استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 9/10/2024 ميلادي - 6/4/1446 هجري
الزيارات: 37
♦ الملخص:
امرأة تشكو ضعف شخصية زوجها، وقلة خبرته الحياتية، وتأثره بالمشاكل بشكل كبير، وتسأل: كيف أتعامل معه؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خطبني ابن عمي، وسرعان ما وافقت على الزواج منه؛ لأن أخلاقه عالية، وسمعته طيبة، وبعد الزواج اكتشفت أنه ضعيف الشخصية؛ ما يجعله يستحيي في تعامله مع الناس، فلا يتمكن من التعامل الصحيح مع المواقف الحياتية، وذلك يرجع إلى أنه لم يعاشر أحدًا من قبل الزواج، ولا يعرف ماهية المشاكل، ويتأثر بها جدًّا، إذا وقعت بيننا مشكلة صغيرة، ينهار البيت، ويكتئب ولا يخرج للعمل، ومهما كانت المشكلة صغيرة، فهو يهدِّد بالزواج الثاني، على أن مشاكلنا قليلة، وتكون كل أسبوع أو أسبوعين، أو شهر أو شهرين، ونحلها معًا بالحوار الهادئ، الذي أحيانًا يتحول إلى مشكلة، لكننا نرجع ونجلس معًا لنجد حلًّا، سؤالي: كيف أتعامل مع زوجي؟ وأريد منكم أن ترسلوا نصيحة لزوجي، وأنا سوف أبلغه إياها، وجزاكم الله خيرًا.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكِ الله يا أختي، وأشكر لكِ ثقتكِ بإخوانكِ في موقع الألوكة، وأسأل الله أن يعيننا على تقديم ما ينفعكِ وينفع الناس، رسالتي إليكِ وإلى زوجكِ:
• الزواج نعمة عظيمة من نِعَمِ الله، وهو سُنَّة حسنة من سُنَنِ الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أعظم أسبابه الحصول على السَّكِينة والاطمئنان، وإعفاف الزوجين عن الحرام، وتكوين أسرة مطمئنة متماسكة؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21].
• الخلاف بين الناس أمر طبيعي؛ بسبب اختلاف الثقافة والبيئة، والتربية والتدين، فما بالكِ بين زوجين لأول مرة يجتمعان في بيت واحد، قد تربَّى كل منهما على طريقة وشخصية معينة؟
• مشكلتنا الدائمة ليست في وجود المشاكل، وإنما في طريقتنا في التعامل معها، وإلا فالمشاكل موجودة في كل البيوت، ولن تنتهي ما دام هناك احتكاك واختلاف في الرأي؛ لذا علينا أن نتعلم كيف نتعامل مع المشكلات، وكيف نجد الحل المناسب لها.
• أصعب شيء على الإنسان أن تُنتقد شخصيته عندما يخطئ، والصحيح أنكِ إذا أردتِ تغيير سلوك معين عند زوجكِ أو غيره، ركزي على السلوكِ وليس على الشخصية، فإذا انتقد الشخص في شخصيته، دخل في مرحلة العناد والصُّراخ والشِّجار؛ لأنه بذلك يدافع عن نفسه وشخصيته، لكن إذا ركزنا على السلوك الخاطئ، وأنه يمكن تغييره إلى سلوك إيجابي، هنا تخف المشكلة على سامعها.
• تذكَّرا أن الجدال بين الزوجين لا يأتي بخير، فقد ذمَّه الشرع والنقل وتجارب الناس، فكم من حوادث الطلاق والضرب والقتل وقعت بعد الجدال! خاصة عندما يكون فيه اتهام ورفع للأصوات، والسب واللعن، وغيرها من وساوس الشيطان؛ لذا كلما كان الحوار هادئًا ومحترمًا للطرف الآخر، كانت النهاية إيجابية.
• أنتِ ذكرتِ أن الزوج كان اختلاطه بالناس ضعيفًا، وهو سبب رئيس في تكوين شخصيته الضعيفة؛ لذا أنصحكِ بتقوية شخصيته، بالاعتماد عليه، ثم مدح إنجازاته، ولا تطلبي أكثر من قدراته، وإنما ارضي بالقليل؛ لأنه مع مرور الزمن وثقة الزوج بنفسه، يصبح القليل كثيرًا.
