استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 2/10/2024 ميلادي - 29/3/1446 هجري
الزيارات: 18
♦ الملخص:
شابٌّ مسرف على نفسه، تاب إلى الله بعد أن صوَّر مقطعًا مخلًّا وأرسله لفتاة كان يتحدث معها، لكن تبين أنها رجل، وهدده بنشر المقطع، فتاب من حينها، لكن خوفه من نشر المقطع يؤرقه، ويسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ في أول العشرينيات، اقترفت معاصيَ كثيرة، كبائرَ وصغائرَ، تبتُ من بعد حادثة وقعت لي؛ وهي أنني – في ساعة شهوة – صوَّرت مقطعًا مُخِلًّا وأرسلته لفتاة كنت أحادثها، لكن تبيَّن لي أنها ليست فتاة، بل رجلًا، وهددني بنشرها، تبت إلى الله بعدها، وبدأت أصلي وأقرأ القرآن، وذهب عني كثير من الهمِّ والحمد لله، لكني أخشى أن ينشر المقطع ويكون عليَّ إثم، ويعلم الجميع خطئي، ما يطمئنني شيئًا قليلًا أن وجهي ليس ظاهرًا، وأنني بحثت كثيرًا عن المقطع في الإنترنت، فلم أجد شيئًا، أنا تائه ونادم، ولقد تركت تلك الأفعال وتبت إلى الله، لكن الخوف مما يُستقبل يؤرقني، أرجو أن تطمئنوني.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى خَلَقَ الإنسان وركَّب فيه غريزة الشهوة والميل إلى الجنس الآخر، لِحِكَمٍ عديدة تتمثل في استمرار النسل وبناء الأُسْرَة، وقد شرع سبحانه شرائع وحَدَّ حدودًا، وأمرنا سبحانه بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 21]، ويقول تبارك وتعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ [النور: 30]، ودعونا نقرأ تعليق المفسر الشيخ السعدي رحمه الله حول قول الله جل وعلا: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]: "والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه؛ فإن من حام حول الحِمى يُوشِك أن يقع فيه، خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داعٍ إليه، ووصف الله الزنا وقبَّحه بأنه ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً ﴾ [الإسراء: 32]؛ أي: إثمًا يُستفحش في الشرع والعقل والفِطَر؛ لتضمُّنه التجرِّي على الحُرمة في حق الله، وحق المرأة، وحق أهلها أو زوجها، وإفساد الفراش، واختلاط الأنساب، وغير ذلك من المفاسد، وقوله: ﴿ وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]؛ أي: بئس السبيل سبيلُ مَن تجرَّأ على هذا الذنب العظيم"؛ [تفسير السعدي].
وقد وقع ما وقع أخي الكريم، فلا بد الآن من التوبة الصادقة، والله سبحانه رحيم بنا ويقبل التوبة؛ يقول تبارك وتعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25]، ويقول جل وعلا: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطائين التوَّابون))؛ [أخرجه الترمذي، وابن ماجه].
وللتوبة شروط ثلاثة قرَّرها أهل العلم: الإقلاع عن الذنب، والندم على ما فات، والعزم على عدم العودة.
أخي الكريم: لقد انتشرت الحِيَلُ التي يمكر بها أهل الخبث والدناءة طمعًا بما في أيدي الناس من أموال، فيسلكون وللأسف مسالك دنيئة، وطرقًا وضيعة يستدرجون بها الأشخاص عبر إثارة عواطفهم، وتهييج غرائزهم؛ ولذلك أنصحك بالتوجه إلى الجهات الأمنية، وطلب المساعدة منهم، وعدم الاستسلام لحبال هؤلاء المعتدين، عسى الله أن يكُفَّ شرَّهم عن خَلْقِهِ، وأن تجد ما يرشدك لحماية نفسك، والخلاص من آثار هذه المقاطع الْمُخِلَّة، وحماية نفسك والمجتمع من انتشارها.
وسَلِ الله سبحانه أن يُعيذك من شرورهم، وأن يعصمك من الزَّلَلِ.
أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.