ماذا لو كنا في حلم؟

منذ 1 سنة 341

ماذا لو كنا في حلم؟


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/2/2023 ميلادي - 29/7/1444 هجري

الزيارات: 26



السؤال:

الملخص:

شاب أرهقه تصور معين يفسد عليه حياته؛ ألا وهو: ماذا لو كانت حياته كلها حلمًا؟ ويسأل: كيف يتخلص من هذه الفلسفة التي تفسد عليه حياته؟

التفاصيل:

أنا شاب عمري 17 سنة، كنت أعاني منذ شهرين من وساوس كثيرة، وأفكار مزعجة، لكني – والحمد لله - تخلصت منها كلها، لكن مشكلتي الآن أن هناك فلسفة تُفقِدني طعم حياتي، وهي كالآتي: ماذا لو كانت حياتي كلها مجرد حلم، وعندما أموت سوف أصحو من هذا الحلم؟ مع العلم أني طموح جدًّا، ولدي الكثير من الأهداف التي أريد تحقيقها هذه السنة، لكن هذه الفكرة تفسد عليَّ كل شيء، ولا أعرف كيف أردعها، أرجو توجيهكم، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

ففي الحقيقة ليس عندك مشكلة كبيرة، كل ما تعاني منه هو مجرد هواجس وخواطر فقط، وهذه الخواطر الغالب أنها من الشيطان للتشويش على فكرك، وتُردع هذه الخواطر بإذن الله بالآتي:

أولًا: العلم اليقيني بأن الله سبحانه خلقنا لتحقيق غاية عظمى؛ وهي توحيده وإخلاص العبادة له عز وجل، وذلك في أدلة كثيرة من القرآن والسنة النبوية؛ منها قول الله سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58].

قال ابن كثير رحمه الله: "ومعنى الآية أنه تعالى خلق العباد ليعبدوه وحده لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ورازقهم"؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].

ثانيًا: ولتحقيق هذه الغاية بعث الله الرسل ليدعو الناس للتوحيد وأمر بطاعتهم؛ قال عز وجل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 64].

ثالثًا: جعل الله دار الدنيا ابتلاءً وامتحانًا للناس يُمتحنون فيها بأنواع من الفتن والمصائب، ويمتحنون بالخير والشر، ويمتحنون بالمذاهب الباطلة التي من اتبعها كان من أصحاب جهنم؛ كما قال عز وجل: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35].

رابعًا: والموفق من وفقه الله لتجاوز هذه المحن إلى بر الأمان وذلك بالأمور الآتية:

١- صدق الإيمان بالله سبحانه وبرسوله صلى الله عليه وسلم.

وتحقيق المحبة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم تحقيقًا عمليًّا بتحقيق التوحيد لله سبحانه؛ فلا ندعو، ولا نصلي، ولا نذبح، ولا نستغيث إلا بالله تعالى؛ كما قال سبحانه: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162].

٢- بالمحافظة على الواجبات الشرعية واجتناب المعاصي.

٣- الدعاء سبب عظيم للتثبيت على الحق.

٤- العلم الشرعي النافع سبب عظيم للحماية من الفتن.

قال سبحانه: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28].

فكلما ازداد العلم الشرعي عند المؤمن، ازداد خشية لله عز وجل.

خامسًا: والخلاصة هي: إنك لست في حلم، بل في خبر يقيني؛ وهو أنك هنا مخلوق لطاعة الله عز وجل، وأنك إن حققت التوحيد ونقيته من شوائب الشرك، فستدخل جنة عرضها السماوات والأرض، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر؛ لقوله عز وجل: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾ [النساء: 57].

سادسًا: قد تكون أخطأت وهدرت جزءًا من وقتك الثمين في مطالعة كتب الفلسفة؛ فاحذر منها أشد الحذر.

حفظك الله ووقاك شر كتب الفلسفة وكتب الشرك والبدع والمذاهب الباطلة.

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.