عن شيء إلا عن الروح، ما بقي عليكم من العلوم أن تدركوه إلا علم الروح؛ ولهذا قال: ﴿ وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]، والحاصل أن قوله: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28]، تفيد أنه من كان بالله أعلم، كان له أخشى، وأما آية البقرة: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 282]، فليس فيها أن التقوى مقدمة على العلم؛ لأنه لا يمكن تقوى إلا بعلم ما يُتَّقى، وأن الجملة: ﴿ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ﴾ ليس لها ارتباط بما قبلها؛ [المصدر: الشيخ ابن عثيمين من فتاوى نور على الدرب].

وأنصحكِ بطلب العلم النافع من أهل العلم الراسخين؛ فهو سياج عظيم أمام شبهات المنحرفين، وخرافات المخرفين.

رابعًا: بعض الصوفية لا تقف انحرافاتهم عند بعض العبادات، بل تصل إلى حد الكفر والشرك؛ بالاستغاثة بالأموات، والاعتقاد أنهم وصلوا لدرجة اعتقاد سقوط التكاليف الشرعية عنهم... وأخشى أن يكون خطيبكِ منهم، كما أن منعه لكِ من طلب العلم الشرعي يضع علامات تعجب واستفهام، ولعله يخشى من تعلمكِ العلم الشرعي انكشاف أغاليطه وخرافاته، فاحذري، ثم احذري.

خامسًا: نبزه لكِ بالسلفية يدل على أن في قلبه مرضًا وكرهًا لمنهج السلف الصالح المقتدين بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبصحابته رضوان الله عليهم، فابتعدي عنه، ومن ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه.

حفظكِ الله، ورزقكِ زوجًا صالحًا تقر به عينكِ، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.