فضحت معصية أخي عند أمي

منذ 1 يوم 12

فضحت معصية أخي عند أمي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/1/2025 ميلادي - 27/7/1446 هجري

الزيارات: 27


السؤال:

الملخص:

فتاة وضعت صورة لا يظهر فيها وجهها على التليجرام، فرآها أخوها الأصغر، فوشى بها لأمها، التي حاسبتها حسابًا شديدًا، وأغلظت لها القول؛ فما كان منها إلا وشت بمعصية لأخيها كانت تكتمها عن أمها، وهي خائفة من عقاب الله تعالى، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

أنا الأخت الكبرى بين إخوتي، وضعت صورةً لي على التليجرام، بلباس محتشم جدًّا، لا تُظهر وجهي، ولا يراها إلا صديقاتي، لكني – من غير قصد – أضفتُ أخي الأصغرَ إلى من يُمكنهم مشاهدة الصورة، فوشى بي إلى أمي، فغضِبت أمي، وذكَّرتني بأشياء قديمة، وانضمَّ إليها في الحوار أخواي، وهدداني بإخبارهما أبي، فلم أحتِمل هذا الضغط من الجميع، فقلت لأمي: "بدل أن تحاسبيني على أفعالٍ أحلَّها الله لي، فلتحاسبي أبناءكِ على المحرَّمات القذرة التي يفعلونها"، فأنا أعلم عنهم أشياءَ وأكتمها، أسأل الله لهم الهداية، وتحت وطأة إلحاح أمِّي عليَّ بأن أشيَ بما فعله أخي الذي وشى بي إليها؛ أخبرتها بما كان منه، ويعلم الله أنني حاولت الستر عليه مدة طويلة، لكن تهديدها لي، وضغطَها عليَّ أوقعني في هذا الأمر، فأفسد كل شيء، فما كان مني بعد هذا الموقف إلا أن اعتذرت إلى إخوتي، وقبَّلت رؤوسهم، ولم أخبر أخي بما قلت لأمي؛ حتى لا يقع في الحرج، لكني ما زلت خائفة من عقاب الله تعالى، فماذا أفعل؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ أما بعد:

فأولًا: أُحيِّي والدتكِ على محاسبتكم على كل صغيرة وكبيرة، ومتابعتكم على وسائل التواصل الاجتماعي، ومنعكِ من وضع صوركِ أيضًا، فهذا أمر مهم جدًّا، حتى لو كان لباسكِ محتشمًا، دون ذكر، هل أنتِ مُحجَّبة فقط؟ ذكرتِ أن وجهكِ لا يظهر في الصور.

المهم في ذلك هو موقف والدتكِ جزاها الله خيرًا لحرصها على تربيتكم، والحفاظ عليكم من وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة المفسدة منها في هذه الأيام.

ثانيًا: أما الخطأ بإضافة أخيكِ، فقد قدَّر الله عز وجل لكِ هذا الأمر حتى تحاسَبي على أمر هو خير لكِ؛ حتى لا تعاودي وضعَ صورةٍ مرةً أخرى، فاحمَدي الله عز وجل حتى لا تسترسلي في المرات القادمة لتصلي إلى وضع صورتكِ كاملة.

يُرجَى الانتباه لهذا الأمر؛ فإن وسائل التواصل الاجتماعيِّ لا يُؤمَن عُقباها في أي حال؛ لذا انتبهي جيدًا حتى لو كان لصديقاتك، فاليوم قلما نجد الصديقة الوفية التي تخاف عليكِ من شياطين الجن والإنس.

أكرر قول الله تعالى: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

ثالثًا: وشايتكِ لمعصية أخيكِ تحت الضغط عن محرَّمات قام بفعلها، وهذه هي استشارتكِ.

هل هذه المحرَّمات التي فعلها سَتَرَها الله عليه وفضحتِهِ؟ هل هو سرٌّ أخبركِ به أو أنكِ أنتِ من اكتشفتِه وحدك؟ هل رأيتِه بأمِّ عينكِ يفعل هذا المحرَّم؟ علمًا أنني لا أعلم ما هو هذا الفعل أو كيف عرفتِ به، هل تحدثتِ معه أن فعله هذا حرام؟ هل أخبرتِه أنكِ تعلمين؟ هل نصحته؟ هل تركَ هذه المعصية وحده أم بسبب نصحكِ له؟

هنا أقول: في حال أنكِ عرفتِ ولم تنصحيه، عليكِ إثمُ عدمِ النصح.

إن كان هو من أخبركِ، فهنا تحملين إثمَ خيانة الأمانة بعدم حفظ السر، والحكم هنا هو التوبة النصوح عن هذا الفعل، وعدم العودة إلى إفشاء أيِّ سرٍّ أسرَّه أحدٌ إليكِ؛ قال تعالى: ﴿ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 34]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ﴾ [النساء: 58]، وإذا كان الحفاظ على السر واجبًا، فإن إفشاء السر حرام، والحديث في هذا الموضوع يطول، ولكن ما هي كفَّارة إفشاء السر، التي هي بُغيتنا هنا، خاصة إن نشأ عنه عداوة بينكِ وبين أخيكِ؟ فقد اعتبر أهل العلم كفَّارة إفشاء السر خاصة إن أقسم ألَّا يكشف سرًّا، لزِمه حينئذٍ أن يُكفِّر كفَّارةَ يمينٍ، وهذا يعود أيضًا إلى نيتكِ في كشف السر.

لذا وبكل الأحوال: أنصحكِ بالتوبة إلى الله عز وجل على جميع الأحوال من النميمة؛ بسبب إفشاء السر أمام والدتكِ، وهنا والدتكِ هي من يكون لها الدور التربويُّ بينكِ وبين أخيكِ؛ حتى لا يكون هناك شحناء أو بغضٌ بينكِ وبين إخوتكِ، فيجب على والدتكِ معرفة هذه الأحكام الشرعية، ومراعاة أن يبقى الود والوئام بينكِ وبين إخوتكِ، ولها أن تُعَذِّرَ كليكما على حِدَةٍ، فهذا يعود إلى وعيها التربوي في تربية الأبناء على وسائل تنمية الحب والاحترام بين الأطفال؛ وأهمها احترام بعضهم خصوصية بعض، وهناك آداب لهذا الأمر يجب أن تتعلمها والدتكِ؛ منها:

احترام الخصوصية، واحترام المشاعر، وفن الاعتذار، وفن الشكر، وتنمية الحب والاحترام بين الأطفال، وغير ذلك الكثير.

وفي الختام: لا تحمِّلي نفسكِ فوق طاقتكِ.

وفَّقكِ الله عز وجل للتوبة النصوح، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.