حصيلة رهيبة للخسائر على كافة الأصعدة بعد سنة من الحرب في أوكرانيا

منذ 1 سنة 217

في 24 شباط/فبراير 2022، أرسل فلاديمير بوتين قواته لغزو أوكرانيا في ما كان يُفترض أن يكون عملية خاطفة، لكنها تحوّلت الى حرب مدمّرة. بعد مرور عام، ما زالت كييف تقاوم لكن النزاع خلف عشرات الآلاف من القتلى ودمارًا هائلًا في الاقتصاد والبنية التحتية.

خسائر عسكرية هائلة

180 ألفًا بين قتيل وجريح بين الجنود الروس و100 ألف في الجانب الأوكراني: حصيلة الخسائر العسكرية المرعبة هذه أعطتها النرويج، فيما تشير مصادر غربية أخرى إلى 150 ألف قتيل في كل جانب. ومن باب المقارنة، يُذكر أن خمسة عشر ألفًا من جنود الجيش الأحمر قتلوا خلال عشر سنوات من الحرب في أفغانستان (1979-1989).

يستخدم الجانب الأوكراني عبارات مثل "مجزرة" و"أهداف للمدافع" لدى الحديث عن الاستراتيجية الروسية القائمة على إرسال مجندين لم يحصلوا على تدريب كافٍ الى الجبهة في مواجهة الدفاعات الأوكرانية القوية.

كما انضم آلاف السجناء الروس إلى صفوف مجموعة "فاغنر" المسلحة، ويراقبهم عناصر آخرون عن قرب، مانعين إياهم من التراجع، حتى في مواجهة أهداف منيعة، كما تقول كييف وشركاؤها.

أوقعت الهجمات الروسية المتعددة خسائر جسيمة في الجانب الأوكراني. وهو ما يتضح من كثرة الأعلام الصفراء والزرقاء المنصوبة في المقابر.

حصيلة مدنية رهيبة

في ماريوبول، المدينة الساحلية في الجنوب الأوكراني، تحوّلت المباني إلى هياكل سوداء، وكانت الجثث تغطّي الشوارع بعد ثلاثة أشهر من القصف الروسي. وأحصت كييف أكثر من 20 ألف قتيل مدني أوكراني في المدينة.

في الإجمال، يُقدّر أن 30 إلى 40 ألف مدني قتلوا في الحرب، وفقًا لمصادر غربية. في نهاية كانون الثاني/يناير، قدّرت الأمم المتحدة عدد القتلى والجرحى بنحو 18 ألفًا، مع الإقرار بأن "الأرقام الفعلية أعلى بكثير". وقالت كييف إن بين القتلى أكثر من 400 طفل.

قالت الأمم المتحدة إن معظم الضحايا قتلوا في القصف الروسي. كما حصل في دنيبرو حيث قتل في منتصف شهر كانون الثاني/يناير ما لا يقل عن 45 شخصًا بينهم ستة أطفال عندما ضرب صاروخ عابر مبنى سكنيًا. ونفى الكرملين مسؤوليته عن الضربة.

وتقول كييف إن هناك ألغاما مزروعة في 30% من الأراضي الأوكرانية. وتتهم منظمة "هيومان رايتس ووتش كييف بأنها زرعت أيضا الغاما في منطقة إيزيوم في الشرق. هذه الألغام، وإن كانت أقل فتكًا في الوقت الحالي، خطيرة جدًا على المدى الطويل وتستغرق إزالتها عقودًا، وفق خبراء.

جرائم حرب

ستظلّ صور الحرب في أوكرانيا محفورة في الذاكرة: جثث مدنيين بعضهم مقيّد اليدين خلف ظهورهم متناثرة في أحد شوارع بوتشا، بالقرب من كييف، بعد انسحاب القوات الروسية منها في نيسان/أبريل. لعبة من الفراء مغطاة بالدماء خارج محطة كراماتورسك للقطارات، بينما كان آلاف المدنيين يحاولون الرحيل من المنطقة. قصف مستشفى للولادة في ماريوبول في آذار/مارس، وصورة امرأة حامل تم إجلاؤها على نقالة لكنها لم تنجُ.

أبلغ عن نحو 65 ألف حالة قد ينطبق عليها وصف جرائم حرب، وفقًا لمفوض العدل في الاتحاد الأوروبي ديدييه رايندرز.

نُسبت إلى القوات الروسية عمليات إعدام واغتصاب وتعذيب وخطف أطفال، قالت كييف إن أكثر من 16 ألفًا منهم نُقلوا إلى روسيا أو إلى منطقة خاضعة للسيطرة الروسية. واتهم محقّقو الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر روسيا بارتكاب جرائم حرب "واسعة النطاق".

كما اتُهمت أوكرانيا بارتكاب جرائم حرب ضد أسرى روس.

فتحت المحكمة الجنائية الدولية في 2 آذار/مارس 2022 تحقيقًا في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا.

وبدأت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في الثاني من آذار/مارس 2022 حول جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا.

جبهة ممتدة على 1500 كلم

يستحضر الوضع في شرق أوكرانيا الغارق في الحرب والدماء صور الحرب الكبرى. جنود منهكون في قاع الخنادق الموحلة، وقصف مدفعي متواصل، وحفر ضخمة خلفتها القذائف، ومشاهد مدن وقرى مدمرة تبعث على الرعب...

يمتد خطّ الجبهة "النشط" على طول 1500 كيلومتر من الشمال إلى الجنوب في شرق أوكرانيا، بحسب قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني. ومن بين النقاط الساخنة باخموت التي يصفها المقاتلون الأوكرانيون بأنها "جهنم على الأرض" وحيث تدور معركة دامية منذ الصيف، وحيث تتقدّم القوات الروسية ومقاتلو مجموعة فاغنر مترًا بعد متر، منذ أسابيع.

ما زال بضعة آلاف من المدنيين يعيشون في المدن التي تتعرّض للقصف مختبئين في الأقبية، بدون ماء أو كهرباء، معتمدين على المساعدات الإنسانية التي يقدمها متطوعون شجعان.

خلف الجبهة، لا تسلم مدن مثل كراماتورسك من الضربات القاتلة. أما المناطق التي تم تحريرها خلال الهجوم الأوكراني المضاد في الخريف، فهي مدمّرة تماما، ويمكن أن تسقط في أيدي الروس.

تحتل القوات الروسية نحو 18% من أوكرانيا، ولكن وفقًا للجنرال زالوجني، استعادت كييف 40% من الأراضي المحتلة بعد غزو 24 شباط/فبراير.

اقتصاد منهار

مبانٍ مدمرة ومصانع أغلقت وبنية تحتية منهارة: تنتشر مثل هذه الصور من جميع أنحاء جنوب وشرق أوكرانيا حيث يتركز القتال منذ أن فشلت القوات الروسية في السيطرة على كييف في نيسان/أبريل.

التكلفة هائلة بالنسبة لأوكرانيا التي تقلّص ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 35% في عام 2022، وفقًا للبنك الدولي. وقدّرت أكاديمية كييف للاقتصاد في كانون الثاني/يناير الأضرار بنحو 138 مليار دولار، بالإضافة إلى 34,1 مليار دولار هي خسائر القطاع الزراعي. وأحصت منظمة يونسكو من جانبها تضرّر أكثر من 3000 مدرسة و239 موقعًا ثقافيًا.

منذ أيلول/سبتمبر، استهدفت موسكو بشكل منهجي البنية التحتية للطاقة. وبحلول كانون الأول/ديسمبر، كان نصف منشآت أوكرانيا تقريبا في هذا القطاع متضررًا، ما أدّى إلى إغراق الأوكرانيين في الظلام والبرد.

اللاجئون

تسبّب القتال، وفقًا للأمم المتحدة، بمغادرة ما يقرب من ثمانية ملايين شخص أوكرانيا ونزوح ستة ملايين آخرين داخليًا.

تستضيف بولندا أكثر من مليون من اللاجئين الأوكرانيين، ما يجعلها أول دولة مضيفة لهم.

يقول المسؤولون المعينون من سلطات الاحتلال الروسي إن ما لا يقل عن خمسة ملايين أوكراني غادروا بلادهم إلى روسيا. لكن كييف تتحدث عن "إجلاء قسري".

المساعدات العسكرية الغربية

في نيسان/أبريل، عبرت مواكب من المركبات العسكرية الأوكرانية التي يعود تاريخها إلى الحقبة السوفياتية ويعد بعضها تحفًا حقيقية، أوكرانيا باتجاه دونباس في الشرق.

طالبت كييف الغرب بتزويدها بمعدات حديثة في مواجهة الهجوم الروسي.

في تشرين الثاني/نوفمبر، قدّر معهد البحث الألماني كيل (Kiel) بنحو 37,9 مليار يورو قيمة المعدات العسكرية التي وعد شركاء كييف بتقديمها لها. ويعتقد أن قاذفات "هيمارس" الأميركية الصاروخية المتعددة التي يبلغ مداها 80 كلم والمتفوقة على المعدات الروسية، أسهمت في التقدّم الكبير الذي سجلته قوات أوكرانيا في الخريف وفي استعادتها مساحات شاسعة من أراضيها في مناطق خاركيف في الشمال الشرقي وخيرسون في الجنوب.

viber

في كانون الثاني/يناير، قرّر الغرب تسليم كييف دبابات ثقيلة، بعد أن تردّد في ذلك فترة طويلة. وتطالب أوكرانيا بتزويدها بطائرات مقاتلة.