بينها الحناء وصابون نابلس وحلب.. تقاليد تدرجها اليونيسكو على لائحة التراث الثقافي العالمي غير المادي

منذ 1 شهر 27

بقلم:  Imen Oueslatiيورونيوز

وثّقت منظمة اليونسكو مؤخراً مجموعة متنوعة من الممارسات الثقافية التي تمثل الذاكرة الحية للشعوب، مؤكدة أهمية الحفاظ على التراث الإنساني في عالم متغير.

إذ أضافت مجموعة متنوعة من الممارسات الثقافية إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي، مسلطة الضوء على الثراء الثقافي العالمي من أوكرانيا، وصولا إلى فلسطين، مرورا بـسلوفيكيا وباريس...

أوكرانيا: بيسانكي.. رمز الصمود والهوية

يمثل بيض "بيسانكي" الأوكراني أكثر من مجرد تحفة فنية. فهو يحمل في طياته قصة مقاومة ثقافية عميقة. تُزين هذه البيضات بأنماط معقدة باستخدام تقنية الشمع، متجاوزة حدود الحرب والصراعات. فقد صرح وزير الثقافة الأوكراني مكولا توتشيتسكي قائلا: "في معركة الدفاع عن وطننا، يسقط فنانونا حاملو التراث الحي، لكننا نثبت أننا غير منكسرين حتى في أكثر الأوقات ظلامًا".

الفن الساذج في سلوفاكيا: حكاية إبداع ريفي

في قرية كوفاتشيتا، ولد فن ساذج يروي قصص الحياة اليومية برؤية فريدة. بدأت القصة عام 1939 عندما قرر المزارعان - مارتن بالوسكا وجان سوكول - الرسم خلال أشهر الشتاء الطويلة. كانا من أصحاب التعليم المحدود، لكنهما أسسا تقليداً فنياً متميزاً.

تقول آنا زولناج بركا، مديرة معرض الفن الساذج: "بدأ كل شيء بريشة مزارعين بسطاء". واليوم، يضم المعرض المحلي أعمال 50 فناناً، ويستقبل 20 ألف زائر سنوياً. من أبرز الفنانين زوزانا تشالوبوفا التي رسمت لوحات الأطفال المنشورة على ملايين بطاقات اليونيسيف.

باريس: حرفة الأسقف الزنكية.. ذاكرة عمرانية

تغطي الأسقف الزنكية 80% من مساحة باريس، لتشكل أرشيفاً حياً للهندسة المعمارية. تتطلب الحرفة مهارات دقيقة في إزالة الزنك القديم وتركيب القطع الجديدة باستخدام تقنيات تقليدية.

الشابة فانتين ديكنز (21 عاماً) ترى في هذا الإدراج فرصة للتركيز على أهمية جذب الشباب للحرف التقليدية، قائلة: "إنه اعتراف بمهنتنا، لكن الأهم هو التفكير في سبب ندرة العاملين في هذا المجال".

التراث الثقافي غير المادي: رحلة فلسطين في ذاكرة العالم

 في إنجاز دبلوماسي وثقافي بارز، أضافت منظمة اليونسكو الصناعات التقليدية الفلسطينية إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية، لتحتل صناعات صابون نابلس وحلب والحناء مكانة عالمية تليق بأصالتها وعراقتها.

تمثل هذه الخطوة اعترافاً عالمياً بالتراث الفلسطيني، حيث يُعد صابون نابلس رمزاً ثقافياً وتاريخياً يمتد لمئات السنين. تتميز صناعته بتقنيات تقليدية دقيقة تبدأ باستخدام زيت الزيتون النقي، ويتم طهيه على النار لمدة خمسة أيام، ثم صبه وتقطيعه لمكعبات صغيرة، ليخضع بعدها لعملية تجفيف طبيعية تستمر 30 يوماً في الصيف وحتى 60 يوماً في الشتاء.

 وازدادت أهمية الإدراج مع صابون حلب، الذي يُعتبر من أقدم الصناعات العالمية، حيث تمتد طرق إنتاجه لـ3000 عام. يصنع باستخدام زيوت الزيتون واللوز المحلية، محافظا على تقاليد صناعية عريقة.

أما الحناء، فقد حظيت باهتمام خاص كرمز للدورة الحياتية الإنسانية، حيث أدرجت باعتبارها تراثا ثقافيا في 16 دولة عربية. وتستخدم في طقوس الزفاف وتلوين الشعر، لتكون شاهداً على استمرارية التقاليد.

وصفت المديرة العامة لليونسكو أوديري أزولاي هذا الإنجاز بإعادة تعريف مفهوم التراث، بحيث لم يعد ممكناً فصل الملموس عن غير الملموس. ووقعت 183 دولة اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي منذ 2003، وأدرجت 145 دولة عناصر ثقافية على القائمة.

يمثل هذا الإدراج احتفاءً بالهوية الثقافية وإشارة واضحة إلى أهمية الحفاظ على الممارسات التقليدية كجزء أساسي من الذاكرة الإنسانية.

رؤية اليونسكو: حماية الذاكرة الإنسانية

أكدت المديرة العامة أوديري أزولاي أن هذه الاتفاقية أعادت تعريف التراث ليشمل الممارسات والتقاليد غير الملموسة. وأضافت فوميكو أوهيناتا، أمينة اتفاقية حماية التراث الثقافي قائلة: "نحن نوثق طريقة عيشنا، موسيقانا، رقصاتنا، معارفنا، طعامنا، ملابسنا، وكل ما يجعلنا نشعر بالحياة".