عمل المرأة وتعلمها العلوم الدنيوية

منذ 6 أشهر 130

عمل المرأة وتعلمها العلوم الدنيوية


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 22/5/2024 ميلادي - 14/11/1445 هجري

الزيارات: 18


السؤال:

الملخص:

فتاة مُنعت الدراسةَ لارتدائها النِّقاب، وتميل إلى مجال الرد على الشبهات، وتريد أن تقف على هذا الثغر، وفي الوقت الحالي يتولى أبوها الإنفاق عليها، وهي تخشى أن سنَّه كبِرت، وتسأل: هل يمكن لها أن تتعلم علمًا دنيويًّا من أجل العمل؟ وهل ثمة تعارض بين العمل وبين الزواج؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا فتاة عمري سبع عشرة سنة، منذ سنة أمكث في البيت دون دراسة؛ فقد كنت أدرس من قبل في الثانوية، لكني مُنعت بسبب ارتدائي للنقاب، على القول بوجوبه، ثم إنه قد بدأت تراودني أفكار هذه الأيام عن إتمام دراستي عن بُعْدٍ، وحصولي على الشهادة، وأيضًا خطر ببالي فكرة تعلُّم المرأة للعلوم الدنيوية وحكم ذلك، وكنت قد كلمت إحداهن في هذا الأمر، فوقع في نفسي شيء من أفكارها، وقد قالت ما معناه: من سيقيِّمُك دون شهادة علمية؟ لأنني أخبرتها أنني أحب جدًّا المجال الفِكْري والرد على الشبهات الإلحادية والحداثية، فقلت لها: سأقف بإذن الله على هذا الثغر، وسأبني جيدًا نفسي من خلال القراءة والمذاكرة في البيت، فردَّت عليَّ: ومن سيقبل أن يحاوركِ دون معرفة مستواكِ العلمي؟ فوقع في نفسي كلامها هذا، وأيضًا ذكرت لي أنَّ هناك اختلاطًا محرَّمًا وغير محرم، فمجرد وجود الجنسين في مكان واحد لا يعني حرمة ذلك، وسألتني: كيف ستتقدم الأُمَّة دون علوم دنيوية؟ فلنفترض أنني درست وحصلت على شهادة، ثم أصبحت طبيبة نساء أو أي وظيفة أخرى، ماذا عن فكرة الزواج والأولاد؟ كيف سأهتم بهم وأنا أعمل؟ ألَا يعتبر الأمر متناقضًا؟ وأيضًا ما مدى صحة فكرتها أن الناس اليوم تتعامل بالشهادات فقط؟ أريد رأيكم في هذا الأمر، في الواقع والدي ينفق عليًّ حاليًّا، وأخي لم يصل بعدُ لمرحلة العمل، ولكن والدي يكبَر، وأصبح لا يقدر على العمل، ومن المحتمل جدًّا ألَّا يكون لديه مال في أي لحظة، وأخي قد لا يجد عملًا، وقد يكون راتبه قليلًا ولا يكفينا، فهل هذا يبرر لي أن أدرس وأعمل عملًا مباحًا بلا محاذير شرعية لأنفق على نفسي، إذا لم يوجد من ينفق عليَّ؟ وإذا كان والدي ينفق عليَّ ما أحتاجه فقط؛ يعني: ينفق الضروريات لا الكماليات، فهل يجوز العمل لأنني أحب الكماليات جدًّا؟ وأيضًا ما الثغور التي يمكنني أن أقف عليها كامرأة مسلمة، وواقعنا بحاجة إليها اليوم وتتوافق مع كوني أنثى؟ وهل يوجد تعارضٌ بين العلم والحصول على شهادة، وتربية الأولاد والاهتمام بالزوج؟ وأيضًا أنا أحب التاريخ والمجال الفكري، فهل يوجد ثغورٌ أقف عليها تتفق مع ميولي الشخصية؟ وهل تخصُّص العربية يُعَدُّ ثغرًا اليوم؟ أرجو الإجابة بتفصيل، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فلا شكَّ - أختي الكريمة - أن حرص المسلم على القيام بتعاليم الدين الحنيف أمرٌ بالغُ الحُسن، وهو علامة توفيق، والله سبحانه وَعَدَ المتقين بالجزاء العظيم، وعلى الإنسان كذلك التفقه في دين الله سبحانه، ومعرفة الأحكام الفقهية، والمسائل العقدية؛ حتى يعبُدَ الله سبحانه على بصيرة وهدًى.

أختي الكريمة، ما المانع أن تتكسَّب المرأة وتسعى في طلب الرزق الحلال؟ وما المانع من تعلُّم العلوم الدنيوية؟ ديننا دينٌ شامل لشتَّى جوانب الحياة، ويحثُّنا على تعلُّم كل ما يعود بالنفع على الإنسان.

وعلى الإنسان أن يتحرَّى أسباب الرزق الحلال، وأن يتوخَّى من العلوم والأعمال ما لا يلحقه منه ضرر في أمر دينه ودنياه.

وبالنسبة لتعلُّم العلوم الشرعية، والتسلُّح بسلاح العلم لدَحْضِ الشُّبُهات، والذَّبِّ عن دين الله سبحانه، وإنقاذ البشر من ظلمات الجهل، فهذا أمر مندوب تُؤجَرين عليه.

تعلَّمي واطَّلعي وثقِّفي نفسكِ، واستغلِّي أوقاتكِ بما يعود عليكِ بالنفع، ولو تيسرت لكِ فرصة التعلُّم كذلك في الجامعات، حتى يتم منحكِ شهادة أكاديمية، تُمكِّنكِ من العمل، وتُثبت جدارتكِ، فهو أفضل وأكمل.

أختي الكريمة، نحن الآن في عصرٍ سهَّل لنا الوصول إلى المعلومات، وحتى التواصل مع الجهات التي تقدم الفتاوى الشرعية، وهناك مواقع لعلماء الشريعة الثِّقات، ما عليكِ سوى كتابة عنوان مسألتكِ، وستجدين الفتوى المناسبة لموضوعكِ.

وبإمكان المرأة المسلمة الجمعُ بين العمل والزواج ورعاية الأبناء، متى ما أحسنت إدارة وقتها، وتنظيم مهامها بشكل جيد.

وبإمكانكِ البحث في بلدكِ عن الأعمال المناسبة لميولكِ، ولا تتعارض مع أهدافكِ في الزواج وتكوين الأسرة.

واستمري في تطوير مهاراتكِ وقدراتكِ، ولسوف تَصِلِين بتوفيق الله إلى ما يتناسب مع تطلعاتكِ.

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.