زوجتي تركتني وتزوجت زميل العمل

منذ 2 سنوات 301

السؤال:

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .الله يزيد بعلمكم ويجعله فائدة للأمة، كنت متزوج لمدة أربع سنوات وزوجتي كانت تعمل وبنفس الشغل كان معها شخص حاول أن يتقرب منها كتيرا على مدار سنة كان يجلب لها اكل رغبة منه أن تطلب الطلاق ويتزوجها وبالفعل طلقتها وتزوجها ما حكم هذا الشخص في الشرع وهل يجوز شرعاً قتله أو على أقل تقدير اذينه ؟ 

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فقد حرمت الشريعة المطهرة إفساد المرأة على زوجها، بل جعلت تخبيب الزوجة من أقبح المعاصي وأكبر الذنوب؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في مسند الإمام أحمد: ((ليس منا من خبب امرأة على زوجها، ولا عبدًا على مواليه)).

وإفساد الزوجة والتفريق بين الزوجين من فعل السحرة وأفعال الشياطين؛ فإن الله يبغض الطلاق؛ وإنما يأمر به الشياطين والسحرة كما قال تعالى في السحر: { فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: 102].

الصحيح عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعتَ شيئًا، قال ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت"، قال الأعمش: أراه قال: «فيلتزمه».
وقد نصّ الفقهاء على أنه "لو خبب امرأة على زوجها حتى طلقها ثم تزوجها وجب أن يعاقب هذا عقوبة بليغة، وهذا النكاح باطل في أحد القولين في مذهب مالك وأحمد وغيرهما، ويجب التفريق بين هذا الظالم المعتدي وبين هذه المراة الظالمة"، قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في "المستدرك على مجموع الفتاوى" (4/ 166).

أما قتل هذا الظالم فلا يجوز مطلقًا؛ لأن قتل النَّفس بغير حقٍّ من أكبر الكبائر، وأشنع الجرائم وأقبحها؛ قال تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]، وقال: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الأنعام: 151]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزالُ المؤمِن في فُسحة من دينِه ما لم يصِبْ دمًا حرامًا))؛ رواه البخاري من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.

وفي الصَّحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلم يَشهَد أن لا إلهَ إلاَّ الله وأنِّي رسولُ الله إلاَّ بإحدى ثلاث: النَّفس بالنَّفس، والثيِّب الزَّاني، والمفارِق لدينِه التَّارك للجماعة)).

أيضًا فإنَّ إقامة الحدود موكولة إلى الحاكم، أو مَن يقوم مقامه، لا إلى آحاد النَّاس، وهذا أمر بَدَهيٌّ؛ حتَّى لا تعمَّ الفوضى، وتنتشِر المفاسد والفتن العظيمة.

فإن أمر الحدود يفتقِر لدقَّة في الإثبات، لا تتحقَّق على الوجْه الشَّرعيّ إلاَّ بأن يختصَّ بذلك وليُّ الأمر أو مَن يقوم مقامه، فكيف بالقتْل الذي هو عدوانٌ محض، وظلمٌ بيِّن؟! 

هذا؛ ومن أعظم ما يعينك على الصبر والنسيان الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن ما أصابك لم يَكن ليُخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما قدره الله عز وجل في طياته خير للمؤمن ولا شكَّ؛ قال تعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 216]، وقال: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].

وأيضًا فإن الله تعالى جعل الغاية الكبرى مِن خلق الإنسان هي ابتلاؤه وامتحانه بالخير والشر؛ فمَن يصبر يعوضه الله خيرًا؛ قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: 165]، وقال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1، 2]، والله تعالى ابتلاكم بهذا ليعلم صبرك؛ كما قال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 142].

فالابتلاء سنَّة كونية لا تتبدل ولا تَتخلف؛ أعني: اختبار الصبر والعبودية؛ قال تعالى: {الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: 1 - 3]،، والله أعلم.

  • 1
  • 0
  • 38