♦ الملخص:
شاب متزوج يشكو سرعة القذف، ويعاني نزول المذي بكثرة، لأقل شهوة حتى لمجرد الكلام، مع ما عليه من ضغوط وديون؛ جعلته عالة على عائلته وأصدقائه، ويسأل: ما الحل؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم.
أنا في أوائل ثلاثينيات العمر، تزوجتُ منذ سنة، قبل الزواج كنت أشاهد الأفلام الإباحية وأمارس العادة السرية، وكنت أقذف سريعًا، وعندما استشرت الطبيب أخبرني بأنني لا أستطيع معرفة ما إذا كنت أعاني سرعة القذف أم لا إلا بعد الزواج، والآن ومنذ تزوجتُ، أعاني سرعة القذف؛ حيث ينزل السائل المنوي بعد الإيلاج بنحو 30 ثانية، وزوجتي تحتاج - على الأقل – دقيقتين؛ هذه هي المشكلة الأولى، ثانيًا: أعاني - منذ كنت في سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة - سلسَ البول، وسلس المذي، خاصة هذا الأخير أتعبني جدًّا جدًّا؛ فقد وصل الأمر إلى حدِّ أنني إذا كلمتُ زوجتي في الهاتف لدقيقة واحدة، في أمور حياتنا اليومية، أشعر بانتصابٍ خفيف ينزل معه مذيٌ، ولو قبلة خفيفة في أثناء خروجي من المنزل، ينزل المذي أيضًا، حتى لو كانت زوجتي بجانبي في السرير فقط، وكلٌّ منا مشغول بهاتفه، ينزل المذي أيضًا، والمذي الذي ينزل ليس قطراتٍ، لكنه كمية كبيرة، تصل بالشورت الداخلي والسروال إلى البلل؛ ما يسبب لي إحراجًا لا يُوصف، حتى أصبحت أضع الفوطة اللاصقة للنساء في الشورت الداخلي؛ حتى يمتص تلك الكمية، ولا يظهر خارجًا، أما المشكلة الثالثة، فهي أنني منذ خمس سنوات أمُرُّ بفترة رهيبة من المشاكل والضغوطات المتتالية والديون الكبيرة، أنا الآن منهار نفسيًّا ومحبط ومكتئب، وأدمنتُ الحشيش وعقار البريغابالين؛ حيث إن هذا الأخير ينقص كثيرًا من المذي، ويؤخر القذف، ناهيك عن الشعور بالقليل من السعادة للهروب مؤقتًا من الواقع المرير الذي أعيشه؛ فقد كنت ملتزمًا وناجحًا في دراستي الجامعية، ولاعبًا لكرة القدم مع النوادي، وأحمل شهادة ماستر في التدريب الرياضي، وأتقن العزف على آلة العود، أما الآن، فقد تركت كل شيء، وزاد وزني، وأصبحت عالة على عائلتي، وأصدقائي، وزوجتي، وابنتي الصغيرة ذات الشهرين، أنا غارق وسط دوامة، ولا أعرف كيف أخرج منها، أنا على وشك الانتحار؛ فأرجو منكم الاهتمام والرد، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتك هو:
1- كنت شابًّا مستقيمًا وناجحًا في دراستك، ولاعبَ كرة قدم في أحد النوادي.
2- ثم تركت كل ذلك، وانغمست في مشاهدة الإباحيات، وتمارس العادة السرية.
3- لاحظت أنك سريع القذف للمني، وتسأل عن علاجه.
4- منذ كنت في سن الخامسة عشرة، وأنت تعاني من سلس البول والمذي.
5- منذ خمس سنوات تعاني من ضغوطات مادية رهيبة، وديون؛ وبسببها أنت الآن منهار نفسيًّا، ومحبط، ومكتئب.
6- ابتُليت بتعاطي المخدِّرات؛ لتشعر بالقليل من السعادة، وللهروب مؤقتًا من واقعك المرير.
7- أصبحت عالة على عائلتك وزوجتك وأصدقائك وابنتك الصغيرة.
8- تقول: إنك تعيش في دوامة لا تدري كيف تخرج منها، وأنت على وشك الانتحار.
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: مشكلتك اشتملت على أمورٍ، علاجها خارج نطاق الاستشارات الأسرية، وتحتاج لعلاج طبي؛ مثل سرعة القذف؛ لذا فلا بد من علاجها بالأدوية المتاحة.
ثانيًا: اشتملت مشكلتك على أمور، علاجها في اختصاص الاستشارات الأسرية، وهذه سأجيبك عنها إن شاء الله بما يفتحه الله عليَّ.
ثالثًا: قلت: إنك كنت شابًّا مستقيمًا ولاعب كرة قدم وموسيقى، لا أدري كيف اجتمعت كلها في شخص واحد.
وعمومًا يبدو أن استقامتك كانت استقامة عاطفة وقتية، لا ضابط لها من علم ومن قوة إيمان؛ ولذا سرعان ما انهارت أمام الفتن؛ من الإباحيات، المخدرات، وغيرها؛ ولذا حتى ترجع إلى استقامتك، فعليك بالآتي:
1- طلب العلم النافع.
2- الدعاء.
3- المجاهدة على الطاعات وترك المعاصي.
4- الإكثار من تلاوة القرآن.
5- مجالسة الصالحين وأهل العلم والفضل.
6- ترك مجالسة جلساء السوء.
