أعلن البنك المركزي الأمريكي (الاحتياطي الفيدرالي) عن خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة هي الأولى منذ أربع سنوات، وذلك بهدف تعزيز النشاط الاقتصادي ودعم سوق العمل. وفي ظل توقعات بالمزيد من التخفيضات، يوجه الخبراء نصيحة إلى المستهلكين بالتروي في تعديل استراتيجياتهم المالية.
وخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة ليصل إلى نطاق بين 4.75% و5%. يأتي هذا القرار بعد أن شهدت معدلات الفائدة 11 زيادة متتالية، منذ مارس 2022.
وقد أعرب الاحتياطي الفيدرالي عن ثقته بأن التضخم أصبح تحت السيطرة، مما يسمح ببدء تخفيف كلفة الاقتراض. ومع ذلك، أبدى البنك مخاوفًا متزايدة بشأن صحة سوق العمل، حيث يمكن أن يساعد تخفيض الفائدة في دعم معدلات التوظيف والحفاظ على انخفاض نسبة البطالة.
وفي بيان له، قال الممثّل العام للاحتياطي الفيدرالي: "تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن النشاط الاقتصادي لا يزال يتوسع بوتيرة ثابتة. تباطأت مكاسب التوظيف وارتفعت معدلات البطالة قليلًا لكنها تبقى منخفضة. وقد حقق التضخم مزيدًا من التقدم."
ويتوقع أن تشهد الأشهر المقبلة المزيد من التخفيضات في معدلات الفائدة، وستعتمد شدة هذه التخفيضات على اتجاهات التضخم ونمو الوظائف.
وقال جيروم باول، رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي، خلال مؤتمر صحفي: "نحن ندرك أن الوقت قد حان لإعادة ضبط سياستنا النقدية لتتناسب مع التحسن في التضخم". وأضاف قائلا: إن "سوق العمل في وضع جيد، وهدفنا من التحرك اليوم هو الإبقاء على ذلك."
تأثير خفض الفائدة على المدخرين والمقترضين
رغم أن تخفيض الفائدة قد يوفر فرصة للمدخرين والمقترضين للاستفادة، إلا أن الخبراء ينصحون بتوخي الحذر. يقول جاكوب تشانيل، كبير الاقتصاديين في ليندنغ تري (LendingTree): "لا يجب أن يتسرع الناس في تغيير استراتيجياتهم المالية بناءً على اجتماع واحد للفيدرالي". ويضيف: "على الرغم من أن العوائد على المدخرات قد تتراجع، لا يزال بالإمكان تأمين عوائد جيدة من خلال شهادات إيداع طويلة الأجل."
أما بالنسبة للقروض وبطاقات الائتمان، فيشير الخبراء إلى أن خفض الفائدة سيؤدي تدريجيًا إلى تخفيض تكاليف الاقتراض، ولكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يشعر المستهلكون بالتأثير الكامل. في هذا السياق، قال مات شولتز، محلل الائتمان في ليندنغ تري (LendingTree): "أفضل ما يمكن أن يقوم به الأشخاص لخفض أسعار الفائدة على ديونهم هو التحرك بأنفسهم، سواء عن طريق دمج الديون أو الحصول على قرض بفائدة منخفضة."
تأثير خفض الفائدة على الرهون العقارية وتمويل السيارات
رغم أن سعر الفائدة الرئيسي للبنك الاحتياطي الفيدرالي لا يحدد بشكل مباشر أسعار الرهون العقارية، إلا أن هناك علاقة غير مباشرة حيث تميل أسعار الفائدة العقارية إلى التحرك في نفس الاتجاه. يقول جاكوب تشانيل من ليندنغ تري (LendingTree): "انخفضت أسعار الرهون العقارية بالفعل قبل إعلان الخفض المتوقع للفيدرالي."
وفيما يتعلق بالقروض التمويلية للسيارات، يرى الخبراء أن خفض الفائدة يعد خبرًا جيدًا، لكنه لن يغير الواقع بشكل جذري، خاصة بالنسبة لأصحاب الملفات الائتمانية المنخفضة.
السوق والعمل والاقتصاد
أظهرت بيانات شهر أغسطس أن الأسعار الاستهلاكية ارتفعت بنسبة 2.5% مقارنة بالعام السابق، وهو الانخفاض الخامس على التوالي في معدلات التضخم. كما ارتفعت معدلات التوظيف، حيث أضافت الشركات 142,000 وظيفة جديدة، في حين انخفضت نسبة البطالة إلى 4.2%.
وبالنظر إلى هذه المؤشرات، يتوقع أن تعتمد قرارات الفيدرالي المستقبلية بشأن تخفيضات الفائدة على التطورات في سوق العمل ومستويات التضخم خلال الأسابيع والشهور القادمة.