بعد مرور تسعة أشهر على الحرب الإسرائيلية الدامية على قطاع غزة، استضاف الأردن اليوم الثلاثاء مؤتمراً دولياً طارئاً للاستجابة الإنسانية في القطاع المنكوب. إذ يعاني سكان غزة حالياً من نقص حاد في الغذاء والماء والأمان، بالإضافة إلى افتقارهم لأدنى مقومات الحياة الأساسية.
بحسب المنظمين، يهدف هذا المؤتمر إلى "تحديد سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية في قطاع غزة"، "توفير المساعدات الإنسانية للقطاع بما يتناسب مع الاحتياجات"، و"تحديد أولويات التعافي المبكر".
شارك في المؤتمر قادة وزعماء من 75 دولة، من بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي يقوم بجولته الثامنة في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث. كما حضرت العديد من المنظمات الإنسانية والإغاثية الدولية.
وفي أولى جلسات المؤتمر، الذي نُظم بشكل مشترك بين الأمم المتحدة والأردن ومصر، طالب الحاضرون، الذين اجتمعوا في مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات على شاطئ البحر الميت، بوقف إطلاق النار فوراً وإيصال المساعدات إلى القطاع المنكوب. كما حثوا إسرائيل على التوقف عن استخدام الغذاء كسلاح.
وأكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الذي ترأس المؤتمر، على ضرورة إيصال المساعدات دون تأخير، قائلاً: "لا يجب أن تكون المساعدات مشروطة بوقف إطلاق النار أو رهينة لأي أجندة سياسية".
من جانبه، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المجتمع الدولي للضغط على تل أبيب لوقف استخدام الجوع كسلاح، ولإزالة العراقيل التي تعترض وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وشدد السيسي على ضرورة "حماية المدنيين وعدم استهداف البنية التحتية أو موظفي الأمم المتحدة والعاملين في القطاعات الطبية والخدماتية"، وأكد أن المسؤولية في الأزمة الإنسانية الحاصلة في قطاع غزة "تقع على عاتق الجانب الإسرائيلي".
وأشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى أن مجلس الأمن والمجتمع الدولي يتحملان مسؤولية الضغط على إسرائيل لفتح جميع المعابر البرية المؤدية إلى قطاع غزة.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، جميع الأطراف المعنية بالصراع بين إسرائيل وحماس على التوصل إلى اتفاق بشأن خطة لوقف إطلاق النار اقترحها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وفي بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني، تم الإعلان عن حضور أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد الـ ثاني، ضمن المشاركين في المؤتمر.
وفي كلمة له، جدد بلينكن خلال المؤتمر دعوته إلى الحركة الإسلامية، وقال "على حماس قبول مقترح وقف إطلاق النار وعلى إسرائيل اتخاذ إجراءات أكثر لخفض عدد القتلى المدنيين وحماية المنشآت المدنية".
وأعلن سامي أبو زهري، رئيس الدائرة السياسية في حركة حماس في الخارج، الثلاثاء، أن "الحركة الإسلامية قبلت قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار والانسحاب وتبادل الأسرى وجاهزة للتفاوض حول التفاصيل".
وأشار أبو زهري إلى استعداد الحركة الإسلامية للدخول في مفاوضات حول التفاصيل، معتبرا أن "الإدارة الأمريكية تواجه اختبارًا حقيقيًا للوفاء بالتزاماتها بإجبار الاحتلال على وقف الحرب فورًا كتنفيذ لقرار مجلس الأمن".
وحتى كتابة هذه الأسطر، بلغت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ السابع من أكتوبر بحسب الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في غزة الثلاثاء، 37164 قتيلا وأكثر من 84 ألف جريح، فضلا عن آلاف المفقودين تحت الأنقاض.
وتبنى مجلس الأمن الدولي الاثنين مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة الأمريكية بشأن الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة وإبرام صفقة لتبادل الرهائن.
يدعو القرار إسرائيل وحماس إلى تنفيذ شروطه بدون تأخير وبدون شروط، وقد وُوفِق عليه بأغلبية ساحقة في مجلس الأمن.
وقالت المندوبة الأمريكية التي قرأت نقاط القرار قبل التصويت في الأمم المتحدة، أن إسرائيل وافقت مسبقًا، ولا يمكن "أن ننتظر دائما قرار حماس".
وشبه الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في وقت سابق، الدمار الذي حلّ بمدن قطاع غزة بذلك الذي شهدته مدن ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.
وأوضح بوريل أنّ عملية التقييم التي أجراها البنك الدولي والأمم المتحدة نهاية يناير-كانون الثاني، خلصت إلى أن تكلفة إعادة بناء البنية التحتية في غزة بلغت "حوالي 90 مليار دولار، مؤكدا أنّ التكلفة الآن "أسوأ بكثير".
وأحدثت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، دمارا واسع النطاق، وأجبرت حوالي 80 في المائة من سكان المنطقة على الفرار إلى أجزاء أخرى من القطاع الساحلي المحاصر.