إردوغان.. عشرون عاما في قيادة تركيا

منذ 1 سنة 123

يخوض إردوغان في 14 أيار/مايو أصعب الانتخابات في مسيرته في ظل توحد المعارضة وراء المرشح كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك.

بعد عقدين في السلطة، يخوض الرئيس رجب طيب اردوغان الانتخابات الرئاسية الأحد المقبل في تركيا التي أحدث فيها تغييرات واسعة غير مسبوقة منذ عهد مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك. لا السجن ولا التظاهرات الحاشدة، ولا حتى المحاولة الانقلابية لعام 2016 نجحت في وقف صعود "الريّس" كما يحلو لمؤيديه تسميته.

لكن الاقتراع الرئاسي المقرر في الـ 14 أيار/مايو بعد ثلاثة أشهر على الزلزال المدمر في السادس من شباط/فبراير، يتوقع أن يشكل اختبارا صعبا له. ففي سن التاسعة والستين، يخوض أردوغان في 14 أيار/مايو أصعب الانتخابات في مسيرته في ظل توحد المعارضة وراء المرشح كمال كيليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه أتاتورك.

وعد الرئيس التركي بأن تتم عمليات الإعمار على قدم وساق "في عام واحد" لإزالة آثار الزلزال، الذي دمر حوالى 278 ألف مبنى، وقدم الاعتذار عن تأخر عمليات الإغاثة.

رغم سياسته النقدية غير التقليدية التي أفقرت في الأعوام الأخيرة قسما من قاعدته الانتخابية، لا يزال أردوغان بالنسبة لأنصاره رجل "المعجزة الاقتصادية" التي أدخلت تركيا الى نادي أغنى عشرين دولة في العالم.

كذلك، لا يزال السياسي المتدين يحظى بشعبية واسعة في أوساط الغالبية المحافظة التي لطالما شعرت بأنها تتعرض للتهميش من نخبة المدن وأنصار العلمانية.

أحدث أردوغان تحولًا عميقًا في تركيا من خلال مشاريع بنى تحتية ضخمة وسياسة خارجية منفتحه على شرق آسيا ووسطها على حساب حلفاء أنقرة الغربيين التقليديين الذين حاول التقرب منهم اثر وصوله إلى السلطة.

لكن انهيار حوالى 280 ألف مبنى خلال الزلزال أظهر أيضًا أوجه قصور خطرة في فرض المعايير والقوانين التي تحكم العقارات.

رغم النفور الغربي تجاهه، سمحت له الحرب في أوكرانيا بالعودة إلى صدارة المشهد الدبلوماسي بفضل جهود الوساطة التي قام بها بين كييف وموسكو - مع تعطيله منذ نحو عام دخول السويد إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو).

لكن معارضي أردوغان يتهمونه بنزعة استبدادية، ولا سيما بعد المحاولة الانقلابية التي وقعت في تموز/يوليو 2016 والتعديلات الدستورية عام 2017 التي وسعت صلاحياته.

خطيب مفوّه

غالبا ما يصور أردوغان في الغرب على أنه سلطان متمسك بالعرش، لكن الرجل الذي يحن إلى الإمبراطورية العثمانية والذي شيّد قصرا يضم أكثر من ألف غرفة في أنقرة، يواصل تقديم نفسه بصفته رجلا من الشعب في مواجهة "النخب".

وقد كرس صورته تلك بفوزه في كل الانتخابات منذ تولى حزبه العدالة والتنمية السلطة في العام 2002،  لكنه تعرض مع ذلك إلى هزات سياسية خصوصا عندما حرمته المعارضة العام 2015 من غالبيته البرلمانية، ثم من رئاسة بلديتي أنقرة وإسطنبول العام 2019.

ورغم تباطؤ حركته في بعض الأحيان، لا يزال رجب طيب اردوغان قادرا على عقد ثمانية اجتماعات في يوم واحد، ويستعرض قدراته الخطابية مستشهدا بقصائد قومية وآيات قرآنية لإثارة الحشود.

ولد أردوغان في حي قاسم باشا الشعبي في إسطنبول وكان يتطلع إلى احتراف رياضة كرة القدم التي مارسها لفترة قصيرة، قبل الإنتقال إلى العمل السياسي.

وتعلم أصول اللعبة السياسية داخل التيار الاسلامي الذي كان يقوده نجم الدين اربكان، ثم دفع الى الواجهة مع انتخابه رئيسا لبلدية اسطنبول في 1994. وفي العام 1998، حكم عليه بالسجن مع النفاذ بعدما أنشد قصيدة دينية، في حادث ساهم في موقعه.

وسنحت له الفرصة للانتقام عند فوز حزب العدالة والتنمية الذي شارك في تأسيسه، في انتخابات 2002. ففي السنة التالية أصبح رئيسا للحكومة وبقي في هذا المنصب حتى 2014 عندما أصبح أول رئيس تركي ينتخب بالاقتراع العام المباشر.

ويبقى إردوغان المتزوج والأب لأربعة أولاد، في نظر أنصاره الوحيد القادر على "التصدي" للغرب وقيادة السفينة عبر الأزمات الاقليمية والدولية. ولكن منذ التظاهرات الكبيرة المعادية للحكومة والتي قمعت بعنف في ربيع العام 2013، أصبح أردوغان الشخصية التي تواجه أكبر الانتقادات في تركيا. وواجه الرئيس أشد اختبار ليل الـ 15 إلى 16 تموز/يوليو 2016، خلال محاولة انقلابية دامية.

وقد طبعت في الأذهان صورة أردوغان شاحب الوجه، وهو يطلق نداء إلى الشعب في تلك الليلة عبر شاشة هاتف نقال، ثم بعد ذلك وصوله مظفرا إلى مطار أتاتورك القديم في إسطنبول عند الفجر معلنا هزيمة الإنقلابيين.

واتهم الرئيس التركي حليفه السابق الداعية فتح الله غولن بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية، وهو ما ينفيه غولن. وتلت الإنقلاب الفاشل حملة تطهير واسعة.

بعد سبع سنوات من ذلك، أكد أردوغان الذي يجسد تركيا في عيون العالم أنه يترشح لولاية أخيرة في أيار/مايو.