دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- إذا كان هناك شيء واحد يمكن أن يعتمد عليه المعالجون ومحامو الأسرة، فهو التدفق المستمر للأزواج الذين يأتون إليهم للنظر بالطلاق.
فبحسب ماريسا نيلسون، اختصاصية الزواج والأسرة في واشنطن العاصمة، تشكّل العطل، وأعياد الميلاد، وسواها من الأحداث الرئيسية محفّزًا في الغالب، للناس من أجل تقييم علاقاتهم.
وقالت إن المرضى يقولون لها: "إما أننا سنعطي العلاقة فرصة وهذا يعني العمل من أجل ذلك، أي الخضوع لعلاج الأزواج، أو الخلوات، أو العلاج الفردي، أو ورش العمل، وإمّا.. الطلاق".
قالت سامانثا كلاين، الشريكة ورئيسة ممارسة قانون الأسرة في كاليفورنيا لدى شركة المحاماة Withersworldwide، إنّ بعض الأزواج ينهارون تحت وطأة ظروف الحياة الصعبة، لكنّ البعض الآخر يتعلمون العمل معًا ويخرجون أقوى.
وحذّرت من أنه يجب عليك بذل أقصى جهدك قبل التوجّه إلى الطلاق، والتفكير بعناية في ما إذا كان هذا هو الطريق الذي تريد السير فيه، لأن العملية صعبة، لوجستيًا وعاطفيًا وماليًا.
لكن ثمة طرق يمكنك من خلالها التغلّب على الصراع والطلاق لتحقيق نتائج أفضل وانفصال أكثر لطفًا، وفق كلاين.
مشاكل كبيرة يمكن أن تؤدي إلى الانقسام
بعض الظروف تكون تحذيرية، وفق الدكتورة مونيكا أونيل، العالمة النفسية في بوسطن، لا سيما اذا كانت سلامة الشخص عرضة للخطر، "سواء كان ذلك بسبب أي من أنواع الإساءة: العاطفية، أو الجسدية، أو الاعتداء الجنسي".
وتنصح أونيل عندها بالمغادرة بأسرع ما يمكن، لأنه كلما طالت مدة البقاء، أصبح الأمر أكثر عنفًا.
وأضافت أنه رغم أنّ التعرّف على الإيذاء الجسدي غالبًا ما يكون أوضح، إلا أنه ليس النوع الوحيد من الإساءة الذي يجب أن يؤخذ على محمل الجد.
فالإساءة العاطفية، بالنسبة لنيلسون، تتعلّق بالسلطة والسيطرة.
وأضافت أن العلامات التي تشير إلى أن شخصًا ما يسيء عاطفيًا للآخر تشمل:
- الإهانة،
- والتهديد،
- والسيطرة،
- والحد من اتصال الشريك بأصدقائه وعائلته،
- والإذلال،
- والترهيب،
- والفضح،
- وتجاهل احتياجات الشريك ورغباته.
وشرحت نيلسون أنّ هذا النوع من الإساءة، يساهم "في تآكل إحساسك بذاتك، واحترامك لذاتك، ومفهومك لذاتك، وكذلك إحساسك بالواقع".
وقالت أونيل إن الخيانة غالبا ما يتم الاستشهاد بها كشرط للانفصال من دون سؤال، لكن هذا القرار قد يكون معقدا. فالخيانة الزوجية برأيها هي "أحد الأمور التي يمكن الحديث عنها، ومناقشتها، ومعالجتها". مضيفة أنه إذا تمكن الزوجان من مناقشة تلك القضايا الأعمق، فيمكنهم في بعض الأحيان بناء علاقة جديدة أفضل وأكثر صحة.
هل اختلاف وجهات النظر سيسحبك للأسفل؟
يصعب تحديد بعض الظروف التي قد تساهم بتوتّر العلاقة، إما كجزء من تقلبات الحياة أو كعلامة على أن علاقتك غير ناجحة.
أحيانًا، قد يشكل اختلاف وجهات النظر حول الأبوة والأمومة، أو الخلافات حول ما يجب فعله مع أحد الوالدين الذي يحتاج إلى رعاية، أو الشعور بعدم الدعم في فترة التوتر، أو فقدان العلاقة الحميمة، تحديات كبيرة.
