القتل الرحيم في بلجيكا: قصص من حافة الحياة حول قرار المصير الأخير

منذ 4 ساعة 19

في بروكسل، حيث القوانين تتيح للمرضى الذين يعانون من أمراض غير قابلة للشفاء الحق في طلب القتل الرحيم، تبرز قصص شخصيات تعكس هذا النقاش الإنساني والأخلاقي.

وبين من يرون في الموت الرحيم خيارًا للكرامة وآخرين يفضلون الاستمرار في الحياة بأي شكل، يظهر التباين العميق حول هذه الممارسة.

إينيس دو كون، فنانة حيوية ومقيمة في بروكسل، هي واحدة من هؤلاء الأشخاص الذين اختاروا البحث عن المساعدة لإنهاء حياتهم. على الرغم من اهتمامها الكبير بالفن والموسيقى، فإنها تعاني من مرض يتسبب في فقدانها التدريجي للسيطرة على جسدها وقدرتها على الكلام.

وتقول إينيس دو كون، بلغتها الفرنسية: "لا أريد أن أكون عبئًا على أحد. لا أريد أن يُغسّلني أحد. هكذا يفعل المرض، يدمّر الجسد. لا أريده أن يسلبني كرامتي". ثم تضيف بصوت حزين "من الأفضل أن يكون أطفالي بجانبي... أذهب إلى غرفتي، وأحصل على القليل من المساعدة كي أنام".

وعلى الجانب الآخر، يقف أليخاندرو أدونيس، الصحفي والمصور التلفزيوني، الذي يعاني من مرض خطير ومتقدم، لكن اختياره جاء مغايرًا. ورغم أنه كان قد طلب في وقت سابق القتل الرحيم، إلا أنه يرفض الآن هذا الخيار، مؤكدًا رغبته في الاستمرار في الحياة لأطول فترة ممكنة.

من جانبه، يوضح الدكتور إيف دو لوخت، طبيب عام في بلجيكا ومؤيد لتطبيق القتل الرحيم، أن هذا الخيار يوفر للمرضى "الفرصة الأخيرة" التي يعتبرها "العلاج الأخير". ويصف العملية بأنها تنتهي بسرعة، حيث لا تتجاوز دقائق بعد تنفيذها.

ويضيف الدكتور دو لوخت قائلا: "الفرصة الأخيرة هي ما أسميه 'العلاج الأخير'. إنها مساعدة المرضى على الموت".

اما جاكيلين هيريمانس، محامية ورئيسة لجنة مراقبة القتل الرحيم في بلجيكا، تسلط الضوء على التغيير المجتمعي الذي نتج عن تشريع هذه الممارسة. وتقول هيريمانس: "قلبنا الممارسة رأسًا على عقب. لم يعد الطبيب هو من يقدم العلاج. بل إن المريض هو من يطلب من الطبيب المساعدة على الموت، وعلى الطبيب أن يطيع المريض".

وتضيف: "يمكن لطاقم الرعاية الصحية والأطباء والعائلة أن يكونوا حاضرين. هذا يعني أن الموت الذي كان سابقًا يمكن أن يكون تجربة وحيدة، أصبح فعلًا من التضامن".

مع توسع ممارسة القتل الرحيم في بلجيكا، زاد عدد المرضى الذين يسعون للحصول على المساعدة لإنهاء حياتهم بشكل ملحوظ. وتعد بلجيكا واحدة من الدول القليلة في أوروبا التي تمنح مواطنيها هذا الحق إذا كانوا يعانون من مرض غير قابل للشفاء مع ألم لا يُحتمل، بشرط أن يكون الطلب طوعيًا وأن يتمكن الشخص من إبداء موافقته.

في نهاية المطاف، يعكس هذا النقاش تباينًا عميقًا حول كيفية التعامل مع الموت في المجتمعات الحديثة. وبينما يرى البعض مثل إينيس دو كون أن الموت يجب أن يكون اختيارًا شخصيًا يحافظ على الكرامة، يؤكد آخرون مثل أليخاندرو أدونيس أن الحياة تستحق الاستمرار حتى اللحظات الأخيرة.