الدراسة والاحتياج إلى المال

منذ 4 أيام 33

الدراسة والاحتياج إلى المال


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/11/2024 ميلادي - 29/5/1446 هجري

الزيارات: 32


السؤال:

الملخص:

فتاة حاصلة على ليسانس الحقوق، تعيش هي وأهلها في ضيق من المال، وهي في حيرة من أمرها، هل تعمل بشهادتها وتقبل براتب قليل، أو تكمل دراسة الماستر للحصول على وظيفة جيدة، أو تمتهن المحاماة، وتسأل: ما الرأي؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا فتاة في بداية العشرينيات، حصلت على شهادة الليسانس في الحقوق قبل شهر، ولكن هذه الشهادة لا تكفي لامتهان المحاماة، فيجب عليَّ دراسة عامين لأخذ شهادة الماستر، وهذا أيضًا ليس مضمونًا، كما أن هذا القطاع يتعامل بالواسطة والمعارف، ولا يقبل أي شخص إلا إذا كان لديه شخص يعمل في المجال، ولست واثقة من أن قريبي المحامي سوف يساعدني كما قال، عائلتي ليست ميسورة الحال، فتارة يكون لدينا طعام، وتارة لا يكون، أختي مقبلة على الزواج، والمال كله يذهب إليها ووظيفتها تُدِرُّ مالًا قليلًا، ثم إنني ابتُليت بمرض فقر الدم والقولون، وتساقط الشعر، ومشكلات جلدية، ومشكلات في أسناني وضروسي، وكل هذا أدى إلى اكتئابي، أما والدي، فقد كبِر في العمر، ولم يعُد قادرًا على الإنفاق عليَّ، ولا على دفع أجرة الطبيب، فلا أستطيع الذهاب إلى الطبيب، فهل عليَّ إيجاد وظيفة الآن بشهادة الليسانس التي لديَّ براتب قليل، أو أكمل دراستي في الماستر وأجد وظيفة جيدة بعدها، أو أمارس المحاماة؟ ما الخيار الأفضل لمثل حالتي؛ فأنا في حاجة ماسَّة إلى المال، وتعبت من حياتي؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين؛ سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم؛ أما بعد:

فقبل البدء بعرض بعض أسباب زيادة الرزق، أوَدُّ إعلامك أهمية الإيمان بالقضاء والقدر، وأن ما قدَّره الله لك من صحة ورزق وغيره قد علِمه الله عز وجل قبل خلق الزمان والمكان بخمسين ألف عام.

المهم قبل أن نبدأ بسرد أسباب الرزق، يجب أن نكون مؤمنين بأركان الإيمان الستة؛ لكي ندعو الله عز وجل فيستجيب لنا، فالمؤمن عليه أن يتعلم قبل أن يعمل؛ قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ ﴾ [محمد: 19].

وهذا يعني أن يتعلم الإنسان يقينًا أن لا معبودَ بحقٍّ إلا الله وحده لا شريك له؛ فالله عز وجل أمَرَ نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن يُعلِّم الناسَ التوحيدَ الصحيح، ومن أركانه الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.

هذه المقدمة فقط لتعرفي أن ما يُصيبكِ لم يكن ليخطئكِ، فما بك من مرض أو قلة مال، فهو مقدَّر من عند الله عز وجل، فنؤمن بما قدره الله لنا مع الأخذ بالأسباب؛ لذا أول خطوة ستقومين بفعلها هي تصحيح هذه المعلومة، والإيمان إيمانًا صادقًا بما قدَّره لكِ، وأن تصبري على ما ابتلاكِ الله به، وبعدها نبدأ بسرد الأسباب الموجبة للرزق:

1- الاستغفار والتوبة: قال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ﴾ [نوح: 10 - 12].

فرِزْقُكِ كتبه الله لكِ ولن يأخذه غيركِ، فالله عز وجل بعلمه الأزليِّ بيَّن في القرآن والسنة الأسباب التي تزيد من رزق الإنسان.

2- الإحسان إلى الضعفاء: جاء في حديث عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قال: ((رأى سعد أن له فضلًا من دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تُنصَرون وتُرزَقون إلا بضعفائكم؟))؛ [رواه البخاري، حديث رقم: 2896].

