تحليل لـCNN: ماذا يعني اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو "أقوى منافس" لأردوغان؟

منذ 6 ساعة 20

تحليل بقلم نادين إبراهيم من شبكة CNN

(CNN)-- اعتقلت الشرطة التركية، الأربعاء، رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو ، أقوى منافس للرئيس رجب طيب أردوغان، في خطوة يقول خبراء إنها تهدف إلى إقصاء جميع المنافسين المحتملين قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، وتعزيز سلطته.

واعتقل  أكرم إمام أوغلو، في إطار تحقيقات في قضايا "فساد وإرهاب"، في خطوة أدانتها المعارضة ووصفتها بـ"دوافع سياسية"، كما اعتُقل نحو 100 شخص آخرين على صلة به، بمن فيهم رئيسا بلديتي إسطنبول المنتخبان، رسول عمرة شاهان ومراد جاليك.

وتأتي موجة الاعتقالات بعد حملة قمع استمرت أشهرا ضد المعارضة في تركيا.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني، انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش أردوغان لإقالته العديد من رؤساء البلديات المنتخبين من المعارضة واستبدالهم بآخرين معينين من قبل الحكومة.

وقال مراد سومر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوزيجين في إسطنبول، بأن اعتقال رئيس بلدية إسطنبول جزء من التحول السياسي الذي تشهده تركيا. 

وأضاف سومر، لشبكة CNN ، إن تركيا في عهد أردوغان تنتقل من "نظام استبدادي مفتوح إلى نظام استبدادي كامل على الطراز الروسي أو البيلاروسي، وهذا يبدو جهدا مخططا له ومنظما جيدا بدأ الخريف الماضي".

ولم يتضح بعد ما إذا كانت المعارضة ستتمكن من الصمود في هذا الجهد، وأكد إمام أوغلو أنه لن يتراجع.

وقال إمام أوغلو، الذي شغل منصب رئيس بلدية إسطنبول مرتين، في مقطع فيديو صُوّر قبل اعتقاله بقليل: "نحن نواجه تنمرًا هائلًا، لكنني لن أتراجع، أحبكم جميعا، أسلم نفسي للشعب، سأقف شامخا".

وفي رسالة منفصلة، ​​قالت زوجة إمام أوغلو، ديليك، إن "أولئك الذين لا يريدون الخسارة في صناديق الاقتراع القادمة قد اتخذوا هذه الخطوة"، في إشارة إلى أردوغان ومعسكره.

"تهديد كبير"

كان إمام أوغلو، أحد أكثر الشخصيات السياسية شعبية في تركيا، التهديد الرئيسي لأردوغان.

ومدد أردوغان حكمه لعقد ثالث بعد فوزه في انتخابات رئاسية حاسمة عام ٢٠٢٣، ليضمن بذلك ولاية ثانية إلا أن حزبه لم يتمكن من السيطرة على مدينة إسطنبول الرئيسية، التي كان رئيسًا لبلديتها قبل أن يصبح رئيسا، والتي لا تزال في أيدي منافسه إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي.

وبعد فوزه بولاية ثانية، كان أردوغان عازما على استعادة المدينة في انتخابات البلدية في مارس/ آذار ٢٠٢٤، والتي شهدت فوز إمام أوغلو مجددا بنسبة ٥١.١٤٪ من الأصوات، متغلبا على مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان وكان قد انتُخب رئيسا لبلدية إسطنبول في ٢٠١٩.

وقال سونر كابتاغاي، مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، لشبكة CNN: "يرى أردوغان في إمام أوغلو منافسا رئيسيا".

وينحدر كلا الزعيمين من ساحل البحر الأسود، وكما استغل أردوغان رئاسته لبلدية إسطنبول في التسعينيات لإقناع الناخبين بقدرته على إدارة تركيا بكفاءة، وقال كابتاغاي: "لقد خلق إمام أوغلو نفس السمعة"، وأضاف: "كان هذا تهديدا كبيرا لأردوغان، فقرر القضاء عليه في مهده".

ويسير إمام أوغلو على طريق قيادة البلاد يومًا ما. 

وأشارت بعض استطلاعات الرأي إلى أنه إذا ترشح للرئاسة ضد أردوغان، فسيحصل على المزيد من الأصوات.

