السودان والإمارات أمام "العدل الدولية".. ماذا قال كل جانب عن اتهامات "دعم الإبادة الجماعية"؟

منذ 5 أيام 31

(CNN)--  اتهم السودان الإمارات العربية المتحدة أمام محكمة العدل الدولية، وهي أعلى محكمة تابعة للأمم المتحدة، بـ"انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها بدعمها قوات شبه عسكرية في إقليم دارفور".

وقال القائم بأعمال وزير العدل السوداني، معاوية عثمان، أمام المحكمة، الخميس: "تُرتكب إبادة جماعية ضد قبيلة المساليت غربي بلادنا".

وزعم أن قوات الدعم السريع شبه العسكرية ترتكب إبادة جماعية بـ"دعم وتواطؤ من الإمارات".

ورفع السودان الشهر الماضي دعوى قضائية ضد الإمارات أمام المحكمة بتهمة "تسليح قوات الدعم السريع"، وهو اتهام نفته الإمارات مرارًا وتكرارًا.

وجددت الإمارات، الخميس، رفضها لاتهامات السودان، واصفةً إياها بأنها "لا أساس لها من الصحة وذات دوافع سياسية"، مضيفةً أنها "لا تدعم أي طرف" في الحرب الأهلية السودانية، وأنه لا يوجد دليل يدعم ادعاءات السودان.

 وفي بيانها للمحكمة، شككت في اختصاص محكمة العدل الدولية في هذه المسألة.

وقالت ريم كتيت نائب مساعد الوزير للشؤون السياسية بوزارة الخارجية بالإمارات، لشبكة CNN: "مصلحتنا الوحيدة هي ضمان سلام دائم ينهي معاناة الشعب السوداني ويجلب الاستقرار إلى السودان والمنطقة بأسرها".

ومنذ إبريل/نيسان 2023، دخل اثنان من أقوى جنرالات السودان - عبدالفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية، وحليفه السابق محمد حمدان دقلو(حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية - في صراع دموي للسيطرة على البلاد المقسمة بين معاقلهما.

وتسببت الحرب الأهلية المستمرة في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، وفشلت الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع.

وتُعنى محكمة العدل الدولية، ومقرها لاهاي بهولندا، بالنزاعات بين الدول وانتهاكات المعاهدات الدولية.

والسودان والإمارات من الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها لعام 1948.

وزعم عثمان أن "الدعم اللوجستي المباشر وغيره من أشكال الدعم" الذي قدمته الإمارات لقوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها "كان ولا يزال الدافع الرئيسي وراء الإبادة الجماعية"، بما في ذلك "القتل والاغتصاب والتهجير القسري والنهب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة".

وقد تستغرق القضايا المعروضة على محكمة العدل الدولية سنوات للوصول إلى قرار نهائي، ولذلك يمكن للدول أن تطلب من المحكمة إصدار تدابير طارئة لمنع تصعيد الصراع.

وطلب المسؤول السوداني من المحكمة أن تأمر الإمارات بشكل عاجل "بالامتناع عن أي سلوك يرقى إلى مستوى التواطؤ" في الإبادة الجماعية المزعومة ضد المساليت، وأن تقدم الدولة الخليجية تقريرًا إلى المحكمة في غضون شهر واحد، ثم كل 6 أشهر حتى تتوصل المحكمة إلى قرار نهائي بشأن القضية.

الإمارات تتهم السودان بـ"حملة علاقات عامة ساخرة"

وفي يناير/كانون الثاني، اعتبرت الولايات المتحدة الهجمات ضد المساليت "إبادة جماعية". 

وفي العام الماضي، وجدت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة أن تورط الإمارات، إلى جانب تشاد، في الصراع "موثوق".

 كما صرّح المشرعون الأمريكيون بأنهم سيُوقفون جميع مبيعات الأسلحة الأمريكية الرئيسية إلى الإمارات بسبب "دعمها لقوات الدعم السريع، التي خلصت الولايات المتحدة إلى أنها ارتكبت إبادة جماعية".

وأشار محامو السودان إلى تقييم استخباراتي حديث للحكومة السودانية قُدّم للمحكمة، وقالوا إنه "يُظهر أدلة واضحة على أن شحنات الأسلحة المدعومة من الإمارات إلى قوات الدعم السريع عبر تشاد المجاورة مستمرة حتى اليوم".

وقدّمت CNN تقارير مُفصّلة عن الفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها: مذبحة مروّعة بحقّ غير العرب، بمن فيهم المساليت، في الجنينة، عاصمة غرب دارفور، وحملة لاستعباد الرجال والنساء هناك، بالإضافة إلى التجنيد القسري في ولاية الجزيرة بوسط السودان.

ورفضت الإمارات مرارًا وتكرارًا مزاعم السودان، حيث اتهمت كيتيت السودان باستغلال محكمة العدل الدولية "لتضليل الرأي العام".

وذكرت كيتيت، لشبكة CNN ، أن هذه الاتهامات "ليست سوى حيلة علاقات عامة ساخرة" من جانب القوات المسلحة السودانية، مضيفًا أنها "محاولة لصرف الانتباه عن فظائعها الموثقة جيدًا ضد الشعب السوداني ورفضها وقف إطلاق النار أو الدخول في مفاوضات جادة".

وبعد قرابة عامين من القتال، لا يزال المدنيون يدفعون ثمن الحرب. 

وتدهور الوضع الإنساني في السودان منذ اندلاع القتال في أبريل 2023. 

واليوم، يواجه حوالي 25 مليون شخص، أي نصف السكان، جوعًا شديدًا مع إعلان المجاعة في 5 مناطق في جنوب وجنوب غرب السودان. 

ومن المتوقع أن ينتشر انعدام الأمن الغذائي الكارثي إلى 5 مناطق إضافية قبل يونيو/حزيران، وفقًا لمجموعة الرصد التابعة لبرنامج الأمم المتحدة المشترك.

وقال شون هيوز، منسق الطوارئ الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي، في إحاطة إعلامية عُقدت الخميس: "هذه أزمة من صنع الإنسان لأنها ناجمة عن الصراع وأيضًا بسبب العرقلة المتعمدة لإيصال المساعدات الإنسانية من قِبل أطراف النزاع"، ودعا إلى توفير إمكانية الوصول والممر الآمن للعاملين في المجال الإنساني والإمدادات.

وأضاف: "لا تملك الوكالات الإنسانية النفوذ الكافي للتفاوض على هذا الأمر بمفردنا. يتطلب الأمر اهتمامًا عالميًا ومشاركةً متماسكة وحثيثة من المجتمع الدولي، وخاصةً الدول المؤثرة على من يخوضون الحرب".

وبعد مرور ما يقرب من عامين على اندلاع الصراع، لا يزال المدنيون يُستهدفون، مما يُفاقم الوضع الإنساني.

ففي بؤرة أزمة سوء التغذية في مخيم زمزم للاجئين، أكبر مخيمات اللاجئين في السودان، والواقع في شمال دارفور، تعرّض المدنيون النازحون لهجمات من قِبل مقاتلي قوات الدعم السريع.

وذكرت كيت فيليبس باراسو، نائب رئيس منظمة ميرسي كور للسياسات العالمية والمناصرة، أن تخفيضات تمويل برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية تُعرّض المدنيين لخطر متزايد.

ويهدد تخفيض تمويل برامج ميرسي كور وحده  بترك ما يقرب من 200 ألف مدني سوداني جائعين أو بدون مياه شرب آمنة، وهو تطور شبّهته فيليبس باراسو بـ"قطع الأكسجين عن مستشفى".