احتفل السوريون في شمال البلاد الشهر الماضي، بمرور 12 عامًا على ثورتهم التي غيّرت الكثير ليس في سوريا فقط، بل في المنطقة كلها.
إلا أن الأيام الماضية حملت معها أخبارًا صادمة لهم حسب تعبيرهم، بعد أن رحبت الدول العربية بالعودة التدريجية للنظام السوري إلى أحضان الجامعة العربية، رغم استمرار الحرب في البلاد.
وتستضيف السعودية الجمعة اجتماعًا للبحث في عودة دمشق إلى الحاضنة العربية بعد أكثر من عقد على إبعادها، وذلك في خضمّ تحرّكات دبلوماسية إقليمية يتغيّر معها المشهد السياسي في المنطقة منذ اتفاق الرياض وطهران على استئناف علاقاتهما الشهر الماضي.
وكانت دول عربية عدة على رأسها السعودية أقفلت سفاراتها وسحبت سفراءها من سوريا، احتجاجًا على قمع النظام السوري عام 2011 الانتفاضة الشعبية والتي تطورت الى نزاع دام دعمت خلاله السعودية وغيرها من الدول العربية فصائل المعارضة السورية. وعلّقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا فيها في العام 2012.
"خذلان عربي"
وتقول المواطنة السورية التي تعيش في إدلب شمالي البلاد: "شعرنا بالخذلان، لأنهم يريدون إعطاء النظام مقعدًا في الجامعة العربية رغم مرور 12 عامًا من النضال والثورة".
من جهته، يرى الناشط المعارض رضوان الأطرش، وهو مهجّر من خان شيخون إلى إدلب، "أننا لم نعوّل يومًا على الحكام بل على الشعوب العربية".
ويشير إلى أن "هذه الدول كانت قد أعطتنا تعهدات أخلاقية، لكن تبيّن أن كل ذلك حبر على ورق".
ويوافقه الرأي الناشط المعارض نايف شعبان المهجّر من دمشق، ويعتبر أن "ما حصل هو خذلان كبير من الدول العربية والإقليمية بسبب التطبيع السريع دون تحقيق أي نتائج أمنية أو اجتماعية أو سياسية".
ويقول: "هذا التطبيع لن يحل الأزمة في سوريا ولن يحمي الإقليم من شظايا الثورة".
الأسد فرض التسوية
تتالت خلال السنتين الماضيتين مؤشرات التقارب بين دمشق وعواصم عدة، بينها أبو ظبي التي أعادت علاقاتها الدبلوماسية، والرياض التي أجرت محادثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصلية بين البلدين.
وقال آرون لوند من مركز أبحاث القرن الدولي: "لقد رفض الأسد ببساطة التسوية وانتظر أن يستسلم أعداؤه، وقد نجح الأمر. ها هم يعودون واحدًا تلو الآخر لمصافحته والتظاهر بأن أحداث العقد الماضي لم يحصل أبدًا".
وكانت المملكة العربية السعودية وعدة دول عربية أخرى قطعت العلاقات مع الأسد منذ أكثر من عقد من الزمان، كما علّقت جامعة الدول العربية عضوية دمشق عام 2011، حيث راهنت عدة قوى على رحيل الأسد.
لكن وزير الخارجية السوري فيصل المقداد زار يوم الأربعاء المملكة العربية السعودية، للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب.
وقال لوند لوكالة "فرانس برس": إن "ترميم العلاقات العربية مع الأسد تبعث برسالة إلى المعارضة مفادها أن النظام سينتصر في النهاية وأن داعميهم الأجانب سيخونونهم".