وقال سومر: "يتمتع إمام أوغلو بشعبية كبيرة"، مضيفا أن إمام أوغلو "بارع بشكل خاص في جذب الدعم، حتى من المعسكرات المؤيدة لأردوغان تقليديا"، وأضاف: "هذا بالطبع يشكل تهديدا كبيرا لأردوغان".

وجاء اعتقاله قبل أيام قليلة من الموعد المقرر لإجراء حزب الشعب الجمهوري انتخابات تمهيدية، حيث كان من المتوقع اختيار إمام أوغلو مرشحًا رئاسيًا للجولة التالية من الانتخابات الرئاسية.

ويأتي ذلك أيضًا بعد أن أعلنت جامعة إسطنبول، الثلاثاء، أنها ألغت شهادة إمام أوغلو بسبب "مخالفات".

ويشترط في المرشحين للرئاسة في تركيا الحصول على شهادة جامعية.

وردًا على اعتقاله، دعا حزب الشعب الجمهوري إلى احتجاجات في مقرات الحزب ومكاتبه الإقليمية في جميع أنحاء تركيا.

 ووصف زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، اعتقال إمام أوغلو بأنه "محاولة انقلاب ضد رئيسنا القادم".

وفي غضون ذلك، دافع حلفاء أردوغان عن حملة القمع.

رفض حليف أردوغان وزعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، وصف اعتقال إمام أوغلو بـ"الانقلاب"، مضيفا أن النزول إلى الشوارع احتجاجا على اعتقاله "فساد سياسي جائر وفقدان للصواب"، وأصر بهجلي على أن القضاء التركي "مستقل ونزيه".

فترة رئاسية ثالثة؟

يقول الخبراء إن أردوغان يسعى على الأرجح إلى تمديد حكمه لولاية ثالثة.

ووفقا للدستور، يُسمح للرؤساء بالترشح لفترتين فقط،  وللالتفاف على هذه القاعدة، سيتعين على أردوغان إما تعديل الدستور أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

ولتغيير الدستور، سيحتاج أردوغان إلى دعم حزب الشعب الجمهوري، ثاني أكبر حزب في الجمعية الوطنية الكبرى التركية بعد حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، والذي يضم أكثر من 130 عضوًا في البرلمان.

ويضم الحزب أكثر من 270 مقعدا، ويتطلب أي تعديل دستوري تصويتا بأغلبية الثلثين في البرلمان.

وسبق أن عدل أردوغان الدستور في استفتاء 2017، والذي حول نظام الحكم في تركيا من البرلماني إلى رئاسي، مانحا أردوغان سلطات واسعة.

وقد يدعو الرئيس التركي أيضا إلى انتخابات مبكرة، مما سيمنحه 5 سنوات أخرى على الأقل من الحكم، إذ ستكون ولايته الثانية غير مكتملة.

 وللترشح للرئاسة في انتخابات مبكرة، سيتعين على البرلمان اتخاذ القرار، وفقًا للمادة 116 من الدستور.

لكن أي انتخابات تشمل المعارضة برئاسة إمام أوغلو تُخاطر بهزيمة أردوغان، كما يقول الخبراء.

وذكر سومر: "إذا سمحوا للمعارضة بالمشاركة الكاملة في الانتخابات، فسوف يخسرون إنهم يدركون ذلك"، مضيفا أن "أردوغان يسعى على الأرجح إلى إقصاء المعارضة قبل الدعوة إلى انتخابات مبكرة وتغيير الدستور".

 وأضاف أن الرئيس التركي "كان يستعد له من خلال استمالة السياسيين لدعم الفكرة".

وقال كابتاغاي إن أردوغان قد يُخطئ في حساباته، لأن "اعتقال خصمك الرئيسي لن يجدي نفعا أبدا".

واعتقل النظام العلماني آنذاك أردوغان نفسه ١٩٩٩، ثم اكتسب شعبية واسعة.

وذكر كابتاغاي: "قد يزيد اعتقال إمام أوغلو من التعاطف معه، ويصوره كبطل سياسي معروف على الصعيد الوطني، تماما كما فعل اعتقال أردوغان ١٩٩٩"، مضيفا أن "أردوغان ربما يكون قد عزز، عن غير قصد، موقف خصمه السياسي".