ملتزمة دينيا لكن غير موفقة في الحياة

منذ 1 سنة 367

ملتزمة دينيا لكن غير موفقة في الحياة


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/2/2023 ميلادي - 11/7/1444 هجري

الزيارات: 58



السؤال:

الملخص:

فتاة ملتزمة من الناحية الدينية، ترى أن أمورها غير ميسرة، ولا تسير كما تُحب، وتسأل: ما السبب؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يؤرقني التفكير منذ مدة ليست بالقصيرة عما يحدث معي من تعسير للأمور؛ فكثيرًا ما آخذ بالأسباب إلى الحد الذي أراه كافيًا - بعد توفيق من الله - للحصول على نتيجة مرضية، ثم أتوكل على الله سبحانه، وأخلص أمري من حولي وقوتي إلى حوله وقوته، ثم في النهاية أحصل على نتيجة سيئة جدًّا تحزنني وتكسر خاطري؛ مثلًا: منذ فترة درست لاختبار لمدة ثلاثة أسابيع أو أكثر، وأنا محتسبة الأجر عند الله، وموكلة أمري له، أسلوب دراستي ومذاكرتي كان كما أوصانا الأستاذ، وكما ذاكرت الفتيات معي في المدرسة، وفي الاختبار وعندما أمسكت الورقة، نسيت كل شيء درسته حرفيًّا، تبين لي حديثًا أنني رسبت في المادة، ولكني صدقًا أحسب نفسي أخذت بالأسباب وتوكلت على الله، من جانب آخر كل صديقاتي تقريبًا حصلن على علامات فوق ٩٠٪، وعندما اطلعت على الأسئلة بعد نهاية الاختبار، وجدتها يسيرة، واستطعت حلها بأكملها، لا أعلم لماذا تتعسر أموري هكذا، هذه ليست المرة الأولى، بل أظن أن كل سنة يحدث هذا معي، أبذل وأتعب طلبًا لغاية، ويكون أملي بالله شديدًا، وفي النهاية أرى من بذل أقل مني - أو بقدري - يحصل على أضعاف ما حصلت عليه، أنا – والحمد لله - ملتزمة دينيًّا، وأحاول دائمًا طاعة ربي، والتقرب إليه، وأُعطي للدراسة وقتًا وجهدًا أراه كافيًا بعد عون الله، وبالنظر إلى الفتيات اللاتي أخذن علامات كاملة، فلا أظن - لمعاشرتي لهن - أنهن متمسكات بالدين، ومهتمات لأمور التوكل، والأخذ بالأسباب، وأنهن قد بذلن جهدًا أعظم مما بذلتْهُ ابنتُكم هذه، حتى يكون بيننا هذا الفرق الشاسع في النتائج النهائية، فهل هذا من بغض الله وسخطه عليَّ - والعياذ بالله - أن ما يُيَسَّر لمن حولي يعَسَّر عليَّ؟ أم بسببٍ آخر أجهله؛ ولذا لا أستطيع التعامل معه؟ أريحوا بالنا، أراح الله بالكم، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فملخص مشكلتكِ هو:

1- تجتهدين في المذاكرة للاختبار مع التوكل على الله سبحانه، ثم إذا استلمتِ ورقة الأسئلة لم تستطيعي حلها، وإذا انتهى الاختبار، ونظرتِ في الأسئلة، وجدتِها سهلة جدًّا وعرفتِ حلها.

2- تستغربين من زميلاتكِ اللاتي لا يبذلن ما تبذلينه من المذاكرة، وهن أقل استقامة وتوكلًا منكِ، ومع ذلك يحصلن على درجات أكثر منكِ.