بالنسبة لنيلسون المشكلة بذاتها تُنجح العلاقة أو تنهيها في الغالب، وذلك وفق كيفية التعامل معها.
فبرأيها "كل الأمور (باستثناء الإساءة) قابل للحل، لكنها تتطلّب تواصلًا جيدًا، وحلاً وسطًا، والقدرة حقيقة على الاحتفاظ بمساحة لحيثية الآخر في عملية صنع القرار الكبير. ليس هناك مجال لأن تكون دوغمائياً بشأن موقفك".
هل شريكك على استعداد للذهاب إلى علاج الأزواج؟ قد يخيف العلاج بعض الأشخاص، فنصحتهم نيلسون بالتغلب على هذا الخوف، أو محاولة قراءة كتب عن العلاقات، أو التحدث إلى مرشد ديني أو أي شخص آخر؟ فعند الوصول إلى احترام وجهات نظر الشريك، والعمل معًا، والتوصل إلى حلول وسط، والبقاء منفتحين على تغيير الخطط المشتركة وفق الحاجة، فإن هذا الالتزام يمكن أن يقطع شوطًا طويلًا من الحل.
أما في حال عدم رغبة الشريك بالتغيير، والخضوع للعلاج الزوجي، والبحث عن الدعم لتخطي هذه التحديات، فهذه علامة على أن العلاقة قد لا تنجح".
وأضافت أونيل أن العلاج الفردي قد يأتي بمساعدة كبيرة أيضًا، حتى لو لم يقدم شريكك على استشارات للأزواج. فهذا الأمر يساعدك على تحديد ما ستجلبه إلى العلاقة وما يمكنك القيام به لتعزيزها، إذا قرّرت ذلك.
التفكير في الأمور
إذا قررت المضي قدمًا في الطلاق بعد تقييمك لجميع العوامل، فهناك العديد من القرارات الجديدة التي يتعين عليك اتخاذها. وأشارت نيلسون إلى أن الطلاق لا يزال خسارة، بغض النظر عما إذا كان هو أفضل قرار اتخذته بالنسبة لك أو لعلاقتك.
وأوضحت أن مشاعر الحزن قد تعتريك على فقدان هويتك كشخص متزوج، أو رؤيتك لمستقبلك، أو وجود أطفالك تحت سقف منزلك طوال الوقت، أو حتى مجرد وجود شخص تشاركه العشاء في نهاية اليوم. لذا الخسارة الناجمة عن الطلاق قد تسبب لك مشاعر غير متوقعة.. لكن من المهم الإدراك أنّ عليك التعامل مع مشاعرك بشكل مباشر للشفاء منها.
وخلصت نيلسون إلى أن هذه العلاقة سوف تلتهمك إذا بقيت متمسكًا بها، وتصعّب عليك فتح قلبك مجدّدًا للحب.
ماذا عن الاطفال؟
الطلاق اللطيف مهم تحديدًا عندما يتعلق الأمر بالأطفال.
ولفتت أونيل إلى أن "الوالدين يحتاجان إلى تقدير وفهم أنه بمجرد انتهاء الزواج بينهما، فإنّ أدوارهما كأهل لم تنته".
وأضافت أن الهدف يبقى تربية الأطفال على علاقات صحية مع الوالدين وإعدادهم للنجاح بقية حياتهم، وهذا يعني عدم الضغط عليهم، أو التلفّظ بالسوء على الشريك السابق أمامهم.
أضافت أن الطلاق يصيب أطفالك أيضًا، وهم بحاجة إلى وسيلة واضحة للدعم ومعرفة أن والديهم يحبونهم.
وقالت نيلسون، لا تعتقد أن أطفالك لا يتأثرون لمجرد أنهم أكبر سنا. فقط اشرح لهم أن ليس من واجبهم الدفاع عنك أمام الشريك السابق وأن أي أمر يسمعونه وكان وقعه سيئا عليهم فليتحدثوا به معك.
وأضافت أنه بالنسبة لطلاب الجامعات والأطفال الأكبر سنا، يمكن أن يكون الطلاق مؤلما بذات القدر، إن لم يكن أكثر، "لأن إحساسهم بالمنزل، أو إحساسهم بالعائلة هو مع والديهم. وهذا القرار سيهز مؤسستهم".