استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 26/6/2024 ميلادي - 19/12/1445 هجري
الزيارات: 15
♦ الملخص:
امرأة عاملة، تشكو عدم تعاون زوجها معها في شيء، فهو يريد أن يُخدَمَ طوال الوقت، ويخفي عنها أمورًا تتعلق بعمله ووضعه المادي الذي ساء كثيرًا بعد الزواج، حتى إنه صار يقترض منها، وقد فاق الوضع قدرتها على التحمل، وتسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
أنا امرأة متزوجة، أعمل طبيبة، تخصصي خفيف، زوجي يعمل مهندسًا حرًّا، وهو وحيد أهله، تربى على الرفاهية، أما أنا ففي بيتي الكل يشارك في أعمال البيت، أشكو أنه لا يشاركني في شيء، ولا يساعد في أعمال البيت، والأدهى من ذلك أنه يحقِّر من دوري، وينسى أنني أقف طوال النهار، في الوقت الذي يكون فيه نائمًا؛ لسهره طوال الليل على اللاب توب، لدرجة أنني شككت فيه، وهو منشغل دومًا بألعاب الفيديو، وإذا جلس معي لا يبادلني الأحاديث، بل يلعب على هاتفه، أنام وحدي كثيرًا؛ لأني لا أحب السهر مثله، يخفي عني أمورًا كثيرة تخص عمله، بحجة أنه لا يريد أن يزعجني، وضعه المادي ساء بعد الزواج، ولا أستطيع أن أتحمله، يأخذ مني المال ولا يعيده إليَّ، معتبرًا أن مالي وماله شيء واحد، أريد حلًّا.
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى؛ أما بعد:
فيا بنتي، أسأل الله العظيم أن يجمع بينكما على خير، وأن يرزقكما الذرية الصالحة، ولي معكِ وقفات:
• خَلَقَ الله الإنسان على الفطرة، لكن البيئة التي يعيش فيها تجعله يكتسب منها سلوكيات ومهاراتٍ، وقيمًا وأخلاقًا تتشابه مع بيئته، فالإنسان ابن بيئته؛ جاء في صحيح ابن حبان: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كلُّ مولودٍ يولَدُ على الفطرةِ فأبواه يُهوِّدانِه أو يُنصِّرانِه أو يُمجِّسانِه))، والمعنى أن كل شخص يدخل الحياة الزوجية وله أكثر من 20 سنة، وهو مربًّى على خلق وعادات تطبع عليها في حياته؛ ولذا فمن الصعب تغييره في يوم وليلة، بل يحتاج الأمر إلى صبر وحسن تدبير.
• أصعب شيء على الإنسان أن يُغيِّر غيره، فهو لا يستطيع لأن الأمر بيد الله ثم بيده هو إن أراد التغيير: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وهنا انتبهي أن تُصِرِّي على تغييره بالقوة فإنه سيرفض، وإنما حاولي تغيير قناعاته حول الأمر الذي تريدين تغييره.
• مشكلة كثير من الناس أنه يريد تغيير السلوكيات؛ مثل: الصلاة، والاحترام، والصيام، وبر الوالدين... وينسى أن يسأل نفسه: لماذا هو لا يصلي، أو لا يبر والديه؟ سيجد أن هناك قناعات في رأسه تدور حول أن هذا السلوك "ليس واجبًا، عادي، كل الناس تفعل، أحب الاستمتاع".
والمطلوب هنا: تغيير القناعات قبل تغيير السلوك، اجتهدي في تغيير قناعاته، الرسول صلى الله عليه وسلم ظل في مكة ثلاث عشرة سنة ليبني العقيدة في قلوبهم، أما العبادات فمعظمها فُرضت في العهد المدني.
• ابتعدي عن الانتقاد، الانتقاد السبب الرئيس لإغلاق القلوب والنفوس عن التقبُّل والتغيير، فكثرة الانتقاد تجعل الرجل يكره السلوك، ولا يقتنع به أو يعمله عنادًا لمن نصحه، حتى يصل الأمر إلى أن يكره الناصح نفسه.
• لي أكثر من ثماني عشرة سنة في الاستشارات، ووجدت أن أفضل وسيلة للتغيير، هي مهارة الاحترام ومهارة الحب، وأقصد أن يقتنع هو أنكِ تحترمينه قولًا وفعلًا، أن يقتنع هو أنكِ تحبينه قولًا وعملًا، وسترين الفرق بإذن الله، ولكِ أن ترجعي إلى كتابي: (رياحين العلاقة الزوجية)، وكتابي (أولادنا وبناء القيم)، وكلاهما تجدينهما على موقع الألوكة، ستتعلمين بإذن الله منهما طريقة بناء القيم.
• اهتمي بصحتكِ وسعادتكِ أكثر وأكثر، وتذكري أن الرجل بطبيعته يحب الفريسة إذا ابتعدت عنه وهي تُغريه بصيدها؛ لذا أنصحكِ: اهتمي بلباسكِ وجمالكِ وصحتكِ، ابتسمي واضحكي ولا تنتقدي أو تسخري منه، ولا أقصد الهروب منه، وإنما دَعِيه يرى جمالكِ وأنوثتكِ وأخلاقكِ، صدقيني إذا رآها فسيتغير بإذن الله من أجلكِ حتى لا يفقدكِ.
• أخيرًا: الدعاء الصالح والصبر عليه، فلعل الله سبحانه أراد أن يبتليكِ ليرفع منزلتكِ في الجنة على صبركِ واحتسابكِ الأجر، فلا تستعجلي.
أسأل الله العظيم أن يصلحكما، وأن يسخِّرَ لكِ زوجكِ، وأن يصلح لكما الذرية، وصلى الله على سيدنا محمد.