الإجابة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ :
السحاق هو: استمتاع المرأة بالمرأة فتفعل بها مثل ما يفعل بها الرجل، وهو انتكاس وانحراف عن الفطرة ومن ثمّ يحتاج إلى علاج إيماني؛ للرد إلى الفطرة السليمة التي عليها أغلب الخلق، فالله سبحانه جعل في فطرة المرأة السوية الميل للرجل وليس للمرأة!
وقد أمر الله سبحانه في القرآن العظيم بحفظ الفرج من كل أحد إلا عن الزوج؛ قال تعالى:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: 5 - 7].
بل إن الشارع الحكيم حرم مجرد نظر المرأة لعورة المرأة، وذلك من تمام الحفظ، وأمر بتجنب كل ما يدعو إلى الحرام، كالنظر واللمس وغيرهما؛ ففي الصحيح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد». أخرجه مسلم.
ومن أجل هذا نهي سبحانه وتعالى عن قربان الزنا، ومعلوم أنه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته، ودواعيه؛ فإن: "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"، لا سيما في هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داعٍ إليه.
قال الإمام ابن قدامة في المغني لابن قدامة (9/ 61): "وإن تدالكت امرأتان، فهما زانيتان ملعونتان؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أتت المرأة المرأة، فهما زانيتان". ولا حد عليهما؛ لأنه لا يتضمن إيلاجا، فأشبه المباشرة دون الفرج، وعليهما التعزير؛ لأنه زنى لا حد فيه، فأشبه مباشرة الرجل المرأة من غير جماع". اهـ.
وجاء في "الحاوي الكبير" (13/ 224): "فأما السحاق: وهو إتيان المرأة المرأة فهو محظور كالزنا، وإن خالفه في حده؛ لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "السحاق زنا النساء بينهن". والواجب فيه التعزير دون الحد؛ لعدم الإيلاج بينهما". اهـ.
وقد أجمع أهل العلم على حرمة السحاق بين النساء، وقد عدّه صاحب كتاب "الزواجر عن اقتراف الكبائر" (2/ 235) من الكبائر، حيث قال: (الكبيرة الثانية والستون بعد الثلاثمائة: مساحقة النساء وهو أن تفعل المرأة بالمرأة مثل صورة ما يفعل بها الرجل). كذا ذكره بعضهم واستدل له بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "السحاق زنا النساء بينهن"، وقوله: "ثلاثة لا يقبل الله منهم شهادة أن لا إله إلا الله: الراكب والمركوب، والراكبة والمركوبة، والإمام الجائر". اهـ.
أما كفارة السحاق فلم يؤقت الشارع الحكيم فيه حدًّا ولا كفارة محددة، وإنما فيه التعزير، والمقيم له هو الحاكم أو نائبه
هذا؛ والواجب على من وقعت في تلك القاذورات أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحًا، وتعزم على عدم العود، مع الندم على ما كان منها، مع الابتعاد عن كل المثيرات، وقطع أي صلة بمن تساحقت معها، ولتكثر من الأعمال الصالحة.
قال صاحب "الظلال" عند قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]: "والقرآن يحذر من مجرد مقاربة الزنا. وهي مبالغة في التحرز؛ لأن الزنا تدفع إليه شهوة عنيفة، فالتحرز من المقاربة أضمن، فعند المقاربة من أسبابه لا يكون هناك ضمان.
ومن ثم يأخذ الإسلام الطريق على أسبابه الدافعة، توقيا للوقوع فيه. يكره الاختلاط في غير ضرورة، ويحرم الخلوة، وينهى عن التبرج بالزينة، ويحض على الزواج لمن استطاع، ويوصي بالصوم لمن لا يستطيع .
ويكره الحواجز التي تمنع من الزواج كالمغالاة في المهور، وينفي الخوف من العيلة والإملاق بسبب الأولاد،.
ويحض على مساعدة من يبتغون الزواج ليحصنوا أنفسهم، ويوقع أشد العقوبة على الجريمة حين تقع، وعلى رمي المحصنات الغافلات دون برهان ... إلى آخر وسائل الوقاية والعلاج".،، والله أعلم.