ونستدل من هذا الحديث أن الله عز وجل يرزقنا وينصرنا بسبب دعاء الضعفاء، فإن تصدقتِ لضعيف فقير مسكين، فسيكون سببًا للدعاء لكِ بالرزق.

3- الإنفاق في سبيل الله: قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ [سبأ: 39].

فالنفقة على المسكين واليتيم أو الضعيف وعد الله عز وجل بالخلف للمنفق، والله هو الرزاق ذو القوة المتين.

4- صلة الرحم: روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من سَرَّه أن يُبسَط له في رزقه، ويُنسأ له في أثَرِه، فَلْيَصِلْ رَحِمَه))؛ [رواه البخاري، حديث رقم: 2067]، والهدف من صلة الأرحام إدخال السرور على قلبهم، وإن كان هناك محتاج، أو ضعيف، أو من هو مهموم، فتُفرِّجين عن همِّهِ، تأكدي أنكِ ستجدين من عنده هموم أكثر منكِ، ولكن ليس بالضرورة معرفة هذه الهموم.

5- التقوى: قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

وها نحن مُقْدِمون على شهر التقوى والمغفرة، شهر الخير والبركات، هو شهر العتق من النيران، شهر العفو والرحمة، فيه ليلة خير من ألف شهر، فيها يفرق كل أمر حكيم.

فالتقوى هي مفتاح كل خير، فالتقوى كما قال ابن القيم رحمه الله حقيقتها العمل بطاعة الله إيمانًا واحتسابًا، أمرًا ونهيًا، فيفعل ما أمر الله به إيمانًا بالآمِرِ وتصديقًا بوعده، ويترك ما نهى الله إيمانًا بالناهي وخوفًا من وعيده؛ [كتاب الفوائد ص: 54].

فأنصحكِ بمدارسة هذه المفاهيم قبل دخول شهر رمضان المبارك، وبإذن الله تعالى يفرج الله همَّكِ، ويرزقكِ من حيث لا تحتسبين.

6- التوكل على الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكم توكلتم على الله حقَّ التوكل، لَرَزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا))؛ [أخرجه الترمذي: 2344]، والتوكل على الله والأخذ بالأسباب مستعينة بالله، وموقنة بأن الله بيده كل شيء، وأنه هو الذي يقدر الأشياء.

7- الإكثار من الأذكار خاصة: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير، والاستغفار، والتوبة والإنابة إلى الله.

أما بالنسبة للعمل، أو إكمال الدراسة، فعليكِ الاستخارة واختيار ما يناسب عملكِ لترتقي في السلم الوظيفي الخاص بالمحاماة، مع الدعاء بالتوفيق من عند الله، أما بالنسبة للمرض، فالشافي هو الله، شافاكِ الله وعافاكِ.

أما إذا رغبتِ في استجابة الدعاء، فعليكِ أن تحرصي على الدعاء بالأوقات التي حثَّنا عليها الرسول صلى الله عليه وسلم مع إخلاص النية لله، والخضوع لله، وأنصحكِ بأفضل الأوقات في الثلث الأخير من الليل مع ركعتي قيام الليل، والدعاء في السجود لله الواحد القهار، بغاية الخضوع والتذلل لله، مع البكاء بخشوع لله الواحد الأحد الفرد الصمد، مع الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وغيره من الأيام.

وفي حديث عن الطفيل بن كعب عن أبيه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل، قام فقال: يا أيها الناس، اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال أبي: قلت: يا رسول الله، إني أُكْثِرُ الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت، قال: قلت: الرُّبُع؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذًا تُكفى همَّك، ويُغفر ذنبك، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح))؛ [أبواب صفة القيامة والرقائق والورع (حديث رقم: 2457)].

عليكِ بالاستزادة من أدعية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تفرِّج الهمَّ، وتكشف الغمَّ، ويسر الله لكِ الدعاء، وفرَّج همَّكِ، وكشف كربكِ، وشفاكِ من دائكِ.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.