بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 26/12/2022 - 19:30
صورة من الارشيف-الألواح الشمسية في إسبانيا - حقوق النشر BERNAT ARMANGUE/AP
يلجأ الإسبان بصورة متزايدة إلى تركيب الألواح الشمسية، خصوصاً مع الارتفاع المُسجّل في أسعار المحروقات، ما يشكل فرصة لإسبانيا لتقليص تأخرها في هذا القطاع ذي الإمكانات الكبيرة جداً.
وتقول بالوما أوتريرا وهي تشير إلى الألواح الشمسية المثبتة فوق سطح منزلها في بوزويلو دي ألاركون، وهي منطقة يقطنها ميسورون في ضواحي مدريد، إنّ "المنطقة تشهد طقساً مشمساً خلال أيام السنة كلّها تقريباً". وتضيف باسمةً "ينبغي الاستفادة من أشعة الشمس".
وعلى غرار ما أقدم عليه إسبانيون كثر خلال الأشهر الأخيرة، توجّهت هذه الموظفة في قطاع الطيران إلى ما يُسمّى بـ"الاستهلاك الشخصي" المتمثل في إنتاج الأشخاص بأنفسهم الطاقة التي يحتاجون إليها، وركّبت في أيلول/سبتمبر 13 لوحاً شمسياً في منزلها بقدرة إنتاجية تبلغ 4,5 كيلوواط.
وتقول المرأة البالغة 50 عاماً إنّ هذه الخطوة ليست بـ"الاستثمار البسيط" لكنّ الأمر يستحق هذه الأموال خصوصاً مع "المساعدة" التي توفرها الدولة و"التوفير" الذي تعتمده لناحية استهلاك الطاقة، مشيرةً إلى أنّ فواتيرها انخفضت للنصف منذ بداية الخريف.
وتوضح شركة "إنغل سولر" التي تولّت تركيب الألواح أنّ هذه الأخيرة تضمن "50 إلى 80%" من الطاقة التي تحتاجها العائلة. ويؤكد المدير التجاري للشركة التي تضم 200 موظف خواكين غاسكا أنّ الأمر "مثير للاهتمام في ظل أسعار الكهرباء الراهنة".
وخلال عامين، ارتفعت إيرادات الشركة التي تأسست عام 2005 في برشلونة، خمسة مرات، فيما تتوقع مزيداً من ارتفاع في مردودها عام 2023. ويقول غاسكا "إنّ الطلبات تنهار علينا"، مشيراً إلى "نشاط مذهل" في الشركة.
"المصارف" أو "الأسطح"
ولم يشهد "الاستهلاك الشخصي" إقبالاً في إسبانيا كالمُسجّل حالياً، مدفوعاً بأزمة المحروقات الناجمة عن الحرب الأوكرانية من جهة وبالمساعدة المرتبطة بخطة التعافي الاوروبية.
ويقول المتخصص في الطاقات المتجددة لدى شركة "مينتا إنرجيا" إنّ "الألواح الشمسية لم تكن قبل عام، منتشرة بصورة كبيرة على أسطح المنازل في المدن والقرى الإسبانية، لكنّ الوضع تغيّر برمّته اليوم".
أما الأمين العام للاتحاد الإسباني للطاقة الشمسية خوسيه دونوسو، فيبدي الملاحظة نفسها. ويوضح أنّ الإسبان "يلاحظون إقدام جيرانهم على اعتماد الاستهلاك الشخصي، ويرونهم سعداء ويوفّرون الأموال، ما يشجعهم على اتخاذ الخطوة نفسها".
ويشير الاتحاد الذي يضم 780 شركة في قطاع الطاقة الشمسية، إلى أنّ "كمية الألواح المركّبة" في المنازل عام 2022 تخطّت الألفي ميغاواط، وهو رقم مضاعف تقريباً عن ذلك الخاص بعام 2021 (1203 ميغاواط)، وأعلى بأربع مرات عمّا سُجّل سنة 2020 (596 ميغاواط).
ويؤكد دونوسو أنّ الطاقة الشمسية أصبحت مجالاً "تنافسياً جداً" لأنّ تكلفتها أصبحت حالياً أقل بـ90% عمّا كانت عليه قبل 14 عاماً"، لافتاً إلى أنّ "الأشخاص أدركوا أنّ عليهم استثمار أموالهم في تركيب الألواح فوق سطوح منازلهم بدل إيداعها في المصارف".
"ضريبة على الشمس"
ويشكل هذا الازدهار بالنسبة إلى القطاع بمثابة ردّ اعتبار. فإسبانيا، البلد الأول في أوروبا على صعيد معدلات التعرض لأشعة الشمس، كانت قبل 15 سنة أحد أكثر البلدان نجاحاً في مجال الطاقة الشمسية، إلا أنّ الأزمة التي طالتها عام 2008 أعاقت النمو في القطاع وشهدت مدريد تراجعاً بهذا الخصوص مقارنةً مع عدد كبير من الدول الأوروبية.
وكانت نتيجة هذا التراجع بوضع حدّ للدعم الذي كانت توفره الدولة للقطاع، ثم فرضت حكومة المحافظين عام 2015 ضريبة على الأسر التي تنتج الكهرباء وإحالة قسم من الكميات المُنتجة إلى الشبكة العامة، في خطوة وصفها منتقدوها بـ"الضريبة على الشمس".
وجرى التخلّي عن هذه الآلية التي بحسب النشطاء البيئيين اعتُمدت تحت ضغط مارسته شركات الطاقة الكبرى القلقة من المنافسة، بعد تولّي حزب يساري الحكم عام 2018 وتعزيز مساعداته لهذا القطاع.
وأكد رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز في نهاية تشرين الأول/أكتوبر أنّ الاستهلاك الشخصي يجعل من الممكن التحرر "من مجموعات الطاقة الكبرى"، متوقعاً أن تصل قدرات الطاقة الشمسية إلى 39 ألف ميغاواط بحلول عام 2030، بينها 9 إلى 14 ألفاً متأتية من الاستهلاك الشخصي.
ومع أنّ إمكاناتها تُعدّ استثنائية، وفّرت الطاقة الشمسية 9,9% من كمية الكهرباء في إسبانيا العام الفائت، فيما وفّرت طاقة الرياح 23,3% والطاقة النووية 20,8% ومحطات الطاقة التي تعمل بالغاز 17,1%.
وحالياً، "وحدها 4 إلى 5% من المنازل الإسبانية مجهزة بالألواح الشمسية. وبالتالي، أمام هذا القطاع مجال كبير للتقدم"، بحسب خواكين غاسكا الذي يتوقّع أن تصبح الطاقة الشمسية "المصدر الأول للطاقة" في إسبانيا.