3- ثم تسألين: هل السبب بغض الله وسخطه عليك، أو سبب آخر تجهلينه؟

فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: لا تزكي نفسكِ، وتفقَّدي علاقتكِ بالله سبحانه؛ فقد تكونين وقعتِ في شيء من المعاصي لم تلقي له بالًا؛ مثل: العقوق، أو قطيعة الرحم، أو الظلم، فأراد الله لكِ خيرًا بتنبيهكِ إلى هذه الذنوب عن طريق تغير مستواكِ التحصيلي في الدرجات؛ ولذا أقول: أكثري من محاسبة النفس، والتوبة، والاستغفار؛ فقد قال الله سبحانه: ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165].

وقال عز وجل: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].

ثانيًا: اعلمي - وفقكِ الله - أن ما يُصيب المؤمن من بلاء، فهو لأحد الأسباب الآتية:

1- إما أن يكون بسبب ذنوبه كما ذكرت قبل قليل.

2- وإما أن يكون ابتلاءً وامتحانًا، وتقوية لإيمانه، ورفعًا لدرجاته في الآخرة.

3- وإما أن يكون بسبب خارجي؛ من حسد، أو سحر، أو مسٍّ شيطاني.

4- أو بسبب ظلم وقع فيه، فدعا عليه المظلوم.

ثالثًا: قد تكونين تكلمتِ أنتِ أو أهلكِ عند أحد من الناس عن نشاطكِ في المذاكرة، والحرص والدرجات العالية التي كنت تُحصلين عليها، فأصابوكِ بعين الحاسد، وهنا أقول: ارقي نفسكِ بنفسكِ بالرقية الشرعية، وليس بلازم أن تذهبي للرقاة؛ لوجود الشعوذة عند بعضهم.

رابعًا: استمري على ما أنتِ عليه من خير واستقامة؛ فالاستقامة كلها خير ونعمة عظيمة من الله سبحانه، ولا تأتي إلا بكل خير في الدنيا والآخرة، واسألي الله الثبات دائمًا أمام الفتن والمُغريات الزائفة.

خامسًا: احذري لا تتلاعب بكِ شياطين الجن والإنس، قائلين لكِ: ماذا حصَّلتِ من الاستقامة، وهؤلاء المفرطات أحسن منكِ في المستوى الدراسي؟

سادسًا: تذكري أن ما حصل لكِ قضاء وقدر؛ لِحِكَمٍ يعلمها الله سبحانه؛ قال عز وجل: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ﴾ [القمر: 49].

وقال سبحانه: ﴿ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [التغابن: 11].

قال علقمة: "هو من تصيبه المصيبة، فيعلم أنها مِنَ الله، فيصبر ويحتسب".

سابعًا: تذكري العلاجات الشرعية المهمة جدًّا جدًّا؛ وهي:

الدعاء.

الاستغفار.

الاسترجاع.

الصدقة.

الرقية.

ثامنًا: خذي درسًا للمستقبل، ولا تذكري ما حباكِ الله به من ذكاء وفطنة، واجتهاد وتفوق، لا تذكري ذلك كله في مجالس النساء؛ فإن الحسد عندهن كثير جدًّا.

تاسعًا: حافظي على أذكار الصباح والمساء، ودخول المنزل والخروج منه، وعموم الذكر، وتلاوة للقرآن؛ ففيها جميعًا حماية وتقوية للإيمان.

عاشرًا: لعلكِ تُذاكرين وأنتِ مضطربة من الخوف؛ لشدة حرصكِ وخوفكِ من نقص الدرجات؛ لأن الخوف الشديد يولد تشتت الذهن وضعف التركيز عند الاختبار، وكذلك السهر.

ولذا أوصيكِ بتركهما معًا، وابدئي مذاكرتكِ بتلاوة شيء من كتاب الله، ثم ادعي الله أن يوفقكِ لحسن المذاكرة والفهم، وابدئي المذاكرة بهدوء وتركيز، وليس بسرعة ينتج عنها إنهاء المنهج، مع ضعف الفهم والحفظ.

حفظكِ الله، ووفقكِ، وصرف عنكِ الشرور.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.