"مؤتمر الاستجابة الطارئة في غزة" يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن

منذ 5 أشهر 86

هديل غبّون - منطقة البحر الميت، الأردن (CNN)-- أعلن رؤساء "مؤتمر الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة" الذي استضافه الأردن، الثلاثاء، عن 11 مطلبا من أهمها الدعوة إلى "إرساء وقف فوري ودائم لإطلاق النار يحظى بالاحترام الكامل"، والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع الرهائن وجميع المدنيين المحتجزين بشكل غير قانوني، وإنهاء العملية المستمرة في رفح.

وجاء هذا الإعلان في ختام أعمال المؤتمر الذي استضافه الأردن بالتنسيق مع مصر والأمم المتحدة، وترأسه العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، عقب تمرير قرار في مجلس الأمن الدولي، الاثنين، يقضي بضرورة وقف "دائم للأعمال القتالية في غزة".

واشتمل البيان أيضا على المطالبة بالاحترام الكامل للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، ولا سيما فيما يتعلق بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، والعاملين في الأمم المتحدة في مجال المساعدات الإنسانية، والعاملين في المجالين الطبي والإعلامي.

وشدد المؤتمر "على أهمية الوساطة الحالية، التي تقوم بها مصر وقطر والولايات المتحدة، بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن وقف إطلاق النار الدائم في جميع أنحاء غزة، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، وضمان وصول المساعدات الإنسانية وزيادتها وتوزيعها دون عوائق على المدنيين المحتاجين".

وعلى مدار ساعات من المناقشات التي أُغلق بعضها أمام وسائل الإعلام للمؤتمر الذي عقد على ضفاف البحر الميت، دعا رؤساء المؤتمر أيضا  إلى السماح وتسهيل وتمكين الوصول الفوري والآمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع، إلى غزة وفي جميع أنحائها عبر الطرق الأكثر مباشرة إلى السكان المدنيين، بما في ذلك من خلال رفع جميع الحواجز والقيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية، وضمان مرورها الآمن ودون عوائق إلى السكان المدنيين المحتاجين وضمان الظروف المواتية للتوزيع الآمن والفاعل وتقديم المساعدة الإنسانية في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك عن طريق إنشاء آليات متينة للتنسيق والإخطار الإنساني وفض الاشتباك.

وتأتي هذه المطالبات في المؤتمر الذي شهد حشدا دوليا في سبيل وقف "الكارثة الإنسانية" في قطاع غزة، فيما أعلن العديد من رؤساء الدول والوفود عن حزم مساعدات جديدة للقطاع .

ودعا رؤساء المؤتمر الذي حضره الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، إلى "تكثيف الجهود لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية وإيصالها إلى غزة وفي جميع أنحائها، بما يتماشى مع الالتزامات بموجب القانون الدولي الإنساني، وقرار مجلس الأمن رقم 2712 لعام 2023، وقرار مجلس الأمن رقم 2720 لعام 2023، عبر جميع الطرق، بما في ذلك من خلال وضع تدابير وإجراءات تشغيل موثوقة ومبسطة وموحدة".

وتطرق البيان الذي حصلت شبكة CNN بالعربية على نسخة منه، إلى "ضرورة معالجة أولويات التعافي المبكر، بما في ذلك التعليم والصحة والمأوى والتغذية والمياه والصرف الصحي والكهرباء والخدمات اللوجستية والاتصالات"، مع التأكيد على الأهمية الحاسمة للتعليم كجزء من التعافي المبكر لأكثر من 500 ألف طفل ومن أجل السلام في المستقبل، وضمان الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة للفلسطينيين المهجرين في قطاع غزة، وتوفير الدعم اللازم والتمويل المستدام والشفاف وطويل الأجل لتمكين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

ودعا المؤتمر أيضا إلى "تكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وإطلاق مسار ذي "مصداقية" ولا رجعة فيه لتنفيذ حل الدولتين، وإلغاء جميع الإجراءات العقابية المفروضة على الشعب الفلسطيني والاقتصاد الفلسطيني، والامتناع عن جميع التصريحات والإجراءات الاستفزازية والتحريضية التي تزيد من تفاقم الوضع الصعب في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، فضلا عن تقديم الدعم اللازم للحكومة الفلسطينية.

في الأثناء،  تقاطعت مداخلات رؤساء وممثلي دول عربية وأجنبية مشاركة في أعمال المؤتمر، حول أهمية إنفاذ قرار مجلس الأمن الذي صدر عشية انعقاد المؤتمر المتعلق بوقف "إطلاق النار في قطاع غزة"، وحث الدول الأطراف الموافقة على الخطة التي اقترحها الرئيس الأمريكي، جو بايدن من أجل ذلك.

واشتمل المؤتمر  على 3 جلسات عمل مغلقة، فيما استهل العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني رئيس المؤتمر الجلسة الرئيسية التي تم بثها مباشرة حديثه بالقول إن انعقاد المؤتمر يأتي عند "منعطف حاسم من تاريخ البشرية".

وكشف العاهل الأردني  عن ما مقداره 75 مليون دولار كقيمة للمساعدات التي قدمتها المملكة الأردنية الهاشمية مباشرة، إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب، بالإضافة إلى نحو 25 مليون دولار كمساعدات غذائية وطبية إلى الضفة الغربية، مشددا على "الوضع الاقتصادي والسياسية والأمني المتردي في الضفة الغربية" أيضا.

وأوضح العاهل الأردني، أن الأردن سينظر في إمكانية استخدام طائرات عمودية ثقيلة لتأمين المساعدات على المدى القصير، بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار، مع التأكيد على مواصلة عمليات الإنزال الجوية التي تجاوزت 358 إنزالا أردنيا ودوليا مشتركا.

وتركز حديث العاهل الأردني على ضرورة "فض الاشتباك بشكل مؤثر وشامل للجهات الفاعلة على الأرض في قطاع غزة، لضمان قدرة وكالات الإغاثة الإنسانية على العمل"، معتبرا أن "إيصال المساعدات هي عقبات على جميع المستويات، وأن شبح المجاعة يلوح في الأفق، وأضاف بالقول إن "ضميرنا المشترك يتعرض للاختبار بسبب الكارثة في غزة وإنسانيتنا ذاتها على المحك".

وفي كلمته، دعا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، الدول "إلى إلزام إسرائيل بالتوقف عن استخدام الجوع كسلاح في غزة، وإزالة العراقيل أمام إيصال المساعدات الإنسانية"، فيما حمّل مسؤولية ما يعيشه قطاع غزة من "أزمة إنسانية غير مسبوقة" لإسرائيل  قائلا إنها "نتاج متعمد لحرب انتقامية تدميرية ضد القطاع".

ونوه السيسي إلى تنبيه مصر المبّكر، من خطورة الحرب على غزة والتداعيات الجسيمة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح التي أدت إلى وضع "يعوق التدفقات الإغاثية"، داعيا إلى تنفيذ أربع أولويات رئيسية كخطوات فعالة من أهمها، تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالأزمة في غزة، بما فيها قرار مجلس الأمن رقم 2735 الصادر، الاثنين، وإلزام إسرائيل بإنهاء الحصار والتوقف عن استخدام سلاح التجويع وتوفير الدعم اللازم لوكالة "الأونروا".

وفي الجلسة الرئيسية أيضا، حث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش الدول على دعم جهود الأردن في دورها الحاسم الإنساني بقطاع غزة، وقال إن "المجازر وأعمال القتل المرتكبة في غزة من حيث سرعتها وحجمها ووتيرتها، لا تضاهي أي أعمال اُرتكبت خلال السنوات التي قضيتها كأمين عام"، مشيرا إلى "إجبار ما لا يقل عن 1.7 مليون شخص من سكان غزة على النزوح ولعدة مرات، وحاجة أكثر من 50 ألف طفل إلى العلاج من سوء التغذية الحاد".

ونوه غوتيريش إلى أن تدفق المساعدات الإنسانية الحيوية انخفض بمقدار الثلثين، مؤكدا على ضرورة "وقف إطلاق النار والإفراج غير المشروط عن الرهائن"  مرحبا بما وصفه "بمبادرة السلام" للرئيس بايدن، وفتح جميع الطرق المتاحة المؤدية إلى غزة، وتمكين المدنيين من البحث عن ملاجئ آمنة، وقال: "أدعو العالم إلى الوقوف أيضا صفا واحدا من أجل حماية الأونروا في مواجهة هجمات شائنة لا هوادة فيها"، مبينا أن مليون طفل فلسطيني في غزة يعانون من صدمات شديدة.

وبحسب بيانات المؤتمر، فإنه قد تم تدمير نحو 60 % من المباني في غزة، وما لا يقل عن 80 % من المرافق التجارية جراء القصف الإسرائيلي، وتحولت مرافق المؤسسات التعليمية والصحية إلى أنقاض، كما نزح أكثر من مليون و700 ألف فلسطيني في القطاع، وبما نسبته 75% من السكان منذ بداية الحرب، وتم تهجير أكثر من مليون فلسطيني من منطقة رفح بسبب العمليات العسكرية.

وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، جاهزية حكومته لاستلام مهامها في قطاع غزة، ودعا المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لفتح جميع المعابر البرية إلى قطاع غزة وتسليمها للحكومة الفلسطينية، مؤكدا أن "الحكومة أعلنت عن جاهزيتها لاستلام مهامها في قطاع غزة مع المعابر".

وشدد على ضرورة انسحاب جميع القوات الإسرائيلية من قطاع غزة لفتح المجال أمام قيام دولة فلسطينية واستلامها مهامها كاملة، مع التأكيد على الحل السياسي المبني على قرارات الشرعية الدولية.

وعرض الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، خلال كلمة رؤساء الدول، إخلاء ألف من المصابين في قطاع غزة لتقديم العلاج لهم، واليتامى والأطفال وتقديم الرعاية لهم لما بعد الصدمة. وأكد  رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني مجددا على مبادرة العراق لإنشاء صندوق لدعم قطاع غزة .

وأعلن رئيس وزراء إسبانيا، بيدرو سانشيز عزم بلاده تخصيص 60 مليون يورو لدعم فلسطين، عبر الآليات الموجودة لزيادة المساعدات الإنسانية في غزة.

وانضم وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن إلى أعمال المؤتمر بعد تأخر لنحو ساعة، قادما من تل أبيب، وأعلن في كلمة ألقاها عن حزمة مساعدات جديدة للأراضي الفلسطينية بمقدار 404 ملايين دولار أمريكي.

ومن الحقائق التي نشرها المؤتمر حول الأوضاع في غزة، أن إسرائيل لو سمحت بدخول ما معدله 5 أضعاف مواد البناء إلى غزة بعد انتهاء الحرب، فإن إعادة بناء جميع المنازل المدمرة سيستغرق حتى 2040.

وأودت الحرب بحياة أكثر من 36 ألف مواطن من سكان غزة، وأكثر من 270 عامل إغاثة، ونحو 192 عاملا في وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، فيما يعاني نحو 2.3 مليون فلسطيني في غزة من خطر المجاعة.