لم تدع الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من 15 شهرا في السودان مجالاً حيوياً في البلاد، إلا وضربته واستنزفت قدراته، وقطاع الزراعة كان أحد هذه المجالات، فأسفر الأمر عن أزمة غذاء هائلة في الدولة التي كانت تمثل سلة غداء العالم العربي ذات يوم، ويذهب البعض إلى وصفها بسلة غذاء العالم أجمع.
لم يجد سكان في السودان سوى في ورق الشجر ما يسد بطونهم الجائعة، رغم أن بلادهم غنية بأراض خصبة لا تتوفر لغيرها من الدول، بحسب ما تقول الأمم المتحدة.
وأدى النزاع المسلح في السودان إلى إحداث أضرار بالغة في قطاع الزراعة بالبلاد، مما أدى إلى ظهور أزمة غذاء غير مسبوقة.
وتسببت الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان الماضي، إلى انقطاع خطوط تجارة الحبوب وسلاسل التوريد الزراعية، وكانت النتيجة أن ارتفعت أسعار الآلات الزراعية والأسمدة والبذور، علاوة عن انخفاض كفاية مدخلات الإنتاج الزراعي، ما قاد إلى انخفاض كبير في الإنتاج الزراعي.
وبحلول عام 2024، تقلصت المساحات الزراعية في السودان مع تمدد القتال في مناطق إنتاج الغذاء الرئيسة في وسط السودان وجنوبه.
"يأكلون ورق الشجر"
ويقول نائب منسق الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في السودان، توبي هوارد في 29 يوليو/تموز، إن الوضع الإنساني في السودان يواصل التدهور، فالكثير من المدنيين يموتون نتيجة سوء التغذية، ويعتمد بعض النازحين على أكل ورق الشجر وقشور الأرز لكي يبقوا على قيد الحياة.
أما أحد السكان الذي يدعى محمد الفاتح فيقول:" إن الحقيقة الاجتماعية التي نواجهها، بسبب الحرب، الاقتصاد تقلص بشكل كبير، وتعاني معظم الإمدادات من نقص، وبالتالي فإن النتيجة هي ارتفاع الأسعار. الغذاء، على وجه الخصوص أصبح سلعة مطلوبة بشدة".
واندلع الصراع المسلح في السودان، بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في العاصمة الخرطوم في أبريل/نيسان 2023، ثم امتدت إلى مناطق أخرى، وهو ما يجعل البلاد تواجه واحدة من أقسى أزمات اللاجئين في البلاد.
مئات الآلاف معرضون للمجاعة
كانت وكالات إنسانية وأممية أصدرت تقريراً في يونيو/حزيران الماضي، حذر من خطر حدوث مجاعة في 14 منطقة سودانية، بما في ذلك العاصمة الخرطوم.
وأفاد التقرير بوجود مستويات مختلفة من انعدام الأمن الغذائي الحاد في أنحاء البلاد.
وتوقع أن يواجه نصف سكان البلاد أي 25 مليون نسمة تقريبا مستوى متدهور من الأمن الغذائي من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول 2024.
وخلال الفترة نفسها، سيواجه 755 ألف شخص في 10 ولايات مستوى "الكارثة أو المجاعة".
موارد السودان الضخمة
وكان السودان يمتلك مجموعة هائلة من الموارد، من الأراضي الزراعية الشاسعة إلى البترول والمياه السطحية وصولاً إلى الذهب، لكنه فقد أكثر من 70 % من إجمالي موارده النفطية بعد انفصال الجنوب في عام2011.
أما على الصعيد الزراعي، فثمة تقديرات تفيد بوجود أكثر من 175 مليون فدان صالح للزراعة مقارنة بمصر التي تمتلك 9 ملايين فدان صالح للزراعة فقط، وعلاوة على ذلك، يمتلك السودان 138 مليون رأس من الثروة الحيوانية، ومخزوناً سمكياً يقدّر إنتاجه السنوي يقدر بأكثر من 100 ألف طن.
وقبل اندلاع الحرب، كانت الزراعة تساهم بنحو 48% من الناتج المحلي الإجمالي للسودان.