دراسة: التغير المناخي سيسرق لون المحيطات في نهاية القرن

منذ 1 سنة 130

العوالق النباتية أو الفايتوبلانكتون (phytoplankton) هي نباتات دقيقة لا تُرى بالعين المجرّدة، تتخذ من أسطح المحيطات والأنهار والبحيرات سكناً لها، ولا تستوي حياة جلّ الكائنات البحرية بدونها؛ إذ إنها تعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء، كما أنها تُعتبر المصدر الأول للغذاء في المحيطات حيث تقبع في أسفل الهرم الغذائي.

وتزيّن هذه النباتات المجهرية المحيطات باللونين الأخضر والأزرق، وهي عملية تُعرف ب "التمثيل الضوئي"، حيث تقوم النباتات بالاستفادة من طاقة ضوء الشمس واستخدامها لتحويل ثاني أكسيد الكربون والماء إلى مركبات عضوية، مثل جزيئات السكر، والأكسجين. وهكذا تَمُد النباتات نفسها بالغذاء، وتوفِّر الأوكسجين الضروري للكائنات البحرية.

تلعب العوالق النباتية دوراً أساسياً في تنظيم المناخ، لكنها سريعة التأثر بارتفاع درجة الحرارة، وتعتمد إنتاجيتها على بعض الظروف، منها أشعة الشمس وسرعة الرياح ودرجة ملوحة المياه، كل هذه العوامل مشتركة، تؤثر على مظهرها المرئي من السماء.

لكن دراسة جديدة مثيرة للقلق، أكّدت أن المحيطات ستفقد لونها المميز خلال 80 عاماً فقط، ووجد باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنلوجيا في الولايات المتحدة أن تغير المناخ سيسبّب تغيرات في العوالق النباتية، مما يؤثر في لون المحيط. ويعني التغيير أن المناطق الزرقاء والخضراء في المحيط ستكثف بالألوان، وفقا للخبراء.

واستخدم الفريق نماذج الحاسوب لبناء توقعات لتغير المناخ، ووجدوا أنه بحلول عام 2100، سيتغير لون أكثر من 50% من محيطات العالم، وستصبح المناطق الزرقاء أكثر زرقة، لتعكس عدداً أقل من العوالق النباتية، في حين أن المناطق الخضراء سوف تتحول إلى اللون الأخضر الغامق، حيث أن درجات الحرارة الأكثر دفئاَ هي التي تفرز كميات كبيرة من العوالق النباتية.

وتحتوي العوالق النباتية على الكلوروفيل، وهو الصباغ الذي يمتص معظمه في الأجزاء الزرقاء من أشعة الشمس، وأقل في الأجزاء الخضراء، ونتيجة لذلك، ينعكس المزيد من الضوء الأخضر من المحيط، مما يمنح المناطق الغنية بالطحالب لوناً أخضر.

وقالت الدكتورة ستيفاني دوتكيتش، التي قادت الدراسة إن هذا الاختلاف يمكن أن يكون خطيراً للغاية. حيث أن تحول مجتمع واحد من العوالق النباتية إلى آخر سيؤدي لتغير الشبكات الغذائية للعديد من الكائنات البحرية.

وأضافت: "تُعدّ العوالق النباتية أساس الشبكة الغذائية وهي تتغيّر بسرعة كبيرة، إذا تلاشت أنواع معيّنة منها، فإن ذلك سيؤدي إلى تغيُّر نوع الأسماك التي يمكنها البقاء حية، ما سيؤثّر على السلسلة الغذائية بأكملها".

لقد ارتفعت درجة حرارة الأرض لأكثر من درجة مئوية (1.8 درجات فهرنهايت) منذ القرن التاسع عشر، وعلى هذا النحو يتوقّع العلماء أن ارتفاع حرارة المناخ سيزداد بوتيرة أسرع إذا لم تتخذ الدول خطوات جادّة لتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. لجنة من العلماء المدعومين من الأمم المتحدة قالت العام الماضي إن الأمر يتطلب تدخّلًا لم يسبق له مثيل خلال العقد القادم للحد من الاحتباس الحراري ودرء أكثر العواقب كارثية.

وربما مع حلول نهاية القرن الحالي، ستظهر تأثيرات التغير المناخي من خلال ملاحظة لون مياه المحيطات من الفضاء. حيث من المتوقع أن يبدو كوكبنا مختلفاً تماماً على المدى القريب، وستبدو المحيطات أكثر زرقةً وخُضرةً من أي وقت مضى.