رابعًا: ذكرت أنك تحملت ديونًا كثيرة، وبسببها أنت منهار نفسيًّا، ومكتئب، وبسببها تعاطيت المخدرات؛ لتهرب ولو قليلًا عن واقعك المرير، ولكي تحس بسعادة وقتية، فأقول: يبدو أن السبب الرئيس لانهيارك النفسي ليس هو الديون فقط، بل هناك ما هو أخطر منها؛ وهو انحرافك عن الطريق الصحيح، وتركك أو تساهلك بالواجبات الشرعية، خاصة الصلاة وبر الوالدين؛ ولذا أظلم قلبك وقسا، ولم تبالِ بولوج عالم المخدرات والإباحيات؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 124 - 126].
فلا بد من توبة صادقة ترجع بها إلى الله سبحانه، وتحافظ بها على الصلوات كلها في أوقاتها بالمساجد؛ قال سبحانه: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238].
خامسًا: ولوجك دهاليز المخدرات للهروب من واقعك المرير، والإحساس بسعادة وقتية - يدل بوضوح على ضعف شديد في إيمانك، وفي خوفك من الله سبحانه؛ ولذا بدلًا من أن تلجأ لله سبحانه متضرعًا خاشعًا متذللًا تائبًا، تطلب منه سبحانه تفريج كربك، لجأت للمخدرات.
سادسًا: ومن العجيب أنك بارزته سبحانه بالمعاصي، وتطلب بها السعادة، والله عز وجل هو مفرج الكربات وحده؛ قال سبحانه: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].
والمعاصي والمخدرات لا تسبب سعادة أبدًا، بل تسبب قمة التعاسة والشقاء؛ ولذا أنت الآن محبط وتفكر في الانتحار.
سابعًا: أفما آن لك أن تعرف عِظَمَ جنايتك على نفسك، وعلى زوجتك وأهلك ومجتمعك؛ بتعاطيك هذه المخدرات الموبقات، والله عز وجل حرَّم المسكِرات، وهي من أشدها؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ﴾ [المائدة: 90 - 92].
ثامنًا: وانظر في حال بعض الصحابة رضي الله عنهم واقتدِ بهم؛ فقد كانوا يعتادون شرب الخمر، فلما أُنزلت الآيات السابقة في تحريمه، تركوها فورًا، وقالوا: انتهينا يا ربنا، انتهينا، وأراقوا كميات كبيرة من الخمر، حتى إن المؤرخين قالوا: إن شوارع المدينة سالت من الخمر.
تاسعًا: تعبَّدَنا الله سبحانه بطاعته، وترك معاصيه، ومدح على ذلك؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].
عاشرًا: أهم ما تعالج به نفسك من المخدرات هو الدعاء، ثم قد تحتاج لعرض نفسك على عيادة العلاج من المخدرات، فبادر إليها فورًا.
حادي عشر: تحتاج بشكل عام لتقوية إيمانك بالقدر والصبر على الأقدار؛ لأنه بسبب ضعفك في هذا الجانب المهم جدًّا هجمت عليك الأحزان، ففزعت لمداواتها بأنكى منها، وبما يزيدها اشتعالًا وإحراقًا؛ وهو المخدرات والمعاصي.
ثاني عشر: حافظ بقوة على العلاجات الشرعية الآتية؛ وهي:
• الصلاة.
• تلاوة القرآن.
• الدعاء.
• الاستغفار.
• الذكر.
• الاسترجاع.
• المجاهدة.
ثالث عشر: حكم المذي والمني من حيث الطهارة والنجاسة.
أ- المني طاهر:
1- يخرج بشهوة.
2- يعقب خروجه فتور في الجسم.
3- لونه أبيض مائل للصفرة.
4- ثخين ليس رقيقًا.
5- يخرج دفقًا وفي دفعات.
6- رائحته تشبه طلع النخل أو رائحة العجين، وإذا يبس يكون رائحته كرائحة بياض البيض الجاف.
كل واحدة من هذه الصفات كافية في كونه منيًّا.
يوجب الغسل إذا خرج بلذة، سواءً خرج يقظة أو منامًا؛ بسبب جماع أو احتلام أو الاستمناء المحرم.
وقبل الغُسل من خروجه يحرم على المسلم: مس المصحف، وقراءة القرآن، والصلاة، ودخول المسجد، والطواف حول الكعبة، إلا بعد الاغتسال بتعميم البدن بالماء، مع النية، والمضمضة والاستنشاق.
وعند تعمد إخراجه يبطل صوم الصائم.
ب- المذي نجس نجاسة مخففة، وهو ماء رقيق لزج شفاف، لا لون له، يخرج عند المداعبة، أو تذكر الجماع، أو إرادته، أو النظر، أو غير ذلك، ويخرج على شكل قطرات على رأس الذكر، وربما لا يحس بخروجه، ويجب التطهر من المذي من الثوب والبدن، ويكفي النضح (الرش)؛ لأن نجاسته مخففة، مع غسل الذَّكَرِ والأنثيين (الخصيتين)، وخروجه ناقض للوضوء، فيجب منه الوضوء لا الغسل.
ج- الودي نجس يخرج عقب البول، وهو غير لزج، أبيض ثخين يشبه البول في الثخانة، ويخالفه في الكدورة، ولا رائحة له، يأخذ أحكام البول من حيث النجاسة والتطهر منه.
حفظك الله، وشفاك، وردك إليه ردًّا جميلًا، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.