• تذكري أن زيارة الأقارب والجيران، والصالحين وروَّاد المساجد، والجلوس معهم، وسماع قصصهم يقوِّي الشخصية، ويزيد من التجارب الناجحة لديكما.
• أنتِ تذكرين أن مشاكلكم قليلة، وتكون كل أسبوع أو أسبوعين، أو شهر أو شهرين؛ لذا أقول لكِ: احمَدي الله واشكريه؛ فغيركِ مشاكله لا تنقطع، بل إن بعض الناس تصل مشاكلهما إلى الشرطة والأقارب والجيران، وبعضها يصل إلى الحرام والشرف، فإذا رأيتِ أن الله أبعدكِ عن مثل هذه المشاكل، فاحمدي الله كثيرًا واشكريه.
• مسألة الزواج الثاني، هو سلاح يستخدمه الزوج من أجل التهديد وعقوبة الزوجة، فحاولي الابتعاد عن مواقف التوتر بينكما؛ حتى لا يقلق ويكتئب، ثم يتخذ قراره دون وعيٍ، ثم تكون مشاكله على الأسرة بأكملها.
• ابحثي عن البركة في حياتكِ، في نفسكِ وأعمالكِ ومالكِ، وفي بيتكِ، فهناك أعمال وأقوال وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذا عمِلها العبد، حلَّت البركة عليه، وأنصحكِ بالاطلاع على كتابي (الأسرة المباركة)، تجدينه على موقع الألوكة الإلكتروني، جمعت معظم الأحاديث التي تتحدث عن البركة.
• أهم نقطة للحفاظ على الأسرة أن يكون بينهما احترام، مهما حصل من مشاكل بينهما، وعدم التعدي على شخصية الآخر بالسب أو اللعن، أو الاستهزاء أو السخرية؛ لأن المشاكل هنا ستزيد وتكبُر.
• والنقطة الثانية التي تجعل الأسرة تستمر بعد توفيق الله هي إشاعة الحب والعاطفة بين الزوجين، وتجديد مواطن وكلمات ولمسات الحب بين الفينة والأخرى، فالحب مثل الأكل والشراب لا يستغني عنه الإنسان إذا أراد الحياة.
• أنا لا أدَّعي أن حالكما سيتغير سريعًا، لكننا مطالَبون أن نُغيِّرَ من أنفسنا أولًا؛ حتى يبارك الله لنا؛ كما قال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، وتذكَّري أن الحرب الدائرة بينكما، والجدال المتكرر لا يُسبِّب إلا ألمًا وشرخًا في القلوب قبل العلاقة الزوجية، عدا ما يُسبِّبه من ألمٍ وقهر في قلوب الأطفال.
• لي أكثر من 18 سنة في الاستشارات، ووجدت أن أفضل وسيلة للتغيير هي مهارة الاحترام ومهارة الحب كما ذكرت لكِ سابقًا، وأقصد أن يقتنع هو أنكِ تحترمينه قولًا وفعلًا، أن يقتنع هو أنكِ تُحبِّينه قولًا وعملًا، وسترَينَ الفرق بإذن الله، ولكِ أن ترجعي إلى كتابي (رياحين العلاقة الزوجية)، وكتابي (أولادنا وبناء القيم)، وكلاهما تجدينهما على موقع الألوكة، ستتعلمين بإذن الله منهما طريقة بناء القيم.
• أخيرًا: أكْثِرا من الدعاء الصالح بأن يكتب الله لكما الخير أينما كان، وبصلاح الجميع، فلعل الله سبحانه أراد أن يبتليكما ليرفع منزلتكما في الجنة على صبركما واحتسابكما الأجر؛ لذا اصبرا ولا تستعجلا في اتخاذ القرارات السلبية.
أسأل الله العظيم أن يوفقكما لكل خير، وأن يصرف عنكما كل شر، وصلى الله على سيدنا محمد.