وزير رياضة في بلد إفريقي طلب مقابلة مجموعة من السحرة والمشعوذين قبل أيام قليلة من انطلاق بطولة الأمم الإفريقية.. والسبب هو ضرورة فوز بلاده بالكأس.
الكثير من الحكايات والقصص الغريبة عن السحر في قارة إفريقيا. أمر طبيعي في قارتنا نعرفه جميعا منذ الصغر.
وأيضا نعرف جميعا أن كرة القدم الإفريقية بها الكثير من القصص المتعلقة بالسحر.
ولم لا والبعض يعتقد ويصدق أن السحر قد يساعد فريقه في الفوز أو خصمه في الهزيمة. بالتأكيد السبب في ذلك الجهل الذي يتسبب في انتشار الخرافات.
أو حتى يساعد في الشفاء من الإصابات في وقت أسرع، أو تتسبب من خلاله بإصابة لأحد منافسيك.
مع اقتراب بطولة أمم إفريقيا 2023 في كوت ديفوار من الانطلاق، يستعرض معكم FilGoal.com بعض حالات السحر في بطولات كأس الأمم.
وإن كانت القصة الأكبر هنا متعلقة بالبلد المستضيف كوت ديفوار، والذي امتدت لأكثر من 20 سنة.
القصة الأولى
لكن دعونا نبدأ بقصة مشهورة حدث مع منتخب الكاميرون في كأس أمم إفريقيا 2002 في مالي.
وقتها كان منتخب الكاميرون يستعد لمواجهة مالي صاحب الأرض في نصف نهائي البطولة.
توماس نكونكو مدرب حراس مرمى الكاميرون وقتها، والحارس الشهير في التسعينيات للأسود غير المروضة كان بطل الواقعة.
أثناء الإحماء قبل المباراة انتبه نكونكو لأحد أفراد الشرطة في الملعب يرش مادة غريبة فوق أرض الملعب.
ركض نكونكو بسرعة نحو الشرطي واشتبك معه.
تصرف نكونكو لم يكن بلا سبب، لأن الشرطي كان يرش السحر في الملعب ومدرب حراس الكاميرون فطن له.
الأزمة تصاعدت والمشادة احتدمت بين الثنائي الشرطي يريد رش السحر في الملعب بالكامل، ونكونكو يحاول منعه.
الشرطي يعتقد أنه يساعد منتخب بلاده للفوز على الكاميرون حامل لقب البطولة والمرشح الأول للفوز باللقب وهو ما حدث فعلا.
ونكونكو يحاول حماية فريقه من التعرض للسحر.
ليتدخل باقي أفراد رجال الشرطة ويتم القبض على نكونكو.
مشهد يظل عالقا في الأذهان، وصورة أيقونية بالتأكيد في تاريخ بطولات أمم إفريقيا بالتأكيد شاهدتها قبل ذلك ولو لمرة واحدة ولكن دون أن تعرف قصتها.
الأمور استمرت في التصاعد، ورفض منتخب الكاميرون خوض المباراة، وبعد الكثير من المفاوضات من كل الأطراف تم إطلاق سراح نكونكو، ووافقت الكاميرون على اللعب.
بالفعل ما كان يخشى منه فرد الشرطة حدث، فاز منتخب الكاميرون بثلاثية وتأهل للنهائي وحصد اللقب.
هذه القصة قد تراها عادية، أو هي بالفعل هكذا، لكن ما ستقرأه في الحكاية المقبلة بالتأكيد غير عادي.
القصة الثانية
هل شاهدت قبل ذلك لاعبا يلجأ للسحر ضد زميله ليتعرض للإصابة أو سوء التوفيق؟ هذا حدث بالفعل في أمم إفريقيا.
المثير للدهشة أن هذه الواقعة كانت في منتخب غانا أحد القوى الكبرى في كرة القدم الإفريقية، وليس في أحد المنتخبات الصغيرة، وقتها كان الأمر سيبدوا عاديا.
الواقعة حدثت في كأس الأمم الإفريقية 2012 وهي البطولة التي أقيمت في غينيا الإستوائية والجابون.
وقتها ظهر منتخب غانا بمستوى ضعيف وودع البطولة من نصف النهائي أمام زامبيا، كانت مفاجأة كبيرة اكتملت بتتويج زامبيا بالبطولة على حساب كوت ديفوار.
الصربي جوران ستيفانوفيتش مدرب غانا وقتها برر هزيمة المنتخب أمام زامبيا بالسحر الذي تسبب في خراب معسكر فريقه.
ولكن السحر هنا كان من لاعبي غانا ضد بعضهم البعض.
المدرب الصربي أبدى إحباطه من تصرفات بعض لاعبي منتخب غانا واستخدامهم السحر ضد زملائهم ما أدى إلى الهزيمة والخروج من البطولة.
وقال ستيفانوفيتش: "أتمنى من اللاعبين استخدام السحر في أي شيء آخر بدلا من استخدامه في إيذاء زملائهم في المنتخب".
بالفعل واقعة غريبة، لكن القصة المقبلة هي الأغرب. وكذلك الأطول لأن عمرها ممتد لأكثر من 23 سنة كما ذكرت لكم في السطور الأولى.
القصة الثالثة
بدأت القصة في عام 1992 عندما كان يستعد منتخب كوت ديفوار للسفر إلى السنغال من أجل المشاركة في كأس أمم فريقيا.
الأحلام وقتها كانت تتويج كوت ديفوار بالكأس لأول مرة في التاريخ، والاستعدادات في المنتخب كانت تسير بشكل رائع وبكل قوة.
لكن في الوقت ذاته كانت هناك استعدادات أخرى خارج المنتخب للفوز بالبطولة، ولكن على مستوى أكبر.
رينيه ديبي وزير الرياضة في كوت ديفوار وبمساعدة مسؤولي اتحاد كرة القدم، أحضروا بمجموعة من السحرة والمشعوذين من قرية صغيرة معزولة اسمها أكراديو.
والطلب هو عمل السحر لتفوز كوت ديفوار بكأس أمم إفريقيا.
"نريد أن يركض لاعبي فريقنا مثل الغزلان، كل مدافع يلعب بقوة لاعبين، واستدعاء حشرات ونحل لقرص لاعبي المنتخبات المنافسة لنا وتشتيت تركيزهم".
كانت هذه هي طلبات وزير الرياضة واتحاد الكرة من السحرة ليفوز منتخب كوت ديفوار بكأس الأمم الإفريقية.
بدأت رحلة كوت ديفوار في البطولة، عبر المنتخب دور المجموعات ووصل لنصف النهائي، فاز على الكاميرون بركلات الترجيح وتأهل للنهائي.
وبعد نهائي طويل جدا فاز منتخب كوت ديفوار على غانا بركلات الترجيح بنتيجة 11-10.
الحلم تحقق أخيرا، فاز منتخب كوت ديفوار بلقب أمم إفريقيا لأول مرة في تاريخه، الشعب بأكمله خرج إلى الشوارع للاحتفال بالكأس، وفي مكان آخر يحتفل وزير الرياضة ومعه أعضاء اتحاد الكرة.
لكن بلدة أكراديو لم تشهد الكثير من الاحتفالات، والسبب هو عدم دفع مقابل للسحرة الذين اتفقوا مع وزير الرياضة على عمل التعويذات للمنتخب حتى يفوز بالبطولة.
رفض وزير الرياضة دفع أي أموال لهم رغم أنه وعدهم بذلك في حالة الفوز بالبطولة.
الأمر الذي تسبب في حالة غضب شديدة لدى السحرة، وهنا قرروا الانتقام من منتخب بلادهم. وهذا ما تحكيه الأسطورة الإيفوارية.
قرر السحرة عمل تعويذة أخرى تصيب منتخب كوت ديفوار بلعنة عدم الفوز بالبطولة مرة أخرى لمدة 20 سنة.
الأمر يبدو أنه ولد الشك داخل منتخب كوت ديفوار قبل أي بطولة أمم إفريقيا يذهب لخوضها بعد عام 1992.
وما زاد من الاقتناع بهذه اللعنة والأسطورة أن بالفعل منتخب كوت ديفوار كان يخسر اللقب في كل مرة، وفي أوقات كثيرة بسيناريوهات غريبة.
الجميع في كوت ديفوار اقتنع أن المنتخب يعاني من لعنة فعلا.
في عام 2006 ومع الجيل الذهبي بقيادة ديديه دروجبا ويايا توريه وباقي الأسماء، استطاع منتخب كوت ديفوار التأهل للنهائي لثاني مرة في تاريخه.
لكن أبناء المعلم حسن شحاتة كان لهم رأي آخر، وفازت مصر بالبطولة بركلات الترجيح.
عاد منتخب كوت ديفوار بعد عامين أقوى وذهب للمشاركة في أمم إفريقيا 2008 في غانا، كان المرشح الأول للفوز باللقب بكل تأكيد.
احزر ماذا حدث؟ انت تعرف بالفعل عزيز القارئ، حسن شحاتة كان ينتظرهم مرة أخرى ومعه رجاله أحمد حسن وحسني عبد ربه ووائل جمعة والحضري وزيدان ومتعب وأبو تريكة وباقي الصحبة الكريمة.
4 أهداف في نصف النهائي من منتخب مصر في شباك كوت ديفوار أنهت مشوار الأفيال في البطولة، وتوج الفراعنة باللقب للمرة الثانية على التوالي.
الاقتناع في اللعنة يزداد في كوت ديفوار.
عاد الأفيال في محاولة جديدة للفوز باللقب بعد عامين خلال أمم إفريقيا 2010 في أنجولا.
أسماء أقوى وفريق أقوى، وكالعادة هم المرشح الأول للفوز بالبطولة.
تخطى كوت ديفوار دور المجموعات بسهولة، وذهب لمواجهة الجزائر في ربع النهائي.
ولكن في الناحية الأخرى كان حسن شحاتة ورجاله في انتظار الفائز من المباراة، والترشحيات بالفعل تصب في صالح كوت ديفوار.
المباراة كانت عبارة عن هجوم من كوت ديفوار ودفاع ومرتدات من الجزائر، النتيجة تشير إلى التعادل 1-1 والدقيقة 89.
وبعد الكثير والكثير من المحاولات، نجح أخيرا الأفيال في تسجيل هدف التقدم وفي الدقيقة 89، دقائق أقل من القليلة وتنتهي المباراة ويتأهل منتخب كوت ديفوار لنصف النهائي ويلعب ضد مصر للمرة الثالثة على التوالي في أمم إفريقيا.
لكن ما حدث في الدقائق القليلة المقبلة لا يحدث إلا في الأفلام بسيناريو مكتوب مسبقا الغرض منه إبقاء المشاهد في حالة من الحماس والترقب والإثارة وعدم معرفة لما سيحدث.
الدقيقة الآن 90 وكوت ديفوار فائز بهدفين لهدف، بعد دقائق قليلة أصبحت النتيجة 3-2 لصالح الجزائر.
ما فعله محاربو الصحراء كان مثيرا للغاية عندما سجلوا هدفين في دقيقتين وانتهت المباراة في وقتها الأصلي بخسارة كوت ديفوار.
في هذه اللحظة تأكد كل شخص يحمل جنسية كوت ديفوار أن ما يحدث مع المنتخب هو لعنة حقيقية.
بعد عامين عاد منتخب كوت ديفوار لأمم إفريقيا في 2012 وهم يشعرون أن اللعنة انتهت، فقد فات 20 عاما عليها ومنذ أن فاز الأفيال باللقب الأول.
الكل يمني نفسه بالفوز بكأس الأمم، البطولة هذه المرة أسهل من السابق، معظم المنتخبات في فترة تجديد والأهم أن مصر لا تشارك في البطولة.
بالفعل وصل منتخب كوت ديفوار إلى النهائي في مواجهة زامبيا، ولكن المباراة لم تسر بالشكل الذي كان يتوقعه البعض.
وصل اللقاء إلى ركلات الترجيح، وفيها فازت زامبيا باللقب.
كانت لحظة فارقة في تاريخ كوت ديفوار. ديديه دروجبا اعتزل اللعب الدولي دون أن يحقق أي لقب مع منتخب بلاده.
وبعد سنة واحدة عاد الأفيال لكأس الأمم 2013 وودعها مبكرا من دور الثمانية أمام نيجيريا.
نهاية اللعنة
وفي بطولة 2015 نجح أخيرا منتخب كوت ديفوار في إنهاء أسطورة اللعنة عليه، والذي استمرت لمدة 23 سنة وفاز باللقب.
لكن الفوز أيضا كان غريبا وليس سهلا عندما وصلت المباراة النهائية ضد غانا إلى ركلات الترجيح وكل منتخب سدد 11 ركلة، ولكن النتيجة النهائية كانت لصالح الأفيال.
فاز المنتخب أخيرا باللقب الثاني لكأس الأمم الإفريقية، ولكن بدون دروجبا.
الشعب الإيفواري شعر أخيرا أن اللعنة زالت بعد 23 سنة من الإخفاقات.
الغريب في هذه المباراة أن أندريه أيو نجم غانا وقت ركلات الترجيح أظهرهت بعض اللقطات وهو يرش أشياء غريبة على المرمى، يقال إن هذا المسحوق رفات شخص متوفي.
لكن من الواضح أن السحر الذي أتى به أيو لم يكن كافيا لفوز غانا.
والأهم هو أن رغم تتويج كوت ديفوار باللقب إلا أن اللعنة كانت لا تزال تشغل تركيزهم، الأمر الذي دفع عضو اتحاد الكرة وقتها لقول: "لعنات السحرة أصبحت الآن غير قادرة على ملاحقتنا، ولذلك فزنا بالبطولة".