استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 1/6/2024 ميلادي - 24/11/1445 هجري
الزيارات: 32
♦ الملخص:
امرأة زوجها على خُلُقٍ ودين، لكنَّ أمورًا قلَّلت من مكانته في قلبها؛ منها تدخينه للشيشة، ومشاهدته أفلام الكرتون، وأنه لم يخبرها قبل الزواج أن لديه صعوبات في التواصل، كلُّ هذه الأمور قلَّلت من نظرتها إليه، فلم تعُد تنجذب إليه، وهي تسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
أنا متزوجة منذ سنة، زوجي - ولله الحمد - شابٌّ طيب، وذو خُلُقٍ، وحريص على الصلاة، وهذا الشيء الذي يجعلني أتقبله كزوج، لكن منذ تزوجنا وأنا أكتشف عنه أمورًا تنفرني منه، أولًا: اكتشفت أن اهتماماته تافهة؛ فهو يشاهد أفلام الكرتون، ومواقع التواصل الاجتماعي في وقت فراغه، واكتشفت أنه يصور بسناب شات بحساب عام، وأنا في المقابل أمقت هذه الأمور ولا أتابعها، وأخاف أن تؤثر فيَّ، ولأنه زوجي فأنا أخشى أن يصبح أكثر تفاهة، ومن ثَمَّ فلا أثق به في أمور التربية، وثانيًا: أنه قد أخبرني بعد الزواج معاناته من صعوبات في التعلُّم، فأخبرته أن هذا لا يؤثر في محبتي له، ونظرتي له، لكن في الواقع أُحبطت أنه لم يصارحني من قبل، فأمرٌ كهذا قد يؤثر في قرار زواجي به، خصوصًا أنني أراه يواجه صعوبات في العمل والتواصل، وأُحِس بالذنب أن هذا الأمر لا يعجبني، وأخيرًا، فقد اعترف لي أنه كان يدخن الشيشة، ودخَّنها بعد الزواج مرة واحدة، ثم ذكر لي أنه أقلع عنها، فكلَّمته بهدوء أن الشيشة لا ترضي رب العالمين، وأنها تُقززني، وأرى أنها تقلل من قدر الإنسان، فوعدني أنه سيُقلع عنها، لكنه تمسَّك بالخروج مع أصحابه إن رغبوا في ارتياد أماكن شرب الشيشة، وهذا الأمر يقلل من مكانة الرجل عندي، الآن أصبحت أخشى مصارحته لي؛ حيث إنني لم أعد أنجذب إليه، وأُحِس بالذنب الشديد، أيضًا أنا قلقة من إنجاب الأطفال منه، فأرجو أن تدُلُّوني على طريقة للتعامل معه ومع مشاعري تجاهه، شاكرة لكم، وبارك الله فيكم وفي جهودكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتكِ هو:
1- تزوَّجكِ شاب طيب وذو خُلُقٍ وحريص على الصلاة.
2- اكتشفتِ أمورًا تنفركِ منه؛ منها تفاهة اهتماماته؛ حيث يشغل فراغه بمشاهدة أفلام كرتون، ومواقع التواصل، والتصوير بالسناب شات.
3- تخشين أن يصبح زوجكِ أكثر تفاهة ولا تثقين به في القدرة على تربية الأبناء مستقبلًا.
4- وأنتِ على العكس منه تتمتعين بالجدية في حياتكِ، وتكرهين هذه التفاهات.
5- أخبركِ بعد الزواج أنه يعاني من صعوبات في التعلم، ولحظت ذلك عليه في عمله، وأنتِ متضايقة من عدم إخباره بذلك قبل الزواج، وأصابكِ إحباط بسبب ذلك، وتُحِسِّين بالذنب لأن ذلك لا يعجبكِ.
6- قلتِ إنه اعترف أنه يشرب الشيشة، ونصحتِهِ، ووعدكِ أن يقلع عنها، لكنه قال: إنه سيتردد على مقاهيها، إذا طلب زملاؤه ذلك، وكلامه هذا يقلل من نظرتكِ للرجل.
7- الآن أصبحت تخشين من عدم مصارحته لكِ؛ أي: من كذبه عليك.
8- وتقولين: إنكِ لم تعودي تنجذبين إليه، ومتوترة حيال إنجاب أطفال منه؛ بسبب تصرفاته، وتخوفكِ من عدم قدرته على تربية الأبناء، وبسبب عدم انجذابكِ له.
9- ثم تطلبين طريقة للتعامل معه، ومع مشاعركِ تجاهه.
فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: ما دُمْتِ ذكرتِ أن في زوجكِ صفاتٍ رائعة تحلُم بها كل فتاة؛ وهي الطيبة، والخلق، والحرص على الصلاة، فلعلكِ تصبرين على ما ذكرتِهِ عنه من سلبيات، وتستمرين في مناصحته برفق وحكمة ليترك ما لحظتِهِ عليه.
ثانيًا: لا تنسَي علاجًا عظيمًا جدًّا، بل هو أقوى علاج، ما هو؟ هو الدعاء؛ فله شأن عظيم في حل المشكلات، فلا تتقالِّيه؛ قال سبحانه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62].
ثالثًا: يبدو أن زوجكِ تربى على مشاهدة أفلام كرتون منذ صغره، واستمر عليها سنوات لعدم وجود بديل مناسب يشغل فراغه، وكذلك تربى على التصوير بالسنابات مدة طويلة قبل زواجه، ويبدو أن له أصدقاء يشاركونه نفس الاهتمامات؛ فإذًا الحل هو محاولة شغل فراغه بما ينفعه وينفع أمته، وحبذا إن تيسر تغيير أصدقائه، وتعريفه على أناس جادين.
رابعًا: أمَّا خشيتكِ أن يستمر زوجكِ على تفاهة اهتماماته، وكذلك خشيتكِ من عدم قدرته مستقبلًا على تربية الأبناء، فأقول إن استمر بعد المناصحة على هذه الاهتمامات الناقصة، فأشْعِريه صراحة أنكِ لا ترضين بها، وأن استمراره عليها ربما أضر بكما وبأبنائكما مستقبلًا.
خامسًا: أما تأخره في إخباره لكِ بما يعانيه من صعوبات تعلُّمٍ، ولم يخبركِ بها إلا بعد الزواج، فقد أخطأ في ذلك، ولعل السبب في ذلك خشيته من عدم قَبولكِ به، وهو المُذنب في تصرفه، وأنتِ لا تُلامين على تضايقكِ من تصرفه هذا.
سادسًا: أما إقلاعه عن شرب الشيشة، ثم قوله: إنه سيذهب مع أصدقائه لأماكن الشيشة، فقد يدل على مدى تعلقه بأصدقائه، وبسبب هذا التعلق قد يرجع لشرب الشيشة؛ ولذا فيجب تحذيره بشدة من هؤلاء الأصدقاء، ومن أماكن تعاطي الشيشة؛ أي مقاهيها.
سابعًا: يجب أن يُفهم أن شرب الشيشة محرَّم، كما أن شرب الدخان محرم، وزيادة على ذلك فهي ضارة صحيًّا، وعن طريقها تنتقل الأمراض، ولي مقالة هنا في الألوكة بعنوان: (حوار طريف بين داعية ومُحْرِم مُدخِّن في ميقات السيل)، فيها توجيهات مهمة جدًّا لمتعاطي الدخان والشيشة تُقاس عليه، بل هي أشد.
ثامنًا: أما عدم انجذابكِ إليه وتوتركِ في موضوع الإنجاب منه، فكلها نتيجة تراكمات الصدمات من تصرفاته، ولأن شخصيتكِ واهتماماتكِ مختلفة تمامًا عن شخصيته؛ فالأمر يدور بين الصبر عليه ومناصحته، لعل حاله يتحسن إلى الأفضل، خاصة مع وجود صفات إيجابية جدًّا فيه (الطيبة والأخلاق والحرص على الصلاة)، وبين الخوف من عدم صلاح حاله، ويُحسَم ذلك باللجوء لله سبحانه، العليم الخبير، الذي يعلم ما يصلح لكما، وما لا يصلح، فاستخيري الله كثيرًا بصدقٍ، وسيدلكِ الله سبحانه على قرارٍ سليم تطمئن له نفسكِ.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.