خوفاً من أي سوء فهم أو إساءة في التعبير، أولاً وأخيراً، مبروك للجزائر انعقاد القمة العربية الحادية والثلاثين، ومبروك المصالحة الفلسطينية التي سبقتها، وما تزال قائمة حتى الآن، ومبروك للجزائر العزيزة احتفالات ذكرى الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، ومبروك حضور شيوخ الأمة، أطال الله في أعمارهم، وشكراً على تكبدهم عناء ووعثاء السفر.
وخوفاً من أن يحدث لي ما حدث في قمة موريتانيا الغالية عندما تجمعت صحف بلاد المليون شاعر، إلا واحدة، على ما كتبت وكادت تطالب بشنقي (باسم حرية الصحافة)، وطالبت إحداها بطرد الجالية اللبنانية فوراً، وكأن الجالية شركة وأنا صاحبها. خوفاً حقيقياً من أي شيء من هذا، ووفاء لما كتبت طوال عمري عن الجزائر، بدءاً برواية عاطفية بسيطة عنوانها «الحب والجزائر» قدمها أنسي الحاج، وأنا في العشرين من عمري.
بناء على كل ما سبق، أطلب الإذن في التعليق على افتتاحية صحيفة «الخبر»، التي صادف تأسيسها مع أول قمة عربية. تقول الزميلة الغراء: «احتفظت الجزائر على مدى تاريخها الدبلوماسي، بمقاربة تقوم على رفض منطق العداء الذي يكنه جزء من العرب لدول كبرى أخرى في محيطهم الإسلامي الكبير، وعلى رأسها إيران، وتركيا، وعلى هذا الأساس ابتعدت الجزائر عن إقحام نفسها في حرب الخليج الأولى والثانية رغم علاقاتها القوية في ذلك الوقت مع النظام العراقي بقيادة الراحل صدام حسين (...) ومن مفاخر الدبلوماسية الجزائرية تلك الوساطة المنجزة بين العراقيين والإيرانيين (...) كذلك كانت العلاقة مع تركيا دائماً في وضع جيد...»...
هكذا على ما يبدو تراءت تلك الأحداث للزميلة «الخبر»، التي جعلت «الجزائر ترفض منطق العداء لتركيا وإيران». لكن بالنسبة إلينا هنا في المشرق العربي، كان الأمر مختلفاً جداً. مثلاً لم تكن في الخليج «حربان» بل كان هناك احتلال لدولة عربية مستقلة، وقلب نظامها، وانتهاك كرامة شعبها، وقوانين العالم أجمع.
أما «الاتفاقية المنجزة»، التي وقعها صدام حسين وشاه إيران برعاية الرئيس هواري بومدين في الجزائر عام 1975، فإن صدام عاد ومزقها عام 1980 بيديه. وأما العداء لإيران وتركيا فليس عربياً على الإطلاق. إيران هي من تعلن أنها تسيطر على 4 عواصم عربية. وتركيا هي من تقوم بنزهات عسكرية في سوريا والعراق. ولم نرَ مرة دبابة عربية في الأراضي التركية. ولا رأينا جيشاً عربياً يعبر الأراضي التركية للاحتفال بذكرى السلاطين.
طبعاً الأفضل ألا يكون هناك عداء بين إيران وتركيا والعرب. ولكن من الجانبين.