كيف أنقذت الجرذان أفريقيا؟

منذ 1 يوم 25

حتى الحكومات يمكن أن تكون خلاقة في حلولها إن هي رغبت في ذلك. فقد عانت موزمبيق وتنزانيا من أعداد هائلة من الألغام الأرضية المضادة للأفراد، جراء مخلفات الحروب. حيث ينتشر في العالم نحو 110 ملايين لغم، ويلقى حتفه بسببها ما بين 15 و20 ألف شخص سنوياً، فضلاً عن حالات لا تحصى من التشويه. وعانت الدولتان كذلك من إصابات وباء السل، وهو جزء من إصابات البشر البالغة 10 ملايين حالة أسفرت عن وفاة مليون ونصف المليون حالة حول العالم.

لمواجهة هذين التحديين الخطيرين، عملت الحكومتان الأفريقيتان مع منظمة «أبولو»، فتم تطوير نظام مبتكر يستخدم حاسة الشم القوية التي تحظى بها الجرذان الأفريقية لتحديد إصابة الإنسان بالسل من لعاب البشر، بدقة بلغت نسبتها ما بين 20 و60 في المائة، فضلاً عن تعقب الألغام التي لم تنفجر بعد.

هذه الجرذان التي تستخدمها منظمة «أبولو» تبين أن لديها مقدرة خارقة على التسلل إلى حقل ألغام مساحته 200 متر مربع «وفحصه» بالكامل في غضون ثلث ساعة. في حين أن المساحة نفسها قد تستغرق من حامل جهاز كشف المعادن بضعة أيام، علاوة على أنها قد تودي بحياة الإنسان، وخيرة خبراء كشف الألغام.

رغم انضمام ثلاثة أرباع بلدان العالم إلى اتفاقية حظر الألغام دولياً، فإنه ما زال هناك ملايين الألغام التي تبحث عن ضحايا جديدة. وتبقى آثار الألغام لعقود طويلة تهدد سلامة المجتمع ومشاريع التنمية. فما زالت الكويت تكتشف بين حين وآخر لغماً جديداً وضعه جيش النظام العراقي في أراضيها عام 1990؛ حيث زرع الغزاة ملايين الألغام، إذ اعتبرت أعلى نسبة ألغام مزروعة في التاريخ نسبة إلى المساحة التي غرست فيها، بحسب دراسة أشار إليها كتاب «الألغام الأرضية في دولة الكويت». كما جاءت في المرتبتين الثانية والثالثة كمبوديا وموزمبيق. وقد نجحت جهود الكويت في إزالتها بمهارة بالتعاون مع خبراء من بلدان عدة.

الخطورة تكمن في أن 80 في المائة من ضحايا الألغام عالمياً هم من المدنيين الأبرياء، نصفهم من الأطفال. والمؤلم أن من يموتون في حقول الألغام لاحقاً أكثر من عدد شهداء المعارك!

في الواقع، ليست الجرذان التي أنقذت بلداناً أفريقية، بل محاولة الحكومة «التفكير خارج الصندوق» كما يقول الأميركيون. وهذا التفكير الخلاق يمكن أن يحل مشاكل عديدة. فالله تعالى قد يضع سره في أضعف خلقه.