"البابا يوحنا بولس الثاني كان يعلم" بقضايا التحرش بالأطفال بل وتستّر عليها حسب كتاب صدر في بولندا

منذ 1 سنة 100

بقلم:  يورونيوز  •  آخر تحديث: 09/03/2023 - 17:01

الصورة التي التقطت في 29 أبريل 2011 في روما تظهر أطفالا يمشون أمام صور عملاقة للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني.

الصورة التي التقطت في 29 أبريل 2011 في روما تظهر أطفالا يمشون أمام صور عملاقة للبابا الراحل يوحنا بولس الثاني.   -  حقوق النشر  FILIPPO MONTEFORTE/AFP

يؤكد صحافي هولندي في كتاب مثير للجدل يتضمن أدلة وشهادات أن البابا يوحنا بولس الثاني تستّر على قضايا تحرش جنسي بأطفال في الكنيسة الكاثوليكية في بولندا قبل فترة طويلة من انتخابه حبرا أعظم في 1978، مواجها بذلك أحد المحرّمات الكبرى في هذا البلد مسقط رأس البابا البولندي الراحل.

من بين الوثائق التي يستشهد بها الكتاب هناك عدد كبير مصدره محفوظات أجهزة الاستخبارات الشيوعية السابقة، وهو ما يؤخذ على الكاتب إيكي أوفربيك. لكن الصحافي يؤكد انه قارنها بمصادر أخرى لا سيما مع شهود بشكل مباشر.

وبعد أكثر من عشر سنوات من التحقيق والبحث في المحفوظات والمقابلات مع شهود، صدر كتاب "ماكسيما كولبا. يوحنا بولس الثاني كان يعلم" الأربعاء في بولندا حيث عاش الصحافي لأكثر من عشرين عاما وحيث بدأت "الهالة الرسمية المحيطة بالبابا البولندي" تتصدع لا سيما في أوساط الشبان.

وقال أوفربيك (53 عاما) في مقابلة مع وكالة فرانس برس "لقد عثرت على أدلة تثبت أنه لم يكن فقط على علم بحالات اعتداء جنسي في صفوف كهنة أبرشيته في كراكوف إنما ساهم أيضا في التستر عليها".

وهي فترة تسبق بكثير فضيحة الاعتداء الجنسي على الأطفال في الكنيسة الكاثوليكية، التي خرجت للعلن في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي بعد تحقيقات في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية.

"مئة بالمئة"

بين الأمثلة الموثقة في هذا الكتاب المؤلف من أكثر من 500 صفحة، يستشهد الصحافي بكاهن متهم بارتكاب أفعال جنسية على فتيات يبلغن من العمر 10 سنوات واعترف قبل إحالته الى القضاء بأفعاله أمام كارول فويتيلا (وهو الاسم الأصلي البابا يوحنا بولس الثاني).

وقال "هذا الأمر وصف في وثيقتين او حتى ثلاث وثائق مختلفة. منذ ذلك الحين، نعلم بنسبة مئة بالمئة أنه في العام 1970، ورد إلى مسامع فويتيلا كلام عن اعتداءات جنسية".

وتمت إدانة الكاهن ولكن عندما خرج من السجن سمح له رئيس الأساقفة "بمواصلة خدمته وهذا تؤكده رسالة كتبها فويتيلا"، كما يقول أوفربيك. ويضيف "واحدة من أكثر القصص التي يصعب تقبّلها" هي قصة الكاهن بوليسلاف سادوس، المساعد المقرب لكارول فويتيلا.

وقال الصحافي "حين وقع سادوس بمشكلة لأنه اتهم بالتحرش بصبية، فإنه ساعده على الفرار من بولندا، و"دبّر" له إذا أمكن القول مهنة جديدة في النمسا"، وذلك بدون أن يبلغ الكهنة "على ما يبدو" بالأسباب التي تحتّم على سادوس مغادرة البلاد، كما جاء في رسالة التوصية التي كتبها ووقعها كارول فويتيلا.

وتابع أوفربيك أنه اتصل بضحايا تحدثوا بدون الكشف عن هوياتهم. وقال "كنت الشخص الأول الذي يتحدثون إليه عما عاشوه في طفولتهم" مضيفا "في هذا البلد، يشعر ضحايا الاعتداءات الجنسية للكهنة (حتى الآن) بالخوف".

كما أن "محفوظات الكنيسة الكاثوليكية مغلقة أمام الصحافيين". وحدث أن رفضت الكنيسة البولندية تقديم وثائق حتى إلى القضاء أو إلى لجنة تحقيق عامة في حالات الاعتداء الجنسي على أطفال.

"البابا الخاص بنا"

كذلك واجه معدّو تحقيق صحافي خصص أيضا للبابا يوحنا بولس الثاني وتناول نفس الوقائع، عراقيل عدة. وبُثّ التحقيق الأحد على التلفزيون البولندي الخاص "تي في ان".

واستهجنت الكنيسة البولندية والسلطات فورا هذا التقرير ونشر كتاب أوفربيك. وندد رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي بـ"خطوات تتجاوز إطار نقاش متحضر" بشأن "البابا الخاص بنا" في حين يعتزم حزبه القومي الشعبوي استصدار إعلان للبرلمان "دفاعا عن القديس يوحنا بولس الثاني".

من جهته اعتبر رئيس أساقفة لودز المونسنيور غريغورس ريس أنه "لا أحد في العالم يفهم ما يفعله البولنديون اليوم بالبابا يوحنا بولس الثاني" عبر مهاجمة صورته.

يرى إيكي أوفربيك أن "أكثر ما يقلق في الأمر أنه كان متساهلا جدا مع الكهنة (..) ولم يول أي انتباه للضحايا وعائلاتهم". وقال "نحن معتادون على شخص متعاطف وودي في حين أننا هنا نرى وجها مختلفا بالكامل للشخص